الجمعة 16 مارس 2007

رونالد براونشتاين ـ واشنطن بوست

خلال السنوات الست المضطربة التي أمضاها بوش في البيت الأبيض، أثبت المرة تلو الأخرى أنه رئيس يستجيب لمنطق القوة فقط وليس للإقناع... وأنه إذا ما امتلك القوة لتنفيذ ما يراه لا يتردد في تنفيذه، بصرف النظر عما إذا كان هناك إجماع على ذلك الشيء أم لا.
للتدليل على ذلك يكفينا في هذا السياق أن نتذكر، على سبيل المثال لا الحصر، قراره بإطاحة صدام حسين من الحكم، حتى بعد إخفاقه في الحصول على قرار ثانٍ من مجلس الأمن الدولي يفوض الولايات المتحدة غزو العراق... وأن نتذكر قراره بداية العام الجاري بزيادة أعداد القوات الأميركية في العراق على رغم معارضة الشعب الأميركي لذلك القرار، وعلى رغم اعتراض quot;الديمقراطيينquot; وأقلية معتبرة من quot;الجمهوريينquot; وquot;مجموعة دراسة العراقquot; المكونة من أعضاء من الحزبين وبعض الجهات داخل quot;البنتاجونquot;.
هذان مثالان ضمن أمثلة كثيرة تثبت أن بوش عندما تكون لديه القدرة على الحركة، فإنه يتحرك غير عابئ بشيء. ومع ذلك فإنه يقوم أحياناً بتغيير مساره، لكنه لا يفعل ذلك إلا عندما تتضارب المصالح، ويتعذر عليه السير في طريق ما إلى نهايته، ومن أمثلة ذلك قراره إلغاء ترشيح مستشارته بالبيت الأبيض quot;هاريت ئي مايرزquot; للمحكمة العليا، عندما تمرد quot;الجمهوريونquot; ضده وعارضوا تعيينها.
هذه الخلفية مهمة لفهم أبعاد المواجهة المتصاعدة بين بوش وبين الكونجرس بمجلسيه حول العراق، خصوصاً بعد أن قدم quot;الديمقراطيونquot; مقترحات تقوم على تحديد جدول زمني للانسحاب الأميركي من بلاد الرافدين، على أن يكون ذلك مقترناً بالتحسن في أداء الحكومة العراقية في مجال الأمن خاصة، وهي اقتراحات يجد بوش نفسه مضطراً إلى النظر فيها على رغم عدم اقتناعه بها، خصوصاً على ضوء الاتهامات الموجهة له من quot;الديمقراطيينquot; بالإصرار على موقفه رغم خطئه وعدم تغييره إلا عندما لا يصبح أمامه أي بديل آخر.
ينبغي علينا هنا أن نؤكد أن تلك الاقتراحات المقدمة من quot;الديمقراطيينquot;، وعلى رغم وجاهتها، إلا أنها ذات أهمية ثانوية لأنه لا توجد فرصة كما يقول المراقبون أمام quot;الديمقراطيينquot; في الكونجرس لإرغام بوش على تنفيذها في المستقبل المنظور على الأقل.
بيد أنه يمكن لـquot;الديمقراطيينquot; مع ذلك أن يضغطوا على بوش في ناحية التمويل، وذلك برفض تقديم المخصصات الإضافية التي يطالب بها لتمويل مشروعه بزيادة أعداد القوات في العراق حتى تتمكن من بسط الأمن ومواجهة التمرد.
ويقول بعض quot;الديمقراطيينquot; المخضرمين في الكونجرس إنهم سيواصلون ضغطهم على بوش في جميع الأحوال، من خلال طرح الموضوعات التي يختلفون فيها مع إدارته للتصويت والاستمرار في هذه الآلية حتى تتم خلخلة موقفه وإجباره على تغيير مساره والبحث عن بدائل لسياسته الحالية في العراق.
وعلى رغم أن بوش وquot;الجمهوريينquot; في الكونجرس، لديهم القدرة على تعطيل اقتراحات quot;الديمقراطيينquot;، والحيلولة دون تمريرها وتحولها إلى قوانين ملزمة، فإن الثمن الذي سيدفعونه لذلك سيكون باهظاً، وقد يزداد ارتفاعه مع الأيام حيث يمكن أن يجد الرئيس نفسه، نتيجة لذلك، معزولاً بشكل متزايد نتيجة لأن أعداداً متزايدة من الأميركيين سينظرون إلى الأعضاء quot;الجمهوريينquot; في الكونجرس على أنهم رجال يدافعون عن حرب لا تلقى قبولاً شعبياً، علاوة على أن تلك المحاولات من جانب quot;الجمهوريينquot; يمكن أن تزج بالبلاد في فترة من السجال الحزبي الحاد الذي يعتبر صفة مؤكدة للفشل والإقصاء ولزيادة الفجوة.
قد يتمكن بوش من كسب المناوشات الحزبية الحالية، لكن لو أن هناك رئيساً أكثر حصافة وبراعة مكانه، لكان قد استبق تلك المناوشات في الأصل وحال دون حدوثها، وذلك من خلال الاستماع إلى الأصوات التي تقترح عليه حلولاً للخروج من تلك الحرب الدامية والمكلفة، التي تساهم في تمزيق كل من العراق وأميركا في آن معاً.