خلف الحربي
العولمة هي الحل، العولمة هي المشكلة، حتى الإرهابيون الذين يحاربون العولمة لا يمكنهم ممارسة الإرهاب دون الاستعانة بأدوات العولمة! .. تخيلوا تنظيما إرهابيا يعمل دون توفر خدمات الإنترنت وأجهزة الجوال المفخخة؟!، بالتأكيد سيتحول إلى مجرد عصابة صغيرة تختبئ في الجبال، حتى الهويات الصغيرة التي انكفأت على نفسها خوفا من أن تقتلعها رياح العولمة احتاجت إلى أسلحة العولمة كي تدافع عن نفسها في مواجهة العولمة!، تأملوا حولكم: موقع إلكتروني لكل قبيلة ومنتدى عنكبوتي لكل عشيرة وملتقى إنترنتي لكل عائلة وشبكة إلكترونية للتواصل عبر خدمات الجوال ومتابعة المناسبات والمواليد والوفيات، يقول الشريط الإخباري على شاشة التلفزيون: (جوجل تتأهب لمنازلة أبل في مضمار جديد هو الهواتف الذكية) .. العولمة هي الحل، العولمة هي المشكلة!.
**
ويكيليكس هو الابن غير الشرعي للعولمة، إنه ما يسميه الرومانسيون: ثمرة الخطيئة!، فهو حقيقة لا ينفيها الإنكار وأكذوبة لا يثبتها الاعتراف!، تخيلوا كيف حدث الأمر؟.. أكبر صناع العولمة العم سام بجلاله وقدره والذي دائما ما يدعي أنه يسيطر على كل الفضاءات ويتحكم بكل الشبكات يجلس بكل اطمئنان في بيته يقرأ جريدة الصباح، وفجأة يسمع طرقات خفيفة على الباب الخارجي، يخرج فيجد عند عتبة الباب رضيعا في اللفة وضعه شخص مجهول واختفى عن الأنظار، يلاحظ وجود رسالة صغيرة بجوار الرضيع كتب فيها: (إنه ابنك! .. ويكيليكس! .. الأشقر الذي يحمل كل ملامحك! .. والذي هربت حين علمت أنني حامل به ... أرجو أن تحسن تربيته .. تحياتي ..التوقيع: العولمة)!.
**
الإعلام هو روح العولمة والهواء الذي تتنفسه، والصورة في صحافة العولمة مقدمة على الكلمة، لذلك جاء اختيار صورة زميلنا فهد شديد ضمن أفضل عشر صور صحفية في العالم للعام 2010، العالم خلال المسابقة السنوية لوكالة رويتر ليلفت انتباهنا إلى أن أجمل حسنات العولمة هو أنها ألغت الحدود والحواجز أمام الإبداع .. عكـاظ في قلب العولمة .. يا للفخامة .. ألف مبروك.
**
الإنترنت حصان العولمة الجموح .. بالنسبة لأغلب شعوب العالم يعد اليوم الوسيلة الأهم لتبادل الخبرات وتوثيق المعلومات وتسهيل الإجراءات إضافة إلى ما يحتويه من مساحة هائلة للترفيه والخدمات، أما عندنا فقد تقاسمت فضاء الإنترنت فرقتان يسهل أن تتعرف عليهما من خلال الرسائل التي تقتحم بريدك دون استئذان: الأولى فرقة (حسب الله) للتشهير ونشر الإشاعات والفضائح الشخصية، والثانية فرقة (محتسب لله) للتكفير والتحريض وتهويل الحكايات الصغيرة حتى تبدو وكأنها نهاية العالم!.
**
قوة العولمة تكمن في أن أحدا لا يستطيع الاستغناء ولو لأيام معدودة عن خدمات الإنترنت والجوال والبث التلفزيوني .. حتى ألد أعدائها يرفضون العيش خارج قريتها الكونية الساحرة!.
**
قبل العولمة تعرض القراصنة للانقراض وأصبحوا مجرد صورة متخيلة في قصص الأطفال والتي يبدو فيها القرصان بعين واحدة وساق خشبية وعلى كتفه ببغاء ملون، بعد العولمة عاد القراصنة في صورتين جديدتين: الأولى قراصنة الإنترنت والثانية قراصنة الصومال؛ أي من يعيشون في أعمق أعماق العولمة ومن يعيشون على حافة الحافة!.
**
الكائن المعرض للانقراض في زمن العولمة هو ساعي البريد!، حيث لا يمكن للرسالة التي يحملها أن تسبق رسالة الجوال، ومن رسائل الجوال: (مخطط بالطائف اعتمد مشروع الصرف الصحي فيه منذ سنوات بعيدة وكل سنة يقولون لنا المشروع السنة هذي ولا يحدث شيء!.. نأمل إنهاء معاناتنا).
**
في (كلاسيكو العولمة) سحق برشلونة ريال مدريد بخمسة أهداف دون رحمة، مشجعو ريال مدريد عبر العالم يعدون مئات الملايين، وصفقات نجومه الكبار تعد بمئات الملايين أيضا، ريال مدريد ناد (عولمي) نموذجي ومع ذلك يخسر بالخمسة، إنها حسابات العولمة التي لا يمكن الوثوق بنتائجها!.
**
أطفال العولمة يدركون مبكرا أن رقاقة الذاكرة الإلكترونية بإمكانها أن تحمل المئات من الألعاب والمعلومات وملفات الفيديو، ومع ذلك فإن وزارة التربية والتعليم تصر على أن تثقل ظهورهم الصغيرة بحقائب مكتنزة بالكتب، أطفال العولمة سيتحولون إلى علامات استفهام بعد انحناء ظهورهم التي تحمل هذه الأثقال، بينما سيتحول آباؤهم إلى علامات تعجب لكثرة ما يصعقهم هذا المشهد المؤلم .. أما وزارة التربية والتعليم فهي لا تزال معتدة بنفسها ولا تفكر أبدا في حل لهذه المشكلة التي صنعتها بنفسها!.
**
أبسط تعريف لإنسان العولمة أنه مهما كان دخله وأيا كانت وظيفته وأينما كان المكان الذي يعيش فيه فإنه يظل مدينا لشركات الاتصالات!.
التعليقات