عدنان حسين

تراهن سورية على الوقت لكسب صراعها مع العالم، وهذا بالطبع رهان الضعفاء، وهو رهان خاسر في العادة ولا يربح إلا بالمصادفة.

تعتقد دمشق أن الوقت يعمل لمصلحتها، وأنها في النهاية سترغم اللبنانيين على الإذعان لإرادتها والقبول بما تريده، وما تريده سورية هو الانتقام من اللبنانيين عن انتفاضتهم السلمية التي حررتهم من نفوذها العسكري (النفوذ السياسي لم يزل قائما عبر ldquo;حزب اللهrdquo; وحلفائه، والأمني كذلك عبر العملاء السريين الذين يؤمن لهم التغطية ldquo;حزب اللهrdquo; وحلفاؤه). ودمشق تعتقد الآن أن إعطاء laquo;الأذن الطرشةraquo; للمساعي العربية الرامية الى إقناعها برفع يديها عن الملف اللبناني من أجل حل الأزمة السياسية - الاقتصادية- الاجتماعية الناجمة عن تمسك حلفاء دمشق وطهران في لبنان بصيغة الثلث المعطّل سيجبر العرب على الضغط على الأغلبية الحاكمة في بيروت للقبول بهذه الصيغة التي هي شبّاك العودة السورية الى لبنان.

سورية ضعيفة. في الداخل لديها أزمة سياسية مديدة وخانقة، تعبّر عن نفسها بالضيق الشديد المتواصل من الرأي الآخر، وبالذات اذا كان هذا الرأي هو لمفكرين ومثقفين وسياسيين وطنيين مشهود لهم بالكفاءة والإخلاص لبلادهم... وتعبّر عن نفسها في تفاقم الحال الدكتاتورية في زمن تتحلل فيه الدكتاتوريات.

وسورية لديها أزمة اقتصادية متواصلة أيضا - ارتباطا بأزمتها السياسية- تعبّر عن نفسها في حال الإملاق التي تعانيها الأغلبية الساحقة من الشعب السوري الذي كان يمكن، في ظروف أخرى، أن يحيا في بحبوحة من العيش تؤمنها الثروات الطبيعية الطائلة لبلاده.. وسورية ضعيفة من الخارج.. محاصرة بالعقوبات والمقاطعات.. لا أصدقاء لها في محيطها إلا المنبوذين (النظام الإيراني وفلول نظام صدام ومنظمات الرفض الفلسطينية).

الضعيف رهانه على الوقت خاسر في العادة.. وإذا أرادت دمشق مثالا، فبوسعنا إحالتها إلى المصير الذي آل إليه نظام صدام حسين منذ خمس سنوات. كان صدام أنموذجا صارخا للمراهنين على الوقت.. فعلها في حربه مع إيران.. وكررها في حربه على الكرد وقوى المعارضة المحلية.. وواصلها في صراعه مع المجتمع الدولي عند غزو الكويت وبعده.

خسر صدام كل شيء لأنه كان ضعيفا.. ومن غير المنطقي أن تربح دمشق رهانها على الوقت وهي الضعيفة