خالد الأنشاصي

هو في باكستان...، يعيش عيشة هنية...، لا.. لا.. ليس في كهف كما يدعون...، هكذا تقول تقارير المخابرات الأمريكية، وعلى الفور تنفي باكستان أن يكون أسامة بن لادن على أي جزء من أراضيها!.
ألم يمل العالم من البحث عن أسامة بن لادن (الجسد)، وإلهاء الناس بجدلية وجوده من عدمه، وفي أي مكان يعيش، وكيف؟!. ولماذا لا تفكر أمريكا بوصفها سيدة العالم والمتضرر الأكبر من وجود بن لادن في القضاء على فكره بدلاً من إهدار الملايين والمليارات في البحث عن جسده أو جثته؟!.
لماذا يتم الاعتداء على المقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة تحت بصرها وبصر العالم كله ثم تجعل (الفيتو) دائماً حصن أمان للتطرف الإسرائيلي؟!، ولماذا تسكت على احتلال الجولان، وتمد إسرائيل بأحدث الأسلحة للاعتداء الدائم على جنوب لبنان فضلاً عن احتلال جزء منه؟!، ولماذا هي نفسها احتلت العراق وقضت على ثرواته الطبيعية وبددت ثرواته الثقافية وأرجعته مئات الأعوام إلى الوراء، وكذلك أفغانستان؟!.
تلك ليست تبريرات لنمو وازدهار الفكر المتطرف، ولكنها أيضاً ndash; حتى نكون صادقين مع أنفسنا - أسئلة تلح على المشهد الفكري العربي والإسلامي - على الأقل ndash; ولا بد لمن أراد أن يكون كبير هذا العالم أن يغير هذه الصورة النمطية التي تدفع ضعاف العقل لاعتناق فكر على نفس الدرجة - إن لم تكن أشد - من التطرف والإرهاب!.
وكما أن المشكلة ndash; برأينا ndash; ليست في شخص بن لادن، بل في فكره، فإن المشكلة أيضاً في العقيدة الفكرية الأمريكية وليست في أوباما أو من سبقه من رؤساء، ومن ثم، إذا كان إلقاء القبض على بن لادن مهماً، فإن الأهم هو تقويض وهدم الأفكار المتطرفة التي تصنع ألف بن لادن من الذين يغترون بفصيح القول، ويظنون بجهلهم أن ألق العبارة يعني صدقها، تماماً كما يتبع الغاوون الشعراءَ الضالين الذين يمدحون بالباطل قوماً، ويهجون آخرين كذلك بالكذب والزور، كما قال الطبري في تفسيره لقوله تعالى: quot;والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلونquot;.
وإذا كان علينا ndash; نحن العرب والمسلمين ndash; أن نسعى جاهدين لتحسين صورة الإسلام التي شوهتها الأعمال الإرهابية، وليس الإسلام، فإن على أمريكا أيضاً أن تسعى إلى تحسين صورتها التي شوهتها المواقف والقرارات غير العادلة بحق العرب والمسلمين. أما أن تظل هائمة في دائرة البحث عن جسد بن لادن، بينما الفكر المتطرف يتغلغل في نفوس الضعفاء، فتلك كارثة أكبر وأعتى من أن يكون العثور على بن لادن (في المشمش)!.