علينا البدء من الآن في إعداد ألفين أو ثلاثة يستطيعون حكم مصر بعد 20 عاماً
لا يجب خلط الدين بالسياسة.. والدولة الدينية عواقبها خطيرة علي الوحدة الوطنية في مصر
مشروع أمريكا الحقيقي في المنطقة ليس الحروب إنما السيطرة علي النفط
بوش وبن لادن وجهان لعملة واحدة.. وليس كل المسيحيين سيخوضون حرباً صليبية ضد الإسلام
الغرب يسيء إلي ديانته المسيحية لدرجة البهدلة .. فهل نستطيع منعه من الإساءة للأديان الأخري؟!
الحرية لها ثمن يجب أن تدفعه مصر.. ولو الشعب المصري يتمرن فينا علي ممارسة الحرية فليكن ذلك
لكي نسترجع قيم الماضي نحتاج إلي أربعين عاماً نربي فيها الناس تربية صحيحة
من حق المعارضة أن ترفض التعديلات الدستورية
الأقباط منسحبون من الحياة السياسية وعليهم الدخول فيها
أمريكا وبريطانيا وفرنسا يحاربون الإرهاب من خارج أوطانهم إنما نحن نحاربه داخل الوطن
لم أقل إن السنة النبوية فيها خزعبلات
لا أسمح بالكتابات الإلحادية في وزارة الثقافة
الإسلام هو دين الحق والحياة المطلقة

القاهرة - عبد الحميد غانم


فاروق حسني وزير الثقافة المصري قبل أن يكون وزيراً فهو مثقف شامل ومتحدث لبق تجاوز مسألة الوزير فهو كما قال عن نفسه مندوب الثقافة في مجلس الوزراء ويعتلي كرسيه من باب الهواية وليس الوجاهة السياسية فهو مكلف والتكليف تشريف وواجب لخدمة الشعب وقضاياه.

هذا الرجل تعرض علي مدار سنوات طويلة لسيول من الاتهامات والنقد والهجوم عليه والتجريح الشخصي الذي وصل درجة التكفير السياسي لكنه بقي كما هو صلباً يدافع عن وجهة نظره ورؤيته ويدافع عن حرية الرأي والتعبير ويطالب بالحرية المطلقة. يمكن ان نختلف معه حول ما يطرحه وننتقد سياساته فنقد السياسات متعة وحق ديمقراطي.

وفي حواره مع الراية تحدث الوزير في الدين والثقافة والأدب والسياسة ومختلف الأفكار والقضايا المطروحة من زاوية المثقف الشامل. وقال في حواره إن مصر هي الأم الثقافية للعالم العربي وأنها تتغير الي الأفضل لكن الحركات والتيارات الدينية من وجهة نظره تقف عائقا أمام الإصلاح والتغيير. وأضاف: انه علينا قراءة خريطة العالم العربي والاسلامي بشكل صحيح لكي نضع الحلول الصحيحة لأن العالم العربي كله عليه علامة استفهام كبيرة مؤكداً أن الحركة الابداعية في صعود وهبوط مستمر وأن الشعب المصري يعيش لحظات فارقة من تاريخه مشيراً الي ان بوش في حربه علي الارهاب سلك نفس الطريق الذي يسلكه بن لادن.

والي نص الحوار.

كيف تقيم لنا الوضع الحالي في مصر علي كافة الأصعدة؟

- أولاً نحن نعيش لحظات فارقة من تاريخنا سواء علي مستوي العملية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية والعلمية وهذه المستويات جميعها تشكل الكيان الذي تقوم عليه أي دولة ولو تحدثنا عن كيان مصر العام من خلال تاريخ طويل سنجد ان في مصر دائماً تقوم حركة سياسية كبيرة ومعارضة ضخمة جداً ثم تركن ثم تقوم مرة أخري وهكذا وباختصار شديد هذا يعني أن مصر علي مدار عمرها وتاريخها دولة جربت كل الظروف بحلوها ومرها وفي النهاية بقيت مصر ولو نظرنا الي فترات تاريخية بعينها سنجد أن مصر قد تراجعت تماماً لكن بقي الشعب المصري.

وبالتالي هناك زخم سياسي واقتصادي واجتماعي وهذا معناه أن هناك تراكماً لهذا الزخم التاريخي نستخدمه لكي نصل في النهاية الي مرحلة النضج العام وهذا هو ما نرجوه ونترقبه وبطبيعة الحال لا توجد حالة اتفاق عام بنسبة 100% حول السياسات فلابد ان تكون هناك معارضة وهناك نظام وحكومة.

لكن هل مصر تتغير فعلاً؟

- بالطبع مصر تتغير وهنا أود ان أشير الي شيء مهم جداً وهو ان هذا التغير لن يتم في يوم وليلة ولكن أي تغيير يعطي ملامح رئيسية وهامة لابد ان نتمسك بها وبالتالي أري ان أي تغيير لصالح المجتمع أياً كان قدره لابد ان نتمسك به حتي ولو كان 1% أو 2% أو 10% أما ان نقول ان الاصلاح يسير ببطء ولا نشعر بالتغيير فهذا أمر غير منطقي وحتي لو كان التغيير بنسبة 100% فهو لن يرضي المعارضة أيضاً وسيكون لها رؤية أخري وبالتالي نحن نري ان هناك تغييرا سياسيا في مصر وهذه حقيقة واضحة من خلال التعديلات الدستورية والقوانين الجديدة التي تصب كلها في مصلحة الشعب المصري وبناء عليه سيكون هناك تغيير اقتصادي سيؤدي الي تغيير اجتماعي وعلي كل الأصعدة ولكن أنا هنا حتي أكون واقعياً لا أري الدنيا لونها ورديا أو متفائلا بنسبة 100% لكن علي الأقل أنا متفائل بنسبة 60% وهذه نسبة كبيرة صحيح ما زالت هناك 40% لكنني أحلم بالوصول إليها وهو ما يجعلني متفائلا بالمستقبل للغاية لأن 60% نسبة كبيرة في تغيير الدول والشعوب.

لكن هناك حالة بطالة واقتصادا منهارا وحالة فساد كبيرة وبطئاً في حركة الاصلاح السياسي والديمقراطي وهذا يعكس حالة تشاؤم وليس تفاؤلا؟

- أولاً: لا نستطيع القول ان النظام الاقتصادي لدينا فاشل، ثانياً: عندما نأتي اليوم وننفذ برنامج الخصخصة ليستقيم كيانا اقتصاديا كامل وتستبدل نظام اقتصادي بآخر لابد ان يحدث نوع من النقد والمعارضة وبالتالي عندما تهدم شيئا لكي تقيم بناء جديداً يتماشي مع العصر والمتغيرات الداخلية والخارجية لابد ان تكون هناك معارضة لكن في نفس الوقت لابد ان نضع في اعتبارنا انه طالما هناك إصلاح وتغيير لابد ان يكون هناك هدم للقديم وإقامة بناء سياسي واقتصادي واجتماعي جديد يواكب متغيرات العصر الذي نعيشه وبالتالي أيضاً عندما أنظر لعملية الاصلاح والتغيير لابد ان أقيمها بموضوعية وشفافية ولا أهاجمها بداعٍ وبدون وعي وأقول ان عملية الاصلاح كلها تخريب في تخريب وضياع وعلينا ان نعطي كل شيء حقه من الوقت ولكنني أعرف المصريين يريدون ويحبذون السرعة الشديدة جداً في عملية الاصلاح والتغيير وبالتالي الاستعجال في التغيير يهدم المعبد كله علي رؤوس الجميع.

لكن رسالة الإصلاح لم تصل بعد والمواطن في حاجة للشعور بالتغيير؟

- نعم لكن أنا وأنت مع التغيير ومع الوجود الأمثل لأشياء عظيمة يتمناها كل مصري وبطبيعة الحال فنحن جميعاً شخصنا حالة الشعب المصري ونعلم نسبة الفقراء ونسبة المتعلمين ونسبة الأميين ونسبة الأغنياء فيه وهذا التشخيص وتحديد النسب لكل طبقة من طبقات الشعب المصري تستطيع من خلاله حساب كل الأمور وتحديد الأولويات والمشروعات وبناء المدارس والمستشفيات والمصانع والمؤسسات وبالتالي ما أريد قوله هنا ان كل مواطن له حساباته والمعارضة لها حساباتها والدولة لها حساباتها ولكن كل واحد يري هذه الحسابات من وجهة نظره وحسب رؤيته ولكن هنا أيضاً من الذي يري ويشاهد علي الطبيعة ويقوم بحساب كل شيء بدقة لكي يعمل في النهاية لصالح الشعب وتقدمه بالطبع هي الدولة لأن رؤيتها أعم وأشمل من أي تيار سياسي لانها تستهدف الشعب المصري كله دون تمييز.

لكن من المؤكد أنك تريد حرية وديمقراطية كاملة كمثقف وكمواطن؟

- نعم هذا صحيح وهذا حق كل مواطن لكن في المقابل هل تعتقد أن القدر الموجود اليوم من الحرية لا يكفي؟! واسألني أنا في هذا الأمر فأنا أهاجم وأنتقد علي صفحات الجرائد وفي البرلمان وفي كل المنابر وعندما أقول سأترك موقعي لكي أعطي الفرصة ليجدوا البديل الأحسن وأنا أقول لك الذي أشعره بصدق وإيمان ولكن أنا موجود في موقعي للبناء وبالتالي الاستعجال في الاصلاح والتغيير لا يأتي مع شعب مختلف الثقافات والاتجاهات ومختلف حتي في العقائد، أولاً مختلف في العقيدة كمسيحيين ومسلمين ومختلف في العقيدة حتي بين المسلمين بعضهم البعض ثم تأتي فجأة وتريد إصلاحاً وتغييرا سريعا هنا لابد اولاً أن تجري تشخيصاً للحالة لكي تستطيع ان تعطي جرعات الادوية اللازمة للمراحل واليوم لديك إشكال كبير بين الأقلية والأكثرية إشكال حتي بين مسلمين ومسلمين إشكال بين ناس تريد إقامة دولة دينية جماعة الاخوان المسلمين وناس أخري ضد الدولة الدينية وعندما تأتي اليوم لاتخاذ قرار حاسم لمعالجة كل هذه الامور لابد ان يتسم هذا القرار بالحكمة والعقلانية والاحساس بالمسؤولية.

لكن التعديلات الدستورية الجديدة وهي خطوة تقول الحكومة انها من خطوات الاصلاح لا تلبي طموحات ومطالب الشعب المصري بدليل ان المعارضة رفضتها وقاطعتها.. فما رأيك؟

- هذا حقها ترفض أو تقبل فالمعارضة لكي تكون معارضة لابد ان تعارض وهل نريد من المعارضة ونوابها في مجلس الشعب ان توافق علي كل شيء فكيف تكون معارضة إذن؟ وكيف يكون عملها بعد ذلك؟!.

لابد ان تفهم ان المعارض لن يكون في يوم من الأيام موافقاً علي كل شيء والا يضيع كل شيء وبالتالي لابد ان يكون هناك معارض ولا بد ايضاً ان يكون هناك موافق حتي يكون هناك توازن في القرارات.

لكن هؤلاء لا يعارضون من أجل المعارضة فقط بل هناك اختلاف حول قضايا جوهرية معينة مثلاً المادة 179 وقانون الارهاب الجديد وهو البديل لحالة الطواريء يتعارض مع التزامات مصر الدولية فيما يتعلق بحقوق الانسان وكذلك إلغاء المادة 88 الخاصة بالإشراف القضائي علي العملية الانتخابية؟

- أريد هنا أولاً أن أتساءل: هل الظروف في مصر مثل الظروف في فرنسا وانجلترا وأمريكا، ثانياً: وهذا هو الأهم هل أنت تريد ان تكون مثلهم؟ إذا كانت الاجابة هنا بنعم وهي كذلك إذن عليك ان تبحث كيف ولماذا؟ لا بد أن تفكر في كيفية الوصول الي ما وصلوا إليه من تقدم وازدهار فمثلاً عندما أنظر لهذه الدول أجد لها قوانينها وتربيتها الاجتماعية التي تسير وفق ظروف محددة ومعينة سواء كانت في فرنسا أو انجلترا أو أمريكا وانظر اليهم هم يحاربون الارهاب من خارج حدودهم انما نحن نحاربه داخل الوطن.

ولماذا لا تكون الحريات العامة وحقوق الانسان أسمي من كل شيء حتي الدستور نفسه؟

- أنا معك ولسنا مختلفين في ذلك فالحرية شيء سام جداً وأنا أطالب بالحرية المطلقة ومثل أي إنسان يطالب بالديمقراطية والحرية المطلقة ولكن السؤال هنا: ما هي هذه الحرية المطلقة؟ هل هي انك تتملك، انك تعيش ويكون لك حقك في الحياة وأن تقول رأيك وان تشعر بالامان والاستقرار وأن تشعر انك مؤمن تماماً بكل المعايير وأنا هنا موافق ان هناك أشياء ناقصة في البلد فلا يوجد شيء كامل بنسبة 100% وبالتالي لا أستطيع ان أقول ان كل المصريين مؤمنون بنسبة 100% ضد الفقر والامراض والامية والحريات العامة لذلك أقترح وجود هيئة أو لجنة وزارية ينضم إليها مجموعات من خارج الحكومة لهم رؤي ومعرفة بطبائع الأمور لمساعدة المسؤولين علي ان تكون هذه المجموعات متنوعة سياسية واقتصادية واجتماعية وتكون وظيفتها رؤية الوطن ومشاكله بشكل محدد وتضع الحلول هنا الامر سيختلف فمثلاً: لماذا لا يفعل دور الاقباط في الحياة السياسية؟ لابد من تفعيله حيث أنني أري ان الأقباط منسحبون من الحياة السياسية رغم أنهم جزء هام جداً من الوطن وبالتالي لابد ان يشاركوا بقوة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهنا الامور ستتغير بشكل ملحوظ.

وكيف نفعل ثقافة المواطنة؟

- هذا ما كنت أريد قوله فالأقباط عندما يتواجدون علي الساحة السياسية ويشاركون فيها ويتفاعلون معها ويكون لهم تأثير فيها تأكد أنهم لابد أن يصلوا الي كل ما يريدونه داخل الوطن وهنا لا يجوز ان تقول انهم يناضلون في أوروبا وأمريكا ويريدون الوصول لكل شيء هذا أمر مرفوض تماماً فالذي يريد ان يناضل، يناضل داخل البلد أما نضال الخارج فهو نضال الضعفاء إنما هنا داخل الوطن فهذا نضال الأقوياء وبالتالي يجب ان يفعل الأقباط من أنفسهم ودورهم ويشاركون في الحياة السياسية يا أخي الاخوان المسلمين يفعِّلون دورهم رغم ان حجمهم أقل من الأقباط.

لكن هناك من أقباط المهجر من يهاجم مصر؟

- هذه هي الحرية التي نطالب بها والحر الذي يتكلم ويتهكم علينا في الخارج يجد من يرد عليه هنا في الداخل ويقارعه الحجة بالحجة وبشكل مقنع وهناك خطط لمواجهة ذلك وبالتالي علينا ان ننظر ونري (مصر رايحة علي فين) وكذلك القوة الشعبية التي تؤثر فيها وبالتالي يجب ان يكون لدينا خطة قومية تماثل الخطط التي تحدد الشارع السياسي واتجاهاته.

إذن الحرية لها ثمن لابد ان تدفعه مصر؟

- نعم فالحرية لها ثمن يجب ان تدفعه مصر وهنا أريد ان أقول شيئا مهما وهو عندما عدت الي مصر وتوليت مسؤولية وزارة الثقافة لم تكن الحريات التي كانت موجودة في ذلك الوقت بالشكل الموجود الآن ولو كان الشعب المصري يتمرن فينا علي كيفية الانتقال الي الحرية فليكن ذلك.

ومع هذا هناك مخاوف واسعة من انقضاض محتمل علي هذه الحقوق وحرية الصحافة والتعبير؟

- أنا لا أعتقد ان هناك شخصا واحدا في النظام من أول الرئيس مبارك الي أصغر مسؤول يضع الصحافة في رأسه علي أنها هي العدو الاول فلا يمكن ان أتخيل هذا وأنا أقول لك هذا من خلال حواراتي مع الرئيس مبارك فهو يقول لنا دائماً من يهاجَم في الصحافة عليه الرد وبالتالي لا يمكن إطلاقاً ان تعطي الحرية لشخص ما ثم تأتي بعد ذلك وتسحبها منه وأنا أطمئن كل الصحفيين ان لا أحد في النظام يتمني ان يحرم أي صحفي من حريته.

لكن نقد السياسات حق ديمقراطي؟

- أتفق معك في هذا لان نقد السياسات من أمتع ما يمكن فأنا لا يمكن ان أستمتع إلا عندما يكون المحاور صاحب فكر آخر يغاير فكري فهذا يعطيك حوارا عظيما ورائعا إنما ان نتبادل السباب والشتائم والاتهامات علي غير أساس فهنا يكون الكلام لأننا جميعاً سيان أمام القانون وأيضاً أمام الحرية.

وهل نحن نفتقد الي ثقافة الاختلاف في بلادنا؟

- نعم هذه هي الحقيقة وللأسف ضاعت منا فترة طويلة جداً فنحن نتذكر فترة الثلاثينيات والاربعينيات كنا نقرأ ونطلع وإذا قرأنا تاريخ هذه الفترة جيداً سنجد انه كانت هناك ثقافة ورقي الاختلاف وقوة الحجة والهدف النبيل الا وهو مصر ولا يوجد عندي أدني شك مثلاً ان كل حزب من الاحزاب الموجودة علي الساحة له الحق ان يشعر انه القائد في يوم من الايام وأن يتولي السلطة فهذه هي الديمقراطية وعندما كنا نسترجع التاريخ في هذه الفترة التي كان فيها تداول السلطة وشعور كل حزب بأحقيته في القيادة نكون شغوفين جداً وفي حالة من الوجد والعاطفة وتمني العودة لها بنفس الظروف والاستقرار.

إذن أنت تري هنا ان هناك خللا ثقافيا وسياسيا وإعلاميا فضلاً عن أن عمليات التمويه الحكومية وغير الحكومية الداخلية والخارجية فرضت حجابا علي العقل علي الجميع رجالاً ونساء؟

- أريد أن أقول شيئا مهما وهو ان هناك فترة طويلة جداً من الزمن مرت ضاع فيها الساسة القدامي في المجتمع وعندما نتحدث عن هذا الزمن الجميل وكيف كانت تربية الساسة القدامي وظروفهم تجدها أفضل من اليوم فالآن هناك تباين كبير جداً أولاً في التعليم وفي التربية وفي الحياة نفسها وكذلك في التغير الاجتماعي وفي الغني والفقير وما بينهما من تفاوت هذه الامور لا تتشابه مع هذا العصر وهذا الزمن القديم ولكي تسترجع فترة الثلاثينيات والاربعينيات وتسترجع هذه القيم وهذا الزخم التاريخي الجميل تحتاج الي فترة زمنية لا تقل عن 30 أو 40 سنة لكي نربي الناس تربية صحيحة ليس بالضرورة تربية القيادة السياسية بل تربية الناس في المدارس وفي الشارع وكيفية إحترامه وتربيتهم علي التعامل مع الحياة العامة والمشاركة والممارسة السياسية ولك ان تري اليوم علي سبيل المثال الحياة العامة تجد من يقول لا توجد حرية.. فيه فوضي وليست حرية فلا أحد يسير في الطريق ويحترم آدابه بالشكل المطلوب ولا أحد يحترم حرية الآخر ولا حتي القوانين لا في أعمال البناء والهدم وكل ما هو متصل بذلك وبعد كل هذا تقول لي ما فيش حرية لا فيه فوضي يا أستاذ.

ولماذا الخوف من (تعريه) المثقف كما هو الحال في الغرب بمعني انتقاده؟

- لأن هناك فرق تربية وفرق تعليم لأن التربية الصحيحة والتعليم الصحيح هو كيان الانسان الاساسي.

ولماذا لا نصل الي مستوي هؤلاء؟

- بعد كل الذي سردته لك لابد أولاً من وضع خط عميق جداً علي الماضي وتبدأ من جديد من اليوم وتبدأ من فكرة ان هناك شيئاً ما خطأ في هذا المجتمع يستلزم وضع أسس وقواعد وبناء جديد ننتظره بعد 20 سنة وعندما تبدأ من اليوم لابد ان تضع في اعتبارك الآتي: أنا أريد كم شخص يحكموا مصر بعد 20 سنة ألف أو ألفين إذن نبدأ من الآن لكي نحصل علي ألفين أو ثلاثة آلاف يستطيعون حكم مصر بمعني ان الطفل الذي كان عنده 5 سنوات أصبح عنده 25 سنة أي أنك ستأخذ في هذا الوقت خلال العشرين سنة إنسانا تربويا وتعليميا عاليا جداً وبالتالي لابد ان تبدأ من اليوم بخطة وتأخذ من الطبيعة أي تزرع في الانسان المصري نوعية معينة من التربية ونوعية معينة من السلوك ستجد أنك بعد فترة معينة ستحصل علي إنسان صالح.

أنت من الذين يرفضون الخلط بين الدين والسياسة أو حتي صياغة الافكار بمسحة دينية لكنك في الفترة الاخيرة بدأت تتحدث في الدين تارة عن الحجاب وتارة أخري عن السنة النبوية وقلت أن السنة فيها خزعبلات وهو ما أثار جدلاً واسعاً وهجوما عنيفا ضدك؟

- أولاً أنا لم أقل ان السنة فيها خزعبلات هذا لم يصدر عني إطلاقاً لأن السنة هي من الرسول صلي الله عليه وسلم إنما أنا أتحدث عن بعض الدعاة الذين يتحدثون في الدين وهم غير مؤهلين في ذلك فهذه هي الخزعبلات لكن ان يتم تحريف كلامي في هذا الشأن فهذه ليست مسؤوليتي وأنا أقول لك هذا الآن وهو علي مسؤوليتي حتي تكون الأمور واضحة في هذا الأمر.

لكن لماذا التخوف من صعود الاسلاميين الي السلطة أو البرلمان رغم ان ذلك يتم عبر آلية الانتخابات؟

- أولاً ما معني صعودالاسلاميين؟ انا أريد ان أفهم ذلك ولكن ما أريد قوله هنا ان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لو كان موجوداً بيننا اليوم لكان أعطانا معني الاسلامي الحقيقي وتعاليمه السمحاء ففترة 1400 سنة علي وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم فترة زمنية كبيرة جداً وانا بالطبع لا أتحدث عن العلماء الاجلاء فهم الحكم في هذا الصدد وأمور الفتوي لكن انا اتحدث عن كل إنسان رأي في نفسه أنه يريد الشهرة والمال والوجاهة يتجه الي الحديث في الدين وإصدار الفتاوي دون أن يملك شيئا من علم أو كفاءة وبالتالي أصبح هناك عدم تفسير أمين لأمور الدين من غير العلماء والمؤهلين لذلك اليوم هناك من يتصيد هذا الكلام ويطوعه لتحقيق أغراضه وأهدافه السياسية وغير السياسية ( يقصد جماعة الاخوان والحركات الراديكالية ) لكن الدين دين والوطن وطن ولا يجب خلط الامور وخلط الدين بالسياسة ولماذا الخلط أصلاً؟ السياسة قذرة بطبيعتها والدين نقي جداً فلماذا تخلط هذا بذاك ما نبعد الدين عن السياسة ونترك السياسة للسياسيين يعملون تحت التربيزة أو فوقها انما الدين واضح وجلي وعظيم وهذا هو الذي أطالب به.

ولماذا لا نقنن وضع هذا التيار الاسلامي؟

- لا لا لا تقنين لتيار محظور ثم ان الاسلام فلسفة ودين لكي يعلمك العلاقة بينك وبين الله سبحانه وتعالي وهذا أمر ليس فيه جدال أو نقاش أما ماتراه وتشاهده اليوم من هذا التيار الذي يسمي نفسه إسلاميا أمر مختلف تماماً لا يتفق وصحيح الدين الاسلامي وسوف أعطيك مثالا بسيطا علي ذلك فعندما تسير علي الطريق الصحراوي أو الزراعي في طريقك الي الاسكندرية أو السويس أو أي طريق والمفروض ان هذا الطريق أنشئ لكي يؤمن سلامتك عن طريق العلامات الارشادية والمرورية لكن أن أمتهن حياة الآخرين فهذا أمر ربنا سبحانه وتعالي سيحاسبني عليه وهنا اعطيني عقلك فعندما أسير علي هذه الطرق لا أجد العلامات المرورية الارشادية التي تؤمن سلامتي وحياتي علي هذا الطريق وأجدها قد نزعت ووضع مكانها لافتة كتب عليها: سبحان الله وجميع أسماء الله الحسني طبعاً كلنا مسلمين ونقول سبحان الله ونتذكر الله في كل وقت لكن هل من الدين أن تنزع العلامات المرورية الارشادية وتضع مكانها كلاما آخر؟ طيب لمين يا أستاذ ومين اللي عمل ده وبفلوس مين التي صرفت علي هذا طبعاً إنت فاهم بفلوس من ومن الذي قام بها ( يقصد التيار الاسلامي والاخوان ) وبالتالي الدولة أنفقت علي الطرق لكي تؤمن حياة البشر وليس تدميرها وبالتالي أيضاً ان لكل زمن قيمته في الاشياء فالصلاة يجب ان يكون لها مكانها المقدس والمحترم وشعائر الصلاة ولابد أن تشعر فعلاً وأنت تؤدي صلاتك أنك فعلاً بين يدي الله وتشعر بالشفافية والروحانية المطلقة لانك تريد توصيل ما بداخلك لله سبحانه وتعالي فلماذا تخلط هذا بذاك وباسم الله (يقصد خلط السياسة بالدين ) فأنت تفعل كل شيء وتقول أنه باسم الدين تتحدث في السياسة باسم الدين وهكذا أيضاً عندما تدخل الاسانسير في العمارة التي تسكن فيها تجد مكتوبا علي المرآة بكاملها عبارة لا تنس ذكر الله إذن من الذي كتبها ووضعها وماهو هدفه؟ فهذا أسلوب سييء وغير طبيعي لأنك في هذه الحالة تمتهن أشياء مقدسة وعندما تقول له لماذا تفعل ذلك؟ يرد عليك ويقول لك: (يا أخي دا كلام ربنا طبعاً) كلام ربنا علي رؤوسنا من فوق لكن في نفس الوقت لا تنسي ان الله سبحانه وتعالي خلقنا في الأرض لكي نقيم فيها العدل والمساواة ونقيم فيها الجمال والقيم لا ان نمتهن هذه القيم والاخلاقيات.

ألا يمكن استنساخ النموذج التركي باعتباره أوجد الاسلاميين في السلطة لكن وفقاً لأسس علمانية؟

- أنا أريد ان أسأل سؤالا.. لماذا نقحم الدين في السياسة ثم أنت تتحدث عن دولة كلها مسلمين لكن أنت في مصر لديك جزء كبير جداً من الاقباط ولهم حقوق المواطنة والحريات الكاملة وانت منذ قليل حدثتني علي انه لابد ان يحصل المواطن المصري علي الحرية المطلقة مثل الخارج إذن في هذه الحالة لابد ان تقف مع حرية وحقوق الانسان وان تضع في اعتبارك ان لديك جزءا ضخما جداً وهم الاقباط يشاركك في هذه الارض وفي هذه البنية وفي الاقتصاد وحتي توفير فرص العمل للمصريين منهم من هو مسلم ومنهم من هو قبطي.

الإساءة الي الأديان تثير الفتن وتشعل الصراعات كيف تنظر الي هذا الأمر؟

- أنا لا أعتقد أن الدين الاسلامي يمكن أن تهزه أي اتهامات وأي إساءات او كلام من هنا أو من هناك فلسنا خائفين علي الدين ان يضيع منا لانه دين الله ولا خوف عليه وبالتالي يجب الا يكون بداخلنا كل هذا الهلع والخوف لأن هذا معناه ان الدين مزعزع بداخلنا لكن إذا نظرت وتابعت وشاهدت ورصدت كل ما يدور حولك وفي العالم تجد أن الدين الاسلامي في ازدياد وكل يوم يدخله أناس جدد من الشرق والغرب ونجده كل يوم يزداد قوة وعزة وكرامة وعلي المسلمين ان يعوا ذلك تماماً لان الدين الاسلامي هو دين الحق والرفعة ودين الحياة المطلقة وبالتالي لابد ان ننظر الي ذلك من هذه الزاوية وننشأ ونتربي عليه وعلي قيمه ومبادئه السمحاء وهنا أود أن أشير الي ان الغرب في الخارج وأوروبا هم يسيئون الي دينهم (يقصد المسيحية) لدرجة البهدلة وانظر كيف عملوا أفلاماً عن المسيح الي آخره وإذا كانوا هم يسيئون الي دينهم فهل نستطيع أن نمنعهم عن الإساءة لأديان الآخرين؟!! ومع ذلك فنحن نحمي ديننا الاسلامي منهم بشكل قوي وفعال جداً وهم الان بيعملوا لنا ألف حساب.

لكن هل هناك صدام حضارات أم صراع مصالح؟

- بالطبع هو صراع مصالح ولكن كلمة أو مصطلح صدام حضارات جاءت عندما حدثت تفجيرات 11 سبتمبر 2001 وبدأ كل الإرهابيين في جميع أنحاء الارض استهداف المدنيين والابرياء الذين لا دخل لهم بالسياسة أو بأي شيء من هذا القبيل من هنا بدأت إشارات ورسائل وأشياء كثيرة جداً تصلنا مفادها يقول ان هذا صراع حضارات وهذا معناه ان هؤلاء الناس لم يرسلوا لنا بهذه الرسائل والاشارات لم يتربوا تربية صحيحة ولم يتعلوا التعليم الصحيح الذي يجنبهم الاساءة لحضارات الآخرين ولكن نحن تربينا وتعلمنا بشكل صحيح وسليم وهذا ما نريد توصيله لهم.

لكن هناك من يقول ولديه أسانيده ومبرراته في ذلك ان ما يجري الآن هو صراع حضارات بدليل وصف الرئيس الامريكي بوش الابن منذ شهور قليلة الاسلام بالفاشية وقبلها عندما أعلن الحرب علي أفغانستان..

وعقب أحداث 11سبتمبر 2001 قال انها حرب صليبية مقدسة علي الاسلام فضلاً عن الاساءات الغربية المتكررة للاسلام والتهكم علي الرسول صلي الله عليه وسلم وعلي رموز المسلمين والآن اسرائيل تواصل أعمال الحفر بجوار المسجد الأقصي وصولاً الي هدمه؟

- هذا أمر طبيعي جداً فعندما تهاجم أمريكا في 11 سبتمبر ويقال ان اسامة بن لادن باسم الاسلام قام بتنفيذ هذه الاحداث بالطبع سيرد عليه بوش بأسم المسيحية والصليب وهنا يجب ان نري النتائج كيف تكون... فهذا فرد وذاك فرد اذن اذا كان بن لادن فرد لا يعبر إلا عن نفسه واذا كان بوش فرد واذا كان الاثنان يتحدثان بهذه الطريقة إذن الاثنان مثل بعضهما البعض....
وبالتالي لا فرق هنا بين بن لادن وجورج بوش أي هما وجهان لعملة واحدة وبالتالي كل واحد منهما يعبر عن رأيه ولكن علينا ألا ننظر الي الشعوب المؤمنة انها هي الأخري ستحارب بعضها البعض أو كل المسيحيين سيخوضون حربا صليبية ضد الاسلام أو كل المسلمين سيخوضون حربا إسلامية ضد المسيحية فهذا كلام يقال من أجل التخويف الآني..

وهل يمكن ان تتعايش هذه الحضارات في مشروع نهضة واحد رغم احتلال العراق وفلسطين وافغانستان وتهديد ايران و لعب كبير في دارفور ولبنان وتهديد سوريا وإثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية تارة بين السنة والشيعة وأخري بين المسلمين والمسيحيين واتباع سياسة القوة والهيمنة ضد العالم العربي والاسلامي ونهب ثرواته؟!

- أمريكا طبعاً لها هيمنه وتسيطر علي المنطقة وبالطبع لها مشروع في المنطقة وهذا المشروع من وجهة نظري هو السيطرة علي منابع الطاقة والنفط وليس الحروب وبقدر ما هي تريد ان تسيطر علي منابع النفط بقدر ما هي تريد منع الآخرين من الحصول علي الطاقة والآن كل دولة في العالم تحاول تقوية نفسها بشدة ولو امريكا لم تستطع السيطرة علي منابع الطاقة في العالم كله فهناك قوي أخري وهذه رؤية الاستراتيجية الامريكية ستخرج الي النور وتسيطر هي علي الطاقة في العالم وهذا معناه تهديداً لأمنها القومي أياً كانت قوتها ولو قامت حرب ضدها يمكن ان تنقطع لأمريكا يد او قدم او تهتز هيبتها وقوتها أمام العالم اذاً ماذا تفعل لدرء هذا الخطر؟ هو ان تسيطر علي كل منابع الطاقة في العالم لأن النفط هو الذي يدير حركة المصانع والشركات والطائرات وكل شيء وبالتالي هي تريد حرمان العالم من هذه الطاقة لتعطل دولاب العمل والتقدم لديك لأن لدي الدول الأخري صناعة ومؤسسات وشركات وبالتالي ما أريد توضيحه هنا: نعم امريكا ستظل تحارب وتخوض الحروب تلو الأخري للسيطرة علي النفط وفي منطقتنا علي وجه التحديد.. لأن الطاقة موجودة في يدها وسواء كان هذا لسوء او لحسن الحظ فهل هناك دول أخري لا يوجد فيها بترول تجد فيها صراعات؟! إطلاقاً اذن هي تتجه أي امريكا الي كل منابع النفط للسيطرة عليه وبالتالي السيطرة والهيمنة علي العالم كله.

وهل حربها علي أفغانستان من أجل الطاقة؟

- بالطبع ولعبها في دارفور وفي أي مكان هو من أجل الطاقة..

إذن حالة الضعف والوهن التي نعيشها الآن هي التي أدت الي استباحة هذه الأمة وانتهاك حقوقها علي قارعة الشرعية الدولية؟

- الضعف والوهن يأس ونحن عضو في العالم العربي وعندما يمرض عضو تتداعي له بقية الأعضاء بالسهر والحمي وللأسف الشديد ليس عضواً واحداً فقط في العالم العربي هو المريض لكن مجموعة الأعضاء في العالم العربي كلها مريضة والسبب انه ليست هناك سياسة موحدة في العالم العربي فنحن حتي الآن لم نستطع ان نتوحد علي المستوي الاقتصادي بإقامة السوق العربية المشتركة رغم ان لدينا قدرات اقتصادية ضخمة جداً يمكن ان تجعل من العالم العربي قوة عالمية ثالثة. ولكن للأسف لم نستغل هذه الثروة والقدرات الضخمة وتسخيرها لصالح قضايانا وهنا أود أن أشير الي فترة الرئيس جمال عبد الناصر فعندما دشن مشروع القومية العربية هو هنا تحدث عن القومية كفكرة سياسية..

وهي بالطبع فكرة عظيمة وجبارة ترتكن الي أساس وهو انه أدرك ان العرب يملكون قوة اقتصادية هائلة إذن بالتالي يكون لديهم قوة سياسية تسير جنباً الي جنب مع القوة الاقتصادية لتجابه أمريكا والاتحاد السوفيتي وأوربا كقوة رابعة في العالم وهي العرب وهذه كانت نظرة ورؤية جمال عبد الناصر ان يجعل من العرب قوة رابعة في العالم تناطح امريكا والاتحاد السوفيتي وأوربا وبالتالي مشروع عبد الناصر خرج الي النور وكان هناك من يحب عبد الناصر ومشروعه وآخر لا يحبه وآخر يحب القومية العربية وآخر يكرهها ومات عبدالناصر وماتت معه فكرة القومية العربية واليوم لا يوجد عبدالناصر وبدلاً من ان يأتي أحد غيره ويتولي تنفيذ مشروعه ويطبقه.. ونحن لا نقول من الناحية السياسية حتي لا يخاف أي رئيس او ملك علي موقعه.. بل نركز علي المستوي الاقتصادي، فكان يمكن الاندماج في وحدة اقتصادية عربية لكن بكل أسف هناك من جاء بعد ذلك وسرق الفكرة وحولها الي وحدة إسلامية ولذلك تجد في العالم العربي والاسلامي حركات راديكالية غريبة تريد ان تستحوذ علي مشروع جمال عبدالناصر حتي تكون هناك الوحدة والقوة الإسلامية التي تسيطر علي كل شيء.

وبالتالي علينا ان ننتبه لذلك وان نصعد الي أعلي جداً للغاية لنري الخريطة العربية مكتملة امامنا، لتشاهد البقع وتري الظروف التي يعيشها العالم العربي ومن يتعدي علي حقوق من ومن يتصارع مع من وهذا التصارع كيف يكون؟... واليوم أنت تتحدث عن دولة اسلامية ولديك صراع شيعي وسني وصراع شيعي وهابي اذن من الذي يتضرر من هذا الصراع؟! طبعاً نحن العرب والمسلمين وبالتالي ما أريد قوله هنا هو انه لابد من قراءة خريطة العالم العربي بشكل صحيح لكي نضع الحلول لكل مشاكلنا وقضايانا بشكل صحيح ايضاً...

لكن هناك قطاعا كبيرا وعريضا جداً من النخبة يؤمن بالديمقراطية وقطاعا آخر لا يؤمن بها؟

- نعم هذا صحيح فهذه هي التربية وهذا هو الميراث... الذي كنت أتحدث عنه فلابد ان نتمرس جميعاً علي عملية الخطاب الديمقراطي، وهذا الأمر يحتاج الي ان تتغير الناس في كل شيء.

وهل التفكير السياسي والديني والمعنوي أقرب طريق بين المتسلطين؟

- نعم.. طبعاً.. عندما تريد ان تشد او تأخذ المجتمع الي اتجاه معين وخصوصاً اذا كان هذا المجتمع اسلاميا فوراً تجد من يخرج عليك ويكفرك واذا مثلاً قلت يجب ألا يتحدث في الدين وإصدار الفتوي الشرعية سوي العلماء الأجلاء المؤهلين لذلك تجد الذين يتحدثون في الدين بغير علم فقط لمجرد الشهرة والمال ويخرجون عليك ويكفروك وإذا مثلاً تحدثت في قضية معينة من منطلق إبداء الرأي كقضية الحجاب او الزواج او الطلاق مثلاً تجد من يخرج عليك ويهاجمك ويكيل لك السباب والشتائم ويقول لك يا نهار أسود أنت تكفر المجتمع وهذا هو الغريب في الأمر ان ينقلك الي أمر خطير ليس له علاقة بصلب الموضوع او القضية التي تتحدث عنها ثم نتبادل الاتهامات بيننا بالكفر انت تكفرني وأنا أكفرك وهنا تكمن المصيبة الكبري ولذلك فهذه خطورة ما تتحدث عنه ألا وهي الدولة الدينية او ما يريدون انشاء الدولة الدينية تكفر من تكفر وتؤمن بمن تؤمن والمسألة في هذه الحالة تكون فظيعة وعواقبها خطيرة جداً علي وحدتنا الوطنية لأنه يوجد لديك قانون مدني ونظام سياسي مدني يسير أمور الدولة والدين هنا يجب ألا نلوثه بهذه الأفكار التكفيرية!.

اذن ماذا يحدث لو تم تمكين التيار الاسلامي؟

- مستحيل طبعاً وأنا لا أعتقد ذلك مطلقاً لسبب جوهري ألا وهو: أن مصر دولة مليئة بالتناقضات والتجاذبات والطوائف وبالتالي صعب إقامة الدولة الدينية رغم ان هذا الأمر حلم دولي كبير لهذه الجماعات والحركات والتيارات الاسلامية لكن هنا ستبرز مشكلة او إشكالية خطيرة جداً وهي الدولة الدينية القائد في المنطقة وسندخل في متاهات نحن في غني عنها وبالتالي الشعب المصري واعٍ جداً لهذه الإشكالية الخطيرة ولن يسلم نفسه إلي التيار الديني او الي محرك خارج حدود الوطن وليس داخله..

هناك تصريح منسوب إليك قلت فيه: هناك حالة هياج عصبي تهدد حرية التعبير ماذا تقصد بذلك؟

- الهياج العصبي الذي أقصده انه احياناً تكون هناك انتقادات عصبية وصارخة جداً من جماعة معينة وهذا الصراخ والعويل لن يؤدي الي شيء اما بالهدوء والموضوعية والشفافية تصل فكرتك او ما تريد توصيله بثبات الي مكانها السليم في عقل الآخر وفي عاطفته إنما عندما يعلو الضجيج والصراخ تضيع الفكرة الفلسفية التي تريد توصيلها لأن الضجيج هو عدو الفلسفة.

وهو ما يحاول الوزير توصيله لجماعة الاخوان المسلمين وأعضاء البرلمان أثناء أزمة الحجاب ولكن تيار الهجوم كان أعلي من المنسوب المحدد له، وبالتالي الكلام هنا للوزير فاروق حسني يمكن التفاهم وربما حتي التنافر لكن علي أساس المنطق الذي هو أبو القانون ولو أنت احترمت منطق التفاهم احترمك عدوك حتي ولو كان يعاديك في فكرك إما أن نتخلي عن الحوار العقلاني والمنطقي ومقارعة الحجة بالحجة وتكيل لي الشتائم والسباب والتجريح الشخصي تصبح المسألة هنا غوغائية..

إذن هل هناك صراع بين ثقافة الدولة الدينية وثقافة الدولة العصرية؟

- الإشكال هنا يبدأ من التقدم العالمي والتكنولوجيا والعالم المتقدم والعلم والمعرفة وأشياء كثيرة جداً وللأسف نحن كدولة مدنية بعيدون كل البعد عن هذا وحتي عندما تريد ان تقوض نظاما معينا وتقضي عليه عليك أن تقدم حلولاً اقتصادية وسياسية واجتماعية وعلمية كاملة.. وهنا أريد منك ان تذكر لي أي حزب من الأحزاب القائمة قدم برنامجا مختلفا حتي عن الحزب الوطني؟ لا يوجد بالطبع اذن هناك قصور في الجسد كله وقصور في الرؤية فلا أحد مثلاً من هذه الأحزاب ايضاً جاء إلينا بخريطة مصر والتي بها مليون كيلومتر مربع وفيها بحران - المتوسط والأحمر وكل بحر له اقتصادياته، فضلاً ان لدينا أطول أنهار العالم ولدينا 11 بحيرة ولديك أعظم آثار الأرض ولديك الطاقة البشرية، كل هذه الثروات الاقتصادية والتاريخية والحضارية الضخمة هل استثمرناها كما يجب وهل هناك حزب من الأحزاب جاء بهذه الخريطة المليئة بالثروات الضخمة وقسمها الي مربعات اقتصادية وقال لنا ماذا نفعل وكيف نستغل هذه الثروات الاستغلال الأمثل؟؟..

لكن من المسؤول عن هذا التقصير من وجهة نظرك؟

- لا أحد مسؤول عن ذلك ولا أحد مسؤول عن الفكر فهل هناك أحد يمنعني أن أقول رأيي وأنت الآن تكتبه وتسجله..

وهل هذا يشكل طريق مصر والعالم العربي للنهوض والوصول الي الدولة العصرية؟

- الوصول الي الدول العصرية الحديثة يجب أولاً: ان يقع تحت أشياء مهمة جداً: كيف تعظم امكانيات؟! كيف تري المستقبل من خلال البرامج العلمية والتنموية والمستقبلية؟، ثانياً: إعطاء الحرية والديمقراطية لأنها ستساعد صانع ومتخذ القرار ان يستعجل قراراته من خلال رؤي ووجهات نظر سليمة وصحيحة وموضوعية مستندة الي الأسلوب والتخطيط العلمي وأنا شخصياً علي سبيل المثال في وزارة الثقافة اذا قال لي أحد رؤية أو وجهة نظر أفضل من التي أقولها علي الفور أخذ بها لأن تعدد الرؤي ووجهات النظر يثري القرار والعمل والتطور وهذا ما نريد الوصول إليه..

يردد البعض ان وزارة الثقافة في عهدك تهتم بالكتابات الإلحادية واضعين في الذاكرة كتاب وليمة لأعشاب البحر وما تلاها من كتابات الي اليوم فما ردك علي ذلك؟

- أولاً وليمة لأعشاب البحر ليس كتابا ملحدا بل بالعكس هو كتاب مؤمن وأنت أكيد شاهدت فيلم ظهور الإسلام او قرأت كتاب ظهور الإسلام لطه حسين.. عجبك أم لم يعجبك.. عجبني طبعاً...

طيب هو أتي بأبولهب وكل الذين كانوا ضد الرسول صلي الله عليه وسلم وذكر الذي كانوا يقولونه وجاء بالذين يردون عليهم وفي الآخر انتصر الإسلام.. وليمة لأعشاب البحر هي المؤمنين والملحدين هؤلاء يتحدثون وهؤلاء يتحدثون وفي الآخر انتصر الايمان إذن هل هذه رواية ملحدة لكن للأسف لا أحد يقرأ أو يطالع...

وما تلاها؟

- ما تلاها بعد ذلك كان ثلاث روايات ليس لها علاقة بالدين لا من قريب او بعيد بل لها علاقة بأنني كوزارة ثقافة قمت بالنشر ولما وزارة الثقافة تنشر لابد ان يكون لديها خطتها مثل أي دار نشر أخري.

وأنا دار نشر تابعة للدولة ولدي مئات المكتبات في القري والنجوع وعندما أضع خطتي للنشر لابد ان انتقي الكتب والروايات لأنها ستذهب الي جميع الفئات والأعمار أما أن نأتي بكتب إباحية فهذا يخالف تقاليد المجتمع وسياسية الوزارة..

وهذا يمكن أن ينشر من خلال دار نشر أخري، إنما وأنا في الوزارة ووزارة مربية لا يجب أن أضع هذا في خطتي وأنا هنا مسؤول أمام المجتمع وكيف ستكون عندما أعلم ان هذه الكتب خرجت من المطبعة قبل النشر الي يد جمال حشمت في مجلس الشعب وهو يقدم هذا ويقول امنعوا هذه الكتب الإباحية أنا هنا لا بد أن أشكره لأنه يقف معي في نفس الخندق لحماية المجتمع وأرسلت له خطابا وقلت له لديك كل الحق وأنا أوقفت هذه السلسلة من الكتب لحماية المجتمع منها.

اذن باعتبارك الآن عميد الوزراء هل أنت راضٍ عن الحكومة الثقافية في مصر ومن ثم في العالم العربي؟

- أولاً هناك خلط شديد جداً في تعريف مصطلح الحركة الثقافية.. خلط وعدم فهم في آن واحد لأن الحركة الثقافية غير الحركة الإبداعية والسؤال هنا... هل وزارة الثقافة في مصر أو أي وزارة ثقافة في العالم العربي تنتج الإبداع أم تجمع الإبداع لكي تصدره للمجتمع؟ الوزارة تقوم بجمع الإبداع لكي تصدره للمجتمع عن طريق دور النشر الخاصة بها....

والله إذا الحقل أعطي ثمراً تأخذه وتبيعه وإذا لم يثمر إذن فلا يوجد ثمر هنا أنت تقدم الموجود لديك للناس ولكن هناك حركة ابداعية لكنها ليست بالقدر الذي كانت عليه مصر في وقت من الأوقات وتحديداً فترة الستينيات وليست مصر فقط.. فهل فرنسا ابداعياً كما كانت في فترة الثلاثينيات والاربعينيات والستينيات، هل انجلترا وايطاليا وامريكا تعيش نفس الظروف؟ بالطبع لا وبالتالي الدول المصدرة للابداع في العالم ليست هي نفس الدول التي كانت في الثلاثينيات لأن تكنيك الابداع تغير ونحن في مرحلة مثلما كان في فترة من الفترات كان الإبداع الباروك في الأدب، في الفنون والموسيقي والعمارة كل هذه كانت مرحلة وعندما أرادت هذه المرحلة الانتقال الي الكلاسيكية الدنيا أسودت وانتهي كل شيء لأن فيه تغيرا في المذاهب بدل الباروك أصبح الكلاسيكي وبدل الكلاسيكي أصبح الرومانتيكي وبدل الرومانتيكي أصبح الحديث اذن الدنيا تتغير ويتغير معها كل شيء فعمارة اليوم غير عمارة أمس..

ولماذا لا تنتج أنت كوزارة هذا الإبداع وتصدره للمجتمع؟

- صعب للغاية لا تستطيع ذلك أنت تشجع فقط وتبدأ في حفر الطرق للشباب الجديد بتكتيك جديد وقوي لانتاج إبداع ذي قيمة.

أنت صاحب مقولة... لا تسييس للثقافة بل تثقيف للسياسة.. هل تحلم بأن تكون الثقافة بعيدة عن السلطة؟

- طول عمر الثقافة بعيدة عن السلطة وأنا ما زالت أقول أنا شخصياً لست وزير أنا اتعامل مع الثقافة كهواية، إذا كان فيه كلمة وزير أنا تجاوزتها من فترة اذن ننسي كلمة سلطة هنا لكن ماذا نفعل؟
.. وأنا مندوب الثقافة في مجلس الوزراء بمعني ما الذي أستطيع الحصول عليه للثقافة من مجلس الوزراء.. فأنا لست موجودا لكي أكون وزيرا ولكن أنا موجود لكي أعمل ثقافة وأقدم فكرا وإبداعا للمجتمع فهناك فرق بين أن تعين وزيرا وبين ان تحمل مهمة وواجبا..

وكيف يمكن التواصل بين مصر وعالمها العربي أولاً والعالم الخارجي ثانياً؟

- بالنسبة للعالم العربي حتي تكون فاهما الأمر تماماً هم يعتبرون مصر أمهم الثقافية ولا يوجد شخص لا يعترف بهذا بدليل المؤتمرات التي تتم علي أرض مصر نجدهم جميعاً يحضرون ويتواجدون فيها بحب شديد وبقناعة شديدة جداً حتي العرب الذين يعيشون في أوروبا وأمريكا والأوروبيون المستشرقون يأتون ايضاً الي مصر لحضور مؤتمراتها ولقاءاتها الفكرية والعلمية وكل ما هو متصل بالثقافة.

يتردد الآن أن هناك نية لخصخصة بعض المتاحف وبيع الآثار المصرية؟

- لا ليست خصخصة ولكن هناك القانون 117 لسنة 1983 الذي يحظر بيع الآثار وكان هناك في المتحف المصري قاعات مزادات تباع فيها الآثار لكن اليوم لا يوجد هذا مطلقاً بالاضافة الي انه وقبل صدور القانون كانت البعثات التي تكتشف حفائر من آثار تحصل علي نصف ما يخرج من هذه الحفائر أي تتقاسمها مع مصر، القانون 117 لسنة 83 أعطاهم 10% ثم جئت وألغيت هذه النسبة فمن يأتي وينقب عن الآثار أهلاً وسهلاً أما أن يأخذ مني قطعة آثار واحدة فلا وألف لا إذن هذا أمر يجب أن نخلعه من عقولنا لكن في نفس الوقت هناك نظام آخر وهو أنني أنشأت أكبر متحف في العالم وهو مؤسسة ثقافية علمية أثرية رهيبة تحتاج الي رؤي وتشغيل وخطط اقتصادية وتفاعل دولي وتحتاج الي أشياء وأمور كثيرة جداً وهنا أستطيع القول إن الآثار الموجودة في هذا المتحف هي ملك الدولة لكن يمكن ان تدر ربحا وعائدا كبيرا جداً للاقتصاد المصري وهذا ما نسعي إليه وبالتالي يجب أن تعلم أن الآثار في مصر مكبلة بكل ما يحميها وبالتالي أنت تتحدث عن حداثة الإدارة وليس البيع او الخصخصة.

هناك كلام يثار عن خصخصة معرض القاهرة الدولي للكتاب وسمعنا عن أرقام 5 ملايين و8 ملايين جنيه الي آخره؟

- لا.. لا.. لا لن يحدث هذا ابداً ولدي كل الأرقام وعدد الناشرين والمبلغ 2 مليون ونصف وكل شيء موثق لكن اولاً: ما معني كلمة خصخصة؟
هي البيع وهل معرض القاهرة الدولي للكتاب أصبح يملكه أحد آخر غيرنا؟ بالطبع لا ولكن كل الذي حدث هو انني أتيت بشركة متخصصة تتولي الإدارة والتنظيم وكل شيء خاص بذلك للحصول علي خدمة ممتازة وصحيحة فهل هذه خصخصة..

في مشروع أبراج القلعة رحبتم في البداية بالمشروع ومع الحملة الصحفية وإقامة دعوي تم اللجوء الي اليونيسكو وقال تقريرها: إن لم يكن قام بالبناء في هذا الموقع لما كان له أن يقوم بالبناء فلماذا لجأتم ثانية لليونيسكو منذ أسبوع هل هي لمحاولة إنقاذه؟

- نصير حصل علي التراخيص دون موافقة المجلس الأعلي للآثار هذا حقيقة وهذا اتخذ في وقت سابق والذي أعطاه هو الدولة..

لكن أنت المسؤول عن الآثار؟

- الموضوع من أيام د. كمال الجنزوري وطلعت حماد.

الموضوع له خلفيات قديمة؟

- نعم محمد نصير لديه رخصة والدولة أعطته ذلك وقال أنا لدي 2.8 مليار جنيه سأستثمرها في مصر إذن قضي الأمر لكن نحن كوزارة نري أن فيه بلوكاً هناك وآخر هنا ولا نريد لهذا ان يرتفع علي ذاك ودرسنا الأمر مع وزير الإسكان ومحافظ القاهرة وزاهي حواس وقلنا نريد أن يكون مستوي النظر لا يجرح القلعة أو الآثار والرجل وافق علي كل الشروط والمطالب التي تحمي القلعة والآثار ولا تجرح البانوراما وقام بتنفيذ كل ما طلبته منه منظمة اليونسكو ومع ذلك طلبنا من محمد نصير ضمانات أخري فوافق ومنها تنفيذ التصميم الذي وضعناه.