الدوري يفضّل مؤتمراً في بغداد وآخرون يقترحون اليمن مكاناً لانعقاده ...


بغداد - ربيع الهاشم


نفى مسؤول في laquo;حزب البعث العربي الاشتراكي - القطر العراقيraquo; ما تردد من انباء عن فصل (150) عضواً من اعضائه بتهمة laquo;التآمر على الحزب والعمل على شق وحدتهraquo;، واصفاً الخبر بأنه laquo;غير صحيحraquo; و laquo;ليس سوى شائعةraquo;. الا ان المسؤول (الذي عرّف عن نفسه باسم laquo;الرفيق ابو أوسraquo;...) قال لـ laquo;الحياةraquo; بأن عدد الذين شملهم laquo;قرار التجميد هم اقل من ثلث العدد المذكورraquo; وraquo;ان قراراً بفصلهم من الحزب لم يصدر حتى الآن باستثناء واحد منهم فقطraquo; من دون ان يذكر اسمه، ويرجح ان يكون عضو القيادة القطرية محمد يونس الاحمد الذي تبنى مؤخراً، الدعوة الى laquo;عقد مؤتمر غير رسمي، ولا قانوني، للحزب في دمشق، معتمداً على بعض البعثيين الموجودين خارج العراق، وفي سورية تحديداً، لانتخاب قيادة قطرية جديدة خلفاً للقيادة التي كان يرأسها صدام حسينraquo;. وأكد laquo;ابو أوسraquo; ان قرارات اخرى بحق آخرين ممن وصفهم بـ laquo;المخالفين للنظام الداخلي للحزب، والمتحركين في اطار خطة اميركية لشق الحزب كانت خطوتها الاولى اغتيال الرئيس الشهيد صدام حسين لتمهيد الجو لهؤلاء للتحرك الحرraquo; ndash; على حد تعبيره. فما حقيقة ما جرى ويجري في هذا الشأن؟

lt; كما كان متوقعاً فإن إعدام الرئيس السابق صدام حسين فجر بعض المواقف داخل تنظيمات laquo;حزب البعثraquo; في العراق. واذا كان ما يعرف بـ laquo;قيادة قطر العراقraquo; التي لا يعرف من بين اعضائها، ممن هم خارج قبضة القوات الاميركية، سوى شخصين، هما: عزة ابراهيم الدوري، بوصفه نائباً لأمين سر القطر، ومحمد يونس الاحمد، عضو القيادة، اصدرت بياناً في اعقاب تنفيذ حكم الإعدام بصدام حسين أواخر السنة الماضية، بايعت فيه عزة الدوري في منصب laquo;أمين سر القطرraquo; خلفاً لصدام، داعية اعضاء الحزب وكوادره وانصاره الى الوحدة والتعاضد لتفويت الفرصة على من سماهم البيان بالاعداء، فإن ما اعقب ذلك حمل اكثر من اشارة الى ان ما كان متوقعاً قد وقع وهو الانشقاق الذي سينشط في اتجاهه بعض القياديين السابقين، مستبقين ما يجري التحضير له من قبل ما يوصف بـ laquo;القيادة الشرعيةraquo; لعقد مؤتمر عام للحزب لانتخاب قيادة جديدة تخلف القيادة السابقة. وتفيد معلومات رشحت عن أوساط سياسية عراقية قريبة من شخصيات بعثية ان laquo;اتصالات تجري بين قياديين في الحزب لعقد مؤتمر قطريraquo; لإعادة ترتيب laquo;اوضاع الحزب الداخليةraquo; بعد الضربة التي تلقاها جراء احتلال العراق، واعتقال معظم اعضاء قيادته وكوادره الاساسية. وتشير انباء الى انه تم ترشيح اليمن كمكان لعقد هذا المؤتمر حيث تقيم هناك بعض العناصر القيادية من الحزب. الا ان مصادر اخرى، وُصفت بالمطلعة، اشارت الى ان الدوري ndash; بوصفه اميناً عاماً حالياً للحزب - يصر على عقد المؤتمر القطري الجديد في الأراضي العراقية، مُرجحة ان يحصل ذلك ndash; اذا ما تم - في احد احياء العاصمة بغداد، او في منطقة قريبة منها حيث للحزب وجود كثيف فيها. وتشير هذه المصادر الى ان إصرار الدوري على عقد المؤتمر داخل العراق سيكون له اثر ايجابي كبير في اعضاء الحزب ومؤيديه، فضلاً عن كونه laquo;يمثل تحدياً لكل من سلطة الاحتلال وسلطة الحكومة العراقية الحاليةraquo; على حد قول هذه المصادر.


هل يعيد التاريخ نفسه؟

في هذه الاثناء أكد بيان اصدره laquo;حزب البعث في الاردنraquo; على التمسك بـ laquo;القيادة الشرعيةraquo; للحزب في العراق، ودعمه لها، لافتاً الى ان من يحاولون اليوم laquo;شق وحدة الحزبraquo;، في اشارة الى المؤتمر الذي عقدته مجموعة من البعثيين العراقيين المقيمين على الاراضي السورية، هم خونة، و laquo;مؤتمرهمraquo; laquo;انشقاقيraquo;. اما الذين يقفون وراءه فهم ndash; بحسب ما جاء في البيان - laquo;يمثلون اجندة سياسية خارجية تفوح منها رائحة المحتلraquo; الذي اكد البيان انه laquo;فشل حتى الآن في النيل من وحدة البعث وموقفه، فذهب للاستعانة ببعض الاسماء المشبوهةraquo; ndash; وهي التسمية ذاتها التي اطلقت اواخر العام 1963 على من اعتبروا خارجين على الحزب في اعقاب ما جرى في laquo;المؤتمر القومي السادسraquo; الذي عقد، يومها في دمشق، وتبنى منطلقات فكرية جديدة اعتبرت، يومها اكثر قرباً من laquo;الفكر اليساري - القوميraquo;، وعرفت ضمن ادبيات الحزب بـ laquo;المنطلقات النظريةraquo;.


وقد تمخض ذلك الانشقاق يومها عن laquo;عاصفتينraquo;، كانت الاولى في العراق، حيث اطيح بحكم laquo;البعثraquo; على يد عبد السلام عارف ومجموعة من العسكريين، بينهم بعثيون، وذلك في انقلاب 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 1963، والثانية هي حركة 23 شباط (فبراير) 1966 في سورية، حيث أمسك laquo;المنشقونraquo; بالسلطة بقيادة صلاح جديد.

وقد برز من بين الاسماء الداعية الى laquo;مؤتمر دمشقraquo; الجــــديد ثلاثة هــــم: محمد يونس الاحمد، العضو في قــــيادة قطر العراق ايام حكم صدام، والعضــــو القيادي مزهـــر عواد، وغزوان الكبيسي، ومعهم (90) عضواً من اصل (300) عضو من اعضاء الحزب كانت الدعوة قد وجهت اليهم ليكونوا اعضاء في المؤتمر الذي رعته laquo;القيادة السوريةraquo;. laquo;والهدف منه هو laquo;انتخاب قيادة قطرية جــــديدة للحزب في العراق، ترتبط بالقيادة القومية في سوريةraquo;، معيدة laquo;وحدة الحزب الذي ظــــل طيلة اكثر من اربعة عـــــقود موزعاً بين قيادتين قومــــيتين، احداهما في العراق والاخرى في سوريةraquo;، كما جاء على لســـان أحد الذين حضروا المؤتمر الذي اكد ndash; معتذراً عن ذكر اســــمه، ان القضية هي laquo;البحث عن وحدة الحزب وليست انشقاقاًraquo;.

الا ان بيانات حملت اسم laquo;البعثraquo; ممثلاً بقياداته القطرية في كل من العراق واليمن والاردن، على وجه التحديد، حمّلت الجانب السوري مسؤولية الدفع بهذا الاتجاه. كما صدر بيان عن laquo;القيادة القوميةraquo; التي تمثل هذه الاطراف، جاء فيه: laquo;ان مؤتمراً كهذا يجب ان تتم الدعوة اليه بالطرق القانونية، وليس بتمرد فردي على المؤسسة الحزبية، ولا تحت رعاية نظامraquo; وصفه البيان بأنه laquo;معاد للحزب، كما يعرف الجميعraquo;، مضيفاً laquo;ان مجرد احتضان النظام السوري لهذه الدعوة يؤكد انها جزء من مؤامرة الاحتلال لتصفية رمز العراق ضد الاحتلال، وهو الحزب، ودمجه بالنظام السوريraquo;، الذي وصفه البيان بأنه laquo;الحليف الطبيعي للنظام الصفوي في طهرانraquo;.


المتسائلون... والمعترضون

وتتجه الأنظار في هذا الوقت الى اكثر من laquo;فصيل بعثيraquo; من المتضررين من laquo;قيادة صدام للحزبraquo;، ومنهم عدد غير قليل من laquo;القيادات الوسطىraquo; في الحزب، من الذين وصفوا بـ laquo;المتخاذلينraquo;، وجرت عملية فصلهم في شكل جماعي، والتشهير بهم في اوساط الحزب كونهم لم يتطوعوا للقتال الى جانب القوات المسلحة العراقية في الحرب مع ايران، وظلوا، منذ اوائل ثمانينات القرن الماضي وحتى سقوط النظام في نيسان (ابريل) 2003 خارج تنظيمات الحزب، وبعيداً عن مواقع المسؤولية في الدولة.

كذلك هناك أعداد اخرى من laquo;البعثيينraquo; تم فصلهم من الحزب في أعقاب اعتقال العضو البارز في القيادتين القومية والقطرية عبد الخالق السامرائي في العام 1973، واتهامه بالتآمر على الحزب. ثم ما اعقب اعدامه وعدداً من القياديين الآخرين في اعقاب تسلم صدام مقاليد السلطة في تموز (يوليو) عام 1979، خلفاً للرئيس احمد حسن البكر. فضلاً عن اعداد من العسكريين، بينهم قادة ميدانيون برتب عسكرية عالية، تم عزلهم عن الخدمة في القوات المسلحة - وهؤلاء جميعاً يشكلون laquo;قوة عدديةraquo; لا يستهان بها، حاول قسم منهم ان يشكل laquo;تنظيماً بعثياًraquo; بعد الاحتلال يطالب بعقد laquo;مؤتمر قطريraquo; للحزب يتم فيه نقد القيادة السابقة وانتخاب قيادة قطرية جديدة بديلاً عنها، لأن القيادة السابقة - بحسب رأي هذا التنظيم - laquo;لم تعد صالحة لقيادة الحزب بعد كل ما ارتكبت من اخطاء ادت الى تراجع دور الحزب الفكري والعقائدي في الحياة السياسية العراقيةraquo;. وشددوا على laquo;تبني نهج جديد في الرؤية والعمل الحزبيين، وفتح ابواب الحوار مع القوى القومية الأخرى على الساحة السياسية العراقية والتي لها موقف واضح من الاحتلالraquo;.

هذا من جانب، ومن جانب آخر كانت هناك اعداد كبيرة من الحزبيين الذين ظلوا في اتصال مع الحياة الحزبية، وبينهم اسماء معروفة على مستوى الحزب، لها laquo;اعتراضاتها غير المعلنة على نطاق واسعraquo; على laquo;نهج صدامraquo; في قيادة الحزب وتوجيه مساره الفكري والتنظيمي، وهم يجدون اليوم الفرصة مؤاتية للإعلان عن مواقفهم وابداء آرائهم داخل اي مؤتمر للحزب يعقد قريباً، والسؤال هنا عن مدى قناعتهم (او ترحيبهم) بانشقاق الحزب (كالذي جرى في مؤتمر دمشق)، ام انهم يفضلون ان يتم ذلك بصيغة شرعية، لأن مطالبهم تنحصر بإصلاح اوضاع الحزب الداخلية؟

ثم - وهذا جانب آخر مهم - ان لحزب البعث تنظيمين، وقيادتين قوميتين واحدة في العراق والثانية في سورية، وكان المحللون السياسيون يطلقون على اتباع قيادة العراق تسمية laquo;التنظيم العراقيraquo;، وعلى اتباع القيادة السورية laquo;التنظيم السوريraquo; ndash; ولا تزال الحال قائمة في تنظيمات laquo;البعثraquo; في مختلف الاقطار، عربية وغربية، التي للحزب تنظيمات فيها. والسؤال هنا: ماذا سيكون موقف هذه التنظيمات، بشقيها العراقي والسوري، بعد سقوط النظام في العراق والموقف السوري الراهن الذي بدأ laquo;حركة تقاربraquo; واضحة مع laquo;الوضع القائمraquo; في بغداد والحكومة العراقية، والتي هي، بحسب البعثيين بجميع اطرافهم، laquo;سلطة احتلال تنفّذ اجندة المحتلraquo;.


الموقف من laquo;عملية المصالحةraquo;

هذا كله يتزامن مع حديث laquo;المصالحة الوطنيةraquo; التي طرحت مشروعها laquo;حكومة المالكيraquo;، والتي تخضع اليوم لتجاذبات اطراف غير متوافقة على المبادئ الاساسية، ففي الوقت الذي تطرح فيه حكومة بوش، مع بعض الاطراف الوطنية الداخلة في العملية السياسية، ضرورة دخول جميع الاطراف في laquo;عملية المصالحةraquo; هذه، ما يستدعي الغاء او تعليق laquo;قانون اجتثاث البعثraquo;، تتجه اطراف اخرى (من الائتلاف الحاكم ndash; باستثناء حزب الفضيلة) والأوساط الحاكمة ذاتها، نحو استبعاد laquo;البعثraquo; من العملية وترى فيه laquo;حزباً محظوراًraquo; بموجب قرار الحاكم المدني الاميركي بول بريمر، الذي قضى بحله، كما حل الجيش العراقي وقوى الامن، مسلماً البلد للفوضى ولنفوذ الميليشيات المسلحة وقوات الاحتلال، الامر الذي يدعو بعض laquo;الاطراف المعتدلةraquo; المنضوية في العملية السياسية الحالية الى التساؤل: laquo;المصالحة مع من اذا كنا نستثني منها اكبر واوسع تنظيم سياسي وفكريraquo;، في اشارة الى laquo;حزب البعث؟raquo;، داعين الى اعادة النظر في المواقف المتشددة التي يرى أصحابها في laquo;البعثraquo; و laquo;البعثيينraquo; عدوهم الأول والأكبر.