أندرو بنسكومب - الاندبندنت

شرعت ادارة بوش بتبني دعاوى عدائية جديدة تستهدف السيطرة على الفضاء، رافضة اي معاهدات جديدة تسعى للحد من النشاطات الفضائية للولايات المتحدة، ومحذرة من انها ستعارض اي دول تحاول اعتراض طريقها. وتؤكد سياسة جديدة وضعها الرئيس جورج بوش مؤخراً ان لبلاده الحق باجراء ما شاءت من الأبحاث ومشاريع التطوير وأي quot;نشاطات اخرىquot; في الفضاء تعتبرها ضرورية لخدمة مصالحها القومية الخاصة.

وزيادة على ذلك، تحذر السياسة الجديدة من أن الولايات المتحدة ستتخذ الاجراءات الضرورية لحماية قدراتها الفضائية. وتضيف الوثيقة: quot;ان النشاطات الفضائية قد حسنت مستوى الحياة في الولايات المتحدة وحول العالم، معززة من الامن، وموفرة الحماية لحيوات الناس والبيئة، ومسرعة تدفق المعلومات التي تعتبر بمثابة المحرك للنمو الاقتصادي، ومحدثة ثورة في الطريقة التي ينظر من خلالها الناس الى عالمهم والعوالم الاخرىquot;. كما ان حرية العمل في الفضاء مماثل بالنسبة للولايات المتحدة لاهمية القوة الجوية والقوة البحرية.

تنظر هذه السياسة في بعض الاعتبارات إلى الفضاء على انه يكافئ quot;مبدأ بوشquot; الخاص بسياسة الامن القومي الذي كان الرئيس بوش قد حدده في كلمة له ألقاها في الاكاديمية العسكرية في ويست بوينت في حزيران - يونيو 2002.

في تلك المناسبة - ولاحقاً بشكل رسمي اكثر - قال السيد بوش ان السياسة الاميركية الجديدة ستولي عناية اكبر بالعمليات العسكرية الوقائية وأحادية الجانب. ويعتقد بعض الخبراء ان التوجيه الخاص بالفضاء والذي نشر قبل اكثر من اسبوعين، والذي أشار بالكاد الى دوائر التخصص الخارجية، انما يضع الولايات المتحدة على مسار جديد وخطير لأنه ينقل سياسة quot;مبدأ بوشquot; الى حلبة جديدة، ويرفض اي جهود تبذل على صعيد الحد من السلوكيات الراهنة للولايات المتحدة.

وكانت تريزا هيتشنز، مديرة مركز معلومات الدفاع الذي يتخذ من واشنطن مقراً له قد قالت quot;أعتقد بان القول بعدم وجود حدود لتنفيذ عملياتنا هو امر شديد الخطورة. انه يفترض ان لا احد يستطيع حظر حقوقنا، لكنه ينكر الحقوق على الآخرين في الوقت ذاتهquot;. واضافت quot;إنك تفكر باننا تعلمنا من دروسنا حول خطر العمل العسكري الوقائي واحادية الجانب في العراق، لكننا انما نكرر نفس السياسة فيما يتعلق بالفضاءquot;.

ينسج التوجه الجديد بهذا الصدد جزئياً على سياسة ادارة كلينتون بشأن الفضاء. غير ان البعض يعتقد بان خطابه الجديد المتشدد سوف يزيد من الشكوك الدولية بان الولايات المتحدة تسعى لتطوير ونشر اسلحة في الفضاء. وقال مايكل كريبون من مركز ستيمسون لصحيفة الواشنطن بوست quot;ان ادارة كلينتون قد فتحت الباب امام تطوير أسلحة فضائية، لكن تلك الادارة لم تفعل شيئا معينا حيال ذلك. لكن سياسة بوش تمضي قدما نحو ذلكquot;.

لقد كان موقف السيد بوش من الفضاء يعتبر دائماً اكثر طموحاً من موقف سلفه. وكان قد وضع في عام 2004 رؤية لاستئناف ارسال رواد فضاء الى القمر وحتى الى المريخ. وفي نفس السنة، نشر سلاح الجو التابع للولايات المتحدة خطة مثيرة للجدل على مستوى عال لوضع أسلحة في الفضاء وسط تكهنات بان اسلحة ليزر متقدمة ومركبات فضائية واسلحة متمركزة في الفضاء تطلق سهاماً تنجستيتية بزنة مائة كيلوغرام يجري تطويرها. وفي وقت سابق من هذه السنة كشف عن ان البنتاغون يسعى للحصول على مئات الملايين من الدولارات من الكونغرس لأجل اختبار وتطوير أسلحة فضائية.

وفي تلك الاجزاء من وثيقة السياسة الجديدة التي نشرت على الملأ، ليس هناك من ذكر معين لعملية تسليح الفضاء.

وهي تشير الى ان سياسة اولويات الولايات المتحدة تكمن في quot;تقوية امتلاك الامة للفضاءquot; وتمكين quot;العمليات الاميركية غير المعاقة في الفضاء وحوله من الدفاع عن مصالحنا هناكquot;. لكن هذه السياسة تدعي ايضا ان الامن القومي يعول quot;بشكل حاسمquot; على المقدرات الفضائية. ونتيجة لذلك، فانها تحث وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومدير الاستخبارات القومية جون نيغروبونتي على quot;تطوير ونشر قدرات فضائية تواكب التقدم الاميركي وتدعم التحولات في حقلي الدفاع والاستخباراتquot;.

في السنوات الاخيرة، كانت بعض الدول قد دعت الى اجراء محادثات لحظر انتشار الاسلحة في الفضاء. وحالياً، يظل انتشار أسلحة نووية او اسلحة اخرى من اسلحة الدمار الشامل أمراً محظوراً بموجب معاهدة الفضاء الخارجي للامم المتحدة لعام 1967م. وعندما تم طرح اقتراحات لحظر لتسليح الفضاء امام الامم المتحدة، تغيبت الولايات المتحدة على الدوام. لكنها صوتت في تشرين الاول العام المنصرم ضد قرار للامم المتحدة يدعو إلى حظر نشر الاسلحة في الفضاء.

وبشكل مشابه، قاومت الولايات المتحدة تكراراً أي جهود ترمي إلى اجراء مفاوضات حول موضوع حظر الاستبدال في الاسلحة من قبل مؤتمر نزع الاسلحة الذي يتخذ من جنيف مقراً له.

يقول واد يوسي من رابطة مراقبة الاسلحة ان لغة السياسة الفضائية الأميركية الجديدة هي quot;أكثر تشدداً بكثيرquot; من اي سياسة سابقة. واضاف quot;نعتقد بأن هذه الحساسية للمعاهدات ستكون ذات نتائج عكسية. وستكون الولايات المتحدة أكبر الخاسرين اذا كان هناك سباق للتسلح في الفضاء الخارجي على المدى البعيد. واذا ما وضعت الولايات المتحدة اسلحة في الفضاء، فان الدول الاخرى سترد بطريقة ماquot;.

وفي الاثناء قال ناطق بلسان مجلس الامن القومي في البيت الابيض في بيان له ان هذه السياسة ضرورية quot;لعكس حقيقة كون الفضاء قد أصبح عنصراً اكثر اهمية للامن الاقتصادي والقومي والداخلي الامريكيquot;.

جبهة الحرب الأخيرة:

* القمر

أعلن الرئيس بوش عن رؤيته لاكتشاف الفضاء في كانون الثاني - يناير 2004 داعياً بني البشر للعودة الى القمر مع نهاية العقد القادم. ومن المقرر ان يتم اطلاق اول موجة من الاستكشافات الروبوتية التي تعرف باسم مدارات الاستكشافات القمرية في عام 2008. وبالاضافة الى السعي للبحث عن مواضع للهبوط، فإن الاستكشافات ستقوم بالبحث عن جليد ماء وموارد اخرى. ووفق استطلاعات للرأى العام، فان المبادرة تحظى بدعم ثمانية وستين في المئة من الاميركيين.

* المريخ

بموجب رؤية الرئيس بوش لعام 2004، فان استكشاف القمر سيمهد الطريق امام سفر البشر الى المريخ وما وراءه. وكان مركب استكشاف المريخ quot;روفرquot; قد وصل الى الكوكب الاحمر يوم العاشر من آذار - مارس الماضي مجهزاً بأقوى تليسكوب على الإطلاق يتم نقله الى كوكب آخر.

* حرب النجوم

كانت ادارة كلينتون قد أحيت في عام 1999 فكرة quot;درع حرب النجومquot; الذي كان الرئيس الاسبق رونالد ريغان قد دشنه، والذي يتخذ من الفضاء مركزاً له ويقوم على وضع صواريخ مضادة للصواريخ في الفضاء، فيما اندفع البنتاغون نحو موقف عسكري هجومي اكثر في الفضاء وسط تحذيرات من ان كوريا الشمالية وايران والعراق تستطيع ان تحصل على أسلحة نووية، واصبح البرنامج يعرف باسم ابن quot;حروب النجومquot;. ويمكن ان تشتمل اسلحة الفضاء على اسلحة ليزر يكون بإمكانها ان تسكت الاقمار الاصطناعية المنافسة، إضافة إلى نشر أقمار اصطناعية quot;قاتلةquot; تستطيع ان quot;تخترقquot; الاقمار الاصطناعية الاخرى.

تدعو سياسة بوش الفضائية الجديدة الى خلق قدرات تتخذ من الفضاء مركزاً لها، وذلك لدعم أنظمة انذار ضد الصواريخ وإنشاء (دفاعات صاروخية مدمجة ومتعددة الطبقات)، والتي تستطيع تشكل الأرضية للعمل في مجال تسليح الفضاء.