توقيع
فاتح عبدالسلام
اوروبا اعتادت علي موجات البرد، لكنها في هذه السنة تعلن ايدي الاستسلام لموجة تقتل في اسبوع أكثر من مائة وخمسين شخصاً وتهدد اسعار النفط بكسر حاجز السبعين دولاراً اذا تضافرت ازمات اخرى مع البرد كالملف النووي الايراني واحالته الي مجلس الأمن.
من الصعب ان أقرّب صورة البرد الشديد لذهن اي قارئ في العراق يتناول هذه السطور، حيث الشتاء العراقي قصير بالرغم من ان أيامه صارت (هذه الايام) دهوراً لشحة الوقود وغلائه. ولعلي أجد أقرب صورة وأوضحها في المقارنة بين برد أوروبا الزمهريري وطبائع السياسيين العراقيين ازاء الشعب. ومَنْ يظن ان موسم الانتخابات كان قادراً علي تسخين المشهد السياسي في العراق فهو واهم، لأنّ السخونة لامست أوكار السياسيين ودهاليزهم، ولكنها لم تحرك فيهم وتراً ساخناً واحداً للترفع عن مخاضات الضرب تحت الحزام في الليالي الحاكلة والعمل علي انقاذ البلد عبر حكومة تشفي غليل قوم مؤمنين. فعلائم الخلاف تسبق البدء في طريق مفاوضات تشكيل الوزارة.
عينا ا لسياسي العراقي مفتوحتان علي المنصب، ولو وضع عيناً علي الشعب وعيناً علي المنصب لحقق توازناً (توافقياً ائتلافياً) يمكن ان يتناسب مع المرحلة التي بات أي شيء يناسبها ولا يناسبها في آن واحد، لأن الأمور مختلطة الي حدّ الظلام الدامس.
الشعب يحترق انتظاراً للأمل، والقيادات تحترق طمعاً في المناصب.. غير ان البرد يزحف من اصقاع اوروبا نحو الشرق الأوسط وبلدنا.. ولن تقف في وجهه استعدادات وزارة نفطنا المشغولة بين الاقالة والاستقالة وما قيل وما يقال..
واذا كنّا قد صحونا آخر العالمين أو لم نصحُ بعد علي انفلونزا الطيور ونحن نحمل بيانات الشجب والاستنكار قبل ان نفهم خطورة المرض وتداعياته، فانَّ موجة البرد إذا قد تفتفت عظامنا في لمح البصر من دون اي تعقيب رسمي.
ثمة سؤال عارض: مَنْ يتدفأ بالآخر.. الشعب أم السياسي؟
التعليقات