طارق مصاروة
لا يمكن مقارنة دعوة احمدي نجاد لبغداد في مستوى الذكاء السياسي لدعوته الى قمة دول التعاون الخليجي!!.
فقادة الخليج العربي وجدوا، في الدوحة، ان الافضل لهم ولانفسهم فصل التهديدات الاميركية العسكرية لايران، عن موقف دولهم السياسي من الجار الايراني، فرغم العلاقات الجيدة بين دول الخليج والولايات المتحدة، ورغم وجود قواعد عسكرية اميركية كبيرة في قطر، والبحرين، والكويت واشكاليات الجزر الاماراتية الثلاث المحتلة.. فان عرب الخليج اعطوا لطهران اشارة واضحة، بأن أي ضربة عسكرية أميركية لإيران لن تكون من دول الخليج، وان هذه الدول لا توافق عليها!!.
دعوة احمدي نجاد لبغداد هي شيء آخر لا يتناول العلاقات العراقية - الإيرانية في مفاصلها الحساسة والخطيرة، وانما كان تصعيداً لدعوة آية الله الحكيم في ايجاد تفاهمات ايرانية - اميركية. فهو وائتلافه الشيعي صديق حميم لواشنطن وطهران الى حد انه قسّم مرضه - السرطان - بينهما.. فقد ذهب الى اميركا لاجراء فحوصات، وانتقل بعدها مباشرة الى طهران للعلاج فهو الذي رعى اجتماعين في بغداد بين السفارة الاميركية والسفارة الايرانية!!.
وحتى لا نقول ان الحكيم وائتلافه الشيعي معنيان بتقاسم أميركي - ايراني للعراق، وخلق حالة توازن بينهما لمصلحة الحكم تحت الاحتلال، والجهاد لنقله الى الاحتلال غير المعلن!!. فان من الواضح ان الزيارة كانت وبقيت في داخل العائلة الشيعية، ولم تشمل السُنّة العرب، وكانت مباركة علنية لاعادة التحالف الشيعي - الايراني الى ما كان عليه لدى الاجتياح الاميركي عام 2003!!.
احمدي نجاد يهمه ان يكون في الدوحة مدعواً من مجلس التعاون، ويهمه ان يكون ضيفاً في بغداد، ويهمه ان توجه له الدعوة لحضور القمة العربية المقبلة في دمشق.. فهو يخوض معركة داخلية قد تطيح نتائجها به اذا وصلت العناصر المعتدلة في التوليفة الايرانية الى اكثرية مجلس الشورى. ومثل هذه القفزات بين العواصم العربية تساعده في لفت أنظار الناس الى ان الوضع الاقتصادي المتردي لن يتردى أكثر بعد فرض القرار الثالث الذي اصدره مجلس الأمن يوم أمس.. بمعاقبة ايران.. فهو يريد ان يصوّر للناس انه أمّن اقتصاد ايران عن طريق جيران ايران.. أي عن طريق سياسة الزيارات.. فان وثائق التفاهم السبعة التي وقعها في بغداد تتناول شؤونا اقتصادية، ونقل، وتجارة.. تماما كما كان معنيا لدى زيارة رئيس الوزراء الاماراتي الشيخ محمد بن راشد بهذه القضايا حتى انه عرض العودة الى اقتسام جزيرة أبو موسى المحتلة!!.
اهم ما قاله احمدي نجاد في بغداد هو عدم الهجوم على اميركا بالاسم وعدم الكلام عن محو اسرائيل من الخارطة!!.
- آخر تحديث :
التعليقات