سميح المعايطة

احد المواطنين الكرام اتصل معي هاتفيا يخبرني عن مقابلة اجرتها قناة المستقبل اللبنانية مع رجل الاعمال المصري نجيب سويرس، وما لفت انتباهه ان سويرس قال خلال المقابلة ان استثماراته توفر (90) الف فرصة عمل, وحين سأله مقدم البرنامج ان كان يدفع الضرائب فقال انه يدفع للحكومة المصرية كل ما عليه، وذكر المواطن انه سمع من سويرس انه يدفع لحكومة بلاده مليارات الجنيهات كضرائب عن ارباحه واستثماراته.

هذه الحكاية تذكرنا بقضية هامة طرحتها حكومة سابقة حول التهرب الضريبي، والرقم الذي قيل في وقته ان هنالك (600) مليون دينار هي مجموع التهرب الضريبي من رجال الاعمال والشركات ورؤوس الاموال، طبعا لا يتهرب من الضريبة الموظف في القطاع العام او الخاص الذي يتم اقتطاع ما عليه من راتبه، بل تلك الاموال ورجالها الذين يقدمون هم تقديرا ذاتيا لدخولهم ويكون عليهم الدفع، سواء كانوا من رجال المال او اصحاب المؤسسات والشركات وكل القطاعات المعنية.

وما دمنا نتحدث عن اوضاع اقتصادية صعبة على الدولة فإن من حق المواطن ان يسمع معلومات متكاملة وواضحة عن حقيقة الارقام الخاصة بالضرائب والتهرب الضريبي، ولا مانع بل من الضروري ان يقرأ الاردنيون اسماء الاشخاص والشركات واصحاب المال والاعمال الذين يتهربون من دفع ما عليهم من ضرائب تجاه وطنهم ودولتهم، فمن يعمل ويستفيد من كل الامتيازات عليه ان يؤدي واجبه تجاه دولته تماما مثلما يدفع اصحاب الدخل المحدود ما عليهم من ضرائب مثل المبيعات او ضرائب دخل لمن يوجب عليه القانون هذا.

ومن حقنا ان نسمع معلومات عن الارقام الحقيقية وهل زادت عمليات التهرب عما كان قبل سنوات ام نقصت، وما هي الوسائل في الحفاظ على المال العام، وتحصيل حقوق الخزينة؟

كل هذه التساؤلات يفترض ان يسمع المواطن اجابات معلوماتية عنها، فنحن بلد بإمكانات اقتصادية تؤثر في موازنات دولتنا عدة ملايين فكيف بعشرات او مئات الملايين، ومن الضروري التشدد في تحصيل حقوق الدولة التي هي حقوق كل مواطن مع المتهربين من اداء التزاماتهم.

ولو تحدثنا بلغة وطنية وانتماء فإن صاحب المال الذي يعلم ان لوطنه حقا في ارباحه عليه ان يبادر الى دفع ما عليه, وهذا المنطق يدعونا جميعا الى دعوة اصحاب الثروات الذين يقومون بايداعها في البنوك الاجنبية الى تحويلها الى استثمارات واعمال في وطنهم، استثمارات توفر فرصا للشباب الاردني، فالبعض لا يأخذ الاردن من امواله الا ما يشتري من سيارات وطعام وشراب او ما يقيمونه من فلل وقصور، واذا استطاعوا ان يحصلوا على اي مشتريات بإعفاءات جمركية او تسهيلات فهم السباقون لهذا.

وللإنصاف فإن في بلادنا اصحاب اموال يؤدون واجباتهم تجاه وطنهم، فهم يدفعون التزاماتهم وما عليهم من ضرائب، ويقيمون المشاريع والاستثمارات ولهم لمسات في اعمال الخير وخدمة مجتمعاتهم، لكن النوع الاخر يفترض ان يقتدي بالنموذج الايجابي.