السبت:04. 02. 2006

وليد جاسم الجاسم

وسط حالة التصاعد العالمي في نشر الرسومات المسيئة لشخص رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وامتداد النشر الى بقاع عدة في العالم ودول هامة جدا، استغربت امس تلك الدعوة التي اطلقها الشيخ يوسف القرضاوي والتي تحث على مقاطعة العالم اجمع ان لزم والعودة الى laquo;نخيلنا وتمورنا ولبنناraquo;!!
والواقع ان موجة الاستياء التي تهب اليوم في العالم الاسلامي وان كانت فيها عناصر ايجابية، اقلها ان نظهر للعالم مدى حرصنا على ديننا ورفضنا أي لمز أو تعرض لرموزه.. ولا سيما الرمز الاهم وهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. الا ان فيها جانبا كبيرا من انعدام الواقعية، بل ومخالفة النهج الاسلامي الذي نعرفه جميعا والذي يقوم على ان laquo;لا تزر وازرة وزر اخرىraquo;.
ولنتساءل: ماذا لو ان المسلمين قاطعوا جميع الدول التي تعيد نشر تلك الرسومات المسيئة؟.. وعدم الاكتفاء بمقاطعة الدنمارك؟
ماذا لو ان المسلمين قاطعوا أيضا ألمانيا وفرنسا واسبانيا والنرويج وايطاليا وهولندا وسويسرا.. ماذا لو ان دولا اخرى مثل استراليا ودول الأمريكتين الشمالية والجنوبية أعادت نشر الرسومات؟ وماذا لو أن دول المشرق الأقصى من اليابان وكوريا والصين وغيرها أعادت نشرها.. وماذا لو أن الهند أيضا أعادت نشرها..؟ ماذا سيحدث في تلك اللحظات؟ هل سنقاطع العالم أجمع.. ونعود كما افتى فضيلة الشيخ القرضاوي إلى laquo;تمرنا ونخيلنا ولبنناraquo;؟!
لا ندعو ـ معاذ الله ـ الى عدم الغيرة على ديننا.. ولا ندعو الى عدم الدفاع عن رسولنا.. ولكن جلّ ما نطلبه هو الاهتداء بديننا الذي يؤكد laquo;لا تزر وازرة وزر اخرىraquo;.. وان هناك تدرجا في العقاب وان التسامح وسمو الأخلاق من أهم ما يميزنا كمسلمين.
ان المقاطعة الإسلامية المفترضة لو امتدت الى دول العالم اجمع.. ستكشفنا أمام انفسنا قبل ان تكشفنا امام العالم.. وسنعرف فجأة ان هذا العالم الكبير كله يعمل وكله ينتج.. واننا لسنا الا عالة كبرى عليه.. نعيش على ما ينتجون ونأكل ما يزرعون ونشرب ما يعبئون.. ولا هم لنا الا ان نواصل العيش فيما عشناه قبل الف سنة.. وان العالم كله في مؤامرة كبرى ضدنا.. ينتظر سقوطنا.. ونحن لما ندرك بعد اننا بلغنا الدرك الاسفل من القيمة في الحياة.. متناسين ان العمل عبادة.. ولا خير في امة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع.

[email protected]