عوزي بنزيمان - هآرتس
شهد متان فيلنائي ذات مرة علي ان في منزله يوجد ملجأ متطور، مزود كما ينبغي وجاهز لكل انواع الاضطرابات ـ الامر الذي يدل علي وعيه الأمني العالي. قبل خمسة ايام، قيل أن فيلنائي يحل يقظته الامنية علي كل الجمهور: بمبادرته قرر المجلس الوزاري ان يوزع من جديد الكمامات علي كل بيت. رئيس السلطة الوطنية للطوارئ العميد احتياط زئيف تسوكرم، شرح في صوت اسرائيل بانه لا داعي للدخول في فزع لان الحديث يدور عن اجراء فني تقرر في الماضي .
هل حقا؟ في 19 اذار (مارس) 2007 قال نائب وزير الدفاع افرايم سنيه في الكنيست ان جهاز الامن قرر جمع الكمامات من منازل المواطنين، لاعادة ترميمها ونقلها الي المخازن المركزية التي ستقام علي مقربة من المدن الكبري . وعكست اقوال سنيه حملة دارت علي الارض: في نهاية 2006 استأجرت وزارة لدفاع شركتين لجمع الكمامات التي وزعت في اثناء حرب الخليج الاولي في العام 1990. الموقع الرسمي لقيادة الجبهة الداخلية توجه الان المواطنين في كيفية التصرف مع ممثلي الشركتين الذين يأتون لجمع الكمامات. لجنة فرعة من لجنة الخارجية والامن في الكنيست طلبت في تموز (يوليو) من العام الماضي وقف الجمع الجارف للكمامات من المنازل كي لا يحرم المواطنون من وسائل حماية حيوية. واوصت اللجنة، بدلا من ذلك تنفيذ انعاش سريع للكمامات علي اساس توصيف مناطق الدولة حسب مدي الخطر المرتقب لها بالسلاح الكيماوي. في جلسة اللجنة الوزارية الاسبوع الماضي ظهرت خلافات حول توزيع الكمامات من جديد أم جمعها في مخاون لوائية. واخذ برأي فيلنائي. هذه الذبذبة لا تثير الثقة في قول العميد تسوكرم في أن القرار بالتوزيع الجارف للكمامات هو نتيجة عملية تخطيط محسوبة؛ وهي بقدر أكبر تبدو كارتجال عصبي.
هناك من يتساءلون اذا كان السكان في اسرائيل منذ البداية يحتاجون الي الكمامات. هذا العلاج ولد في لحظة فزع سلطوي، قبل 18 سنة. وقد ابقي في سدد المنازل حتي اذار (مارس) 2003، حين طلب اليهم سحب الكمامات من جديد قبل الهجوم الامريكي علي العراق. وفي نظرة الي الوراء تبين أن هذا كان مجرد قلق عابث: في العام 1990 لم يطلق صدام حسين أي صاروخ غير تقليدي نحو اسرائيل وفي العام 2003 تبين ان ليس لديه مثل هذا السلاح علي الاطلاق. والان يتوقع قادة جهاز الامن بمخاوف جديدة لهجمات كيماوية من جانب سورية و/او حزب الله و/او ممثلين آخرين لايران يوجدون علي مقربة من المكان. وبين هذا وذاك، برزت ملاحظات شديدة عن نجاعة الكمامات، عن القدر الذي تمنح فيه الرد علي المخاطر التي تهدد زعما السكان وعن كلفتها. مراقبو الدولة علي اجيالهم اعتقدوا بان الكمامات بجودتها الحالية، لا توفر الحماية التي يوليها لها جهاز الامن.
وحتي لو قبلنا بالفرضية بان الكمامة هي وسيلة امنية حيوية في المحيط الذي توجد فيه اسرائيل وليس صحيحا التنكر لمجرد ضرورتها فمن الصعب التحرر من الانطباع بان القرار يوم الاربعاء الماضي لا يدل علي تفكر عاقل. وحتي لو لم يعكس بالضرورة قلقا زائدا، فهو بالتأكيد يبدو كملازمة معروفة لتغطية القفا: اصحاب القرار يريدون ان يسجلوا أنفسهم كمن يعملون حسب مفاهيم امنية واسعة. والنتيجة هي أنهم يظللون الدولة باجواء يوجد فيها تهديد متطرف، لا ينقطع. مواطنو اسرائيل يستمدون من قادتهم الاحساس بانهم مرشحون للابادة بسلاح نووي ايراني مقترب، يتوقعون هجمات كيماوية من جانب سورية وحزب الله، وان منظمات الارهاب الفلسطينية من شأنها أن تضربهم بسلاح غير تقليدي يسلمهم اياه احمدي نجاد او بن لادن. وحسب نهج زعماء الدولة وقادتها العسكريين، لا يوجد تدرب في سلم المخاطر المحدقة باسرائيل؛ العدو يوجد في كل مكان والاضطرابات المطلقة توشك علي الوقوع علينا في كل لحظة.
بدل توزيع الكمامات بهلع، ونشر الكراسات الاعلامية الداعية للمواطنين للشراء الفوري لمواد التعتيم للنوافذ (حملة قيادة الجبهة الداخلية) والاستعداد للقنبلة الذرية الايرانية ـ من الافضل محاولة التوصل الي تسوية مع الفلسطينيين. هذه هي المشكلة الحقيقية التي يجب ترتيبها ـ وحلها يوجد بالذات في متناول اليد.
- آخر تحديث :
التعليقات