نكيولاس كريستوف - نيويورك تايمز
السؤال الصعب، لمن هم مثلي في عداد الذين عارضوا حرب أميركا في العراق ويبحثون عن جدول زمني، هو: ماذا لو انفجر الجحيم ؟
ماذا لو قاد انسحاب القوات الأميركية الى مذابح واسعة، والى حرب إقليمية بين السعودية وإيران، والى قتال الأكراد العرب والتركمان في كركوك، والى غزو تركي لكردستان، والى ذلك فمن حق المعارضين للانسحاب أن يتساءلوا : لماذا الدفاع عن انسحاب يمكن أن يقود الى حرب إبادة في العراق ؟
وأول جزئية شك تتجه لحزمة الرئيس بوش الذاهبة الى أن التعزيز مهم باعتباره أفضل طريق لتجنب زلزال أو طوفان، فالعراقيون أنفسهم لا يفكرون كذلك، بل وعلى العكس، فقد وصل استطلاع في الخريف الماضي الى أن 78% من العراقيين يعتقدون أن القوات الأميركية تثير العنف أكثر مما تمنع حدوثه، فيما قال استطلاع آخر لوزارة الخارجية الأميركية أوردته laquo;الواشنطن بوستraquo; إن ثلثي سكان بغداد تقريبا سيشعرون أنهم آمنون إذا بقيت القوات الأميركية العراق، ومن هنا فإذا كان هدفنا أن نتجنب شلال دماء كارثيا في العراق فمن الممكن القول إن تحقيق ذلك يكون بالرحيل أكثر مما يكون بالبقاء .
والنقطة الثانية أن حمام الدم يمكن أن يتوقف فقط إذا قدم القادة الشيعة بعض التنازلات للسنة، وأن من شأن وجودنا أن يقدم تسوية كتلك، فبمجرد أن نحدد وقتا نهائيا للرحيل، فسيفكر الشيعة في الهاوية التي تنتظر العراق بالنظر الى ساعاتهم، وذلك سيشجع على التحرك نحو تسوية سياسية. وفي كل الأحوال، فالأمور لن تعمل مع حالة رغبتنا في البقاء كمعادلة تفوق رغبة العراقيين في بقائنا.
إلى ذلك ليست الاستطلاعات وحدها التي أظهرت رغبة غامرة من العراقيين تريد من القوات الأميركية أن ترحل، ولكن القادة العراقيين أيضا قابلوا ببرود عملية بوش الجراحية، وقد قال لي نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي في دافوس الشهر الماضي: laquo;المشكلة ليست في قوات أكثر أو أقلraquo;. ومن هنا، وجب أن لا نرسل قواتنا الى العراق بطريقة تقود للأذى إلا إذا كانت تلك رغبة العراقيين، ولهذا، فإذا كنا نحن الذين نتلمس فرصة لإيقاف الدم في العراق، فقد حان الوقت لعودة جنودنا الى وطنهم.
وهناك خطوات قليلة أخرى بوسعنا أن نتخذها لتقليل فرص مذابح واسعة النطاق. وهنا يرى ديفيد شيفر، وهو سفير أميركي سابق معني بجرائم الحرب، أن وضع الحكومة العراقية على laquo;رقابة التعذيبraquo; يمكن أن ينذر القادة العراقيين بأنهم يمكن أن يحاكموا إذا ذبحت المليشيات الشيعية والبوليس العراقي السنة بدون عقوبة، ومن شأن ذلك أن يقود القادة العراقيين الى ضبط مليشياتهم .
ومن بعد، فهناك الدبلوماسية، وعلينا أن نحصل على مساعدة جيران العراق وخاصة إيران لدفع هدفنا ومصلحتنا العامة في عراق مستقر تماما كما حصلنا على تعاون من إيران قبل خمسة أعوام في إسقاط نظام طالبان والقاعدة في أفغانستان .
ولكننا، وبدل كل ذلك، نمضي في مسار للتصعيد. وقد قال لي مهدي إن المسؤولين الإيرانيين الاثنين اللذين اعتقلا أخيرا إنما كانا هناك بدعوة من الحكومة العراقية في محاولة لجلب الاستقرار .
والى ذلك ظللت أسأل الخبراء عن العواقب التي يرونها إذا بحثت أميركا ضرب المواقع النووية الإيرانية إذا بقي الرئيس بوش لعامين، فجاء الرد العام يقول بحوالي 30% إن ذلك ممكن له أن يحدث، في مقابل فرصة 20% أن تقوم اسرائيل بتلك المهمة، وإذا حدث ذلك، فستجعل إيران قواتنا في العراق تدفع ثمنا غاليا في العراق بل وفي أفغانستان .
وعلى ذكر أفغانستان، لفت تقرير لمجلس العلاقات الخارجية الى أن العراق يبدد موارد عديدة ستقود الى فشلنا في أفغانستان كذلك، محذرا ان العراق ممعن في التكلفة لحد يجعل من الصعب على أميركا مخاطبة ومواجهة الأولويات الأخرى. ويضيف : يمكن للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط والخليج أن تتقدم بفعالية إذا فرغت أميركا نفسها من العراق.. بل وأعلن التقرير: كلما عجلت أميركا في الإمساك بخيوط المأزق كان بوسعها أن تصلح الدمار الذي لحق بوضع أميركا العالمي، فالبقاء لفترة أطول يعني دمارا أكثر وبداية متأخرة للمعالجة .
وأخيرا، وفي نهاية المطاف، الإبادة في العراق واردة، ولكن ليست هناك كرة بلورية يمكن أن تكشف لأي أحد أن ذلك سيحدث إذا بقينا في العراق أو إذا رحلنا. ولكن الإبقاء على القوات في العراق ظل وبصورة متزايدة يزيد من مخاطر حمامات الدماء، ومن هنا، فأفضل طريق لتقليل ذلك الخطر، هو، ومن وجهة نظري، الإعلان عن جدول زمني للانسحاب، وأن نبدأ في نوع آخر من العلاج الدبلوماسي .
في المقابل، من الممكن لغالبية العراقيين أن يروا أننا جزء من المشكلة أكثر من كوننا جزءا من الحل، بما يعني أن انسحابا ممرحلا يمكن أن يدفع العراقيين من حافة الهاوية ويقلل من احتمالات الطوفان أو الزلزال.
التعليقات