علي حماده

يشكل هدف quot;حزب اللهquot; المعلن بانتزاع موقف لبناني جامع ضد المحكمة الدولية، ولا سيما من جانب اولياء الدم، اي القوى الاستقلالية، استحالة. فعلى الحزب ان يعرف ان التهديد والوعيد، والنزول الى الشارع، او حتى القيام بغزوات جديدة وصولا الى اسقاط الحكومة لن تغير موقف الاستقلاليين المتمسكين بالحقيقة والعدالة. وجل ما سيجنيه quot;حزب اللهquot; من حملة التهديدات وبخاصة اذا ما تمادى ليصل به الامر مرة جديدة الى اسالة دماء لبنانيين الابرباء، انه سيؤكد اي تهمة في حقه قد تصدر في القرار الاتهامي بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. فكلما ازداد الحزب توحشا في مقاربته لموضوع الحقيقة والعدالة، وكلما امعن في ظلم الناس معنويا وماديا سيعمق الهوة التي تفصله عن معظم اللبنانيين، والتي تقسم البلاد الى فسطاطين متعارضين لا يربط بينهما شيء، بل انهما آيلان الى صدام حتمي لن يبقي حجرا على حجر.
ان الحملة الدعائية المغرضة التي ينظمها الحزب، ومعه دمشق وحلفاؤها في لبنان لا تقدم ولا تؤخر في شيء سوى انها تزيد الاستقلاليين اقتناعا بأن لا مناص من المواجهة ايا تكن الاثمان والتضحيات. فلبنان في الميزان. لا المحكمة ولا القرار الظني. بل لبنان نفسه. فالعنوان الحقيقي لكل ما يحصل هو الحرب على لبنان لابتلاعه بكسر ارادة الاستقلاليين اولا، ثم بكسر اسس الكيان وتدمير النظام، وتشتيت التنوع اللبناني بالاخضاع وفرض الاذعان بقوة السلاح. نعم، انها حرب على لبنان، ومن يعتقد ان الهدف يتوقف عند حدود القرار الظني، او المحكمة انما هو واهم. انها الحرب للاستيلاء على لبنان بأسره. هذا هو الهدف النهائي لـquot;حزب اللهquot; مما يضع اللبنانيين امام مسوؤلية تاريخية: هل يتركون بلدهم يسقط في براثن quot;حزب ولاية الفقيهquot;؟
انه السؤال الاساسي. ولا امر آخر يتقدم هذه المسألة. فالتمدد العقاري الخطير (آخره في جديدة المتن) وانتشار المشاريع الاسكانية المسلحة في جميع المناطق، واحتلال معظم مرتفعات السلسلة الغربية لجبال لبنان، ومواصلة احتلال العاصمة بيروت، ومحاصرة الجبل (انتبهوا الى ما يحصل في الشويفات وتخوم قرى الغرب)، والقرى والبلدات في البقاعين الغربي والاوسط، وتسليح مجموعات في الشمال، كلها اشارات الى ان ما يواجهه لبنان هو حرب منظمة هدفها الاستيلاء على بلاد الارز بكاملها. فعنوان quot;المقاومةquot; بات مثيرا للهزء بعدما صارت وظيفة السلاح قمع اللبنانيين والتحكم بمصائرهم وتحويل لبنان سجناً كبيراً.
ان المحكمة والقرار الاتهامي وحتى مهزلة ما يسمى quot;شهود الزورquot; هي قضايا فرعية، اما القضية الاساسية فهي مصير لبنان كله. فلم يسبق ان واجه بلدنا تهديدا بمستوى الخطر الوجودي الذي يواجهه راهنا. لقد حلّت المليشيات على انواعها وزالت ولم يسقط لبنان. وأتت الاحتلالات ورحلت وبقي لبنان وبقي اللبنانيون. واليوم تهديد اشد وامضى. فهل يفيق البلهاء من سباتهم؟ ثمة نوعان من المجرمين: الاول من يقتل. اما الثاني فمن يتفرج على القتل. ان الوقوف موقف المتفرج ولبنان يدفع دفعا الى السقوط، هو جريمة اشد مضاضة وايلاما.
من هنا ما كان خوفنا من مصدر التهديد نفسه بمقدار ما كان من البلهاء والمستقيلين في آن واحد.