علي سعد الموسى

اختار وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز لاستهلال جولته نحو حشد الإجماع ودفع العدوان الظالم على إخواننا في غزة. والوقت ليس بالمناسب على الإطلاق لفصل من جلد الذات، فالوقوف مع الشقيق الفلسطيني، حماسياً كان أم فتحاوياً أو مستقلاً فرض يفرضه الظرف ومن الخطأ الجسيم فتح دفتر حساب مع إخوة على جبهة شرسة. والمؤكد أن زيارتكم لخادم الحرمين، هي زيارة دعم لموقفكم، لا تدعيماً لموقفه، فمهما اختلفت مواقفنا ورؤيتنا للقيادات المحورية الأساس في منظومة العمل الإسلامي، إلا أن عبدالله بن عبدالعزيز ظل وما زال بعيداً عن المزايدة، وغنياً عن بيع المواقف.

وغداً، آبائي وإخواني من وفد علماء المسلمين ستنقشع أتربة الحرب الآثمة، ولهذا نحملكم ذات الأمانة أن تجلسوا مع الإخوة في حماس، وفي الوقت المناسب، لتنقلوا إليهم رسالة كل عاقل يريد مصلحة هذا الشعب المسكين، بعيداً عن أصحاب الحناجر الغليظة وغوغاء المظاهرات وصخب اللافتات والشعارات من هذه الحشود التي تدفع شعبنا إلى مواجهة لا تحتملها النساء والأطفال والكهول، ولو أن حدود فلسطين كانت مفتوحة في وجه هذه الملايين من رافعي الشعارات لأدرك الجميع فارق النفاق الكاذب. الرسالة الأولى إلى حماس أن تعلم أن إسرائيل تحصد في العام الأخير أغلى انتصار لها في التاريخ في قالب الانقسام الفلسطيني والفرقاء يرفعون علمين ويتحدثون على لسانين ويتقاتلون على سلطة كاذبة. روعة النضال الفلسطيني عندما كان أبو عمار يقبّل رأس أحمد ياسين، واليوم، غابت القبلة ومات الجبين الأغر، ويؤسفني إخوتي في حماس أن شيئاً من إرث ذلك - الياسين - لم يعد في سحنةٍ أو لسان. لم يشتم أحمد ياسين مناضلاً حتى من الفرقاء في أقصى اليسار، ولم يتفوه بكلمة ضد نظام أو شعب أو قائد عربي، ونحن لا نحملكم وحدكم مسؤولية كاملة عما يحدث، لأن تاريخ هذه القضية علّمنا تداخل المسؤوليات وتشابك المصالح، ولكن: يؤسفنا أننا أصبحنا نخوض حروبنا اللامتكافئة مع إسرائيل عبر الأحزاب والمنظمات، ويؤسفنا أن تكون مصائر المستضعفين بيد أفراد يقررون لهم موعد الحرب أو زمن التهدئة. والدرس الذي نتعلمه جميعاً هذه الأيام، لا أن نخضع أو نستكين، بل أن نعود إلى قواعدنا وإلى إخوتنا وإلى حواضننا الأصل بدلاً من أن نكون خيوط لعبة تحركها الملالي من أجل خدمة مصالح سياسية: نحن معكم فكونوا معنا. هذا هو الدرس.