جهاد الخازن

السنة تقترب من نهايتها وبريد القراء ملأ الركن المخصص له في مكتبي، فأنا أحتفظ بالرسائل كلها، وأجمّعها سنة بعد سنة، فقد أجد فيها ما يصلح مادة لفصل في كتاب مقبل.

أحاول ألا أهمل أي رسالة، وأرحب بكل رأي، فأشكر من يتفق معي، وأنشر ما استطعت من آراء مخالفة أو معارضة، ضمن نطاق القانون البريطاني الذي يحكم عملي بسبب الإقامة. ولا بد انني أخطئ. فلا أحد منا معصوم، ويحدث هذا مع انني أراجع كل مقال لي مرتين، وأعرضه على كل زميل يدخل مكتبي وأرغمه على قراءته، ثم أطلب من مساعدتي الشخصية ان تراجع الأسماء والمناصب والأرقام وتواريخ الأحداث، على أرشيف laquo;الحياةraquo; والإنترنت.

كل ما أطلب من القارئ هو أن يناقشني في ما أكتب، فلا ينسب إليّ شيئاً لم أقله، أو يتجاوز من كلامي ما لا يناسب هواه، ليركز على سطر أو سطرين.

لي موقف معروف من حكم الأحزاب الدينية فأنا أعارضه في كل بلد عربي، إلا أن أكثر الجدل مع القراء حوله هو عن مصر حيث الإخوان المسلمون قوة كبيرة ومؤثرة. وكنت كتبت عن الانتخابات المصرية صباح 29 من الشهر الماضي، أي بعد الانتخابات بيوم ومن دون أن تكون النتائج صدرت، ونشِر المقال في آخر يوم من الشهر، وتلقيت رسائل كثيرة تعليقاً على ما كتبت اختار منها الرد على ثلاثة قراء.

القارئ أيمن يقول إنني أفضل الحكومة على الاخوان حتى لا يقع البلد تحت نظام حكم الحزب الواحد، وكأن نظامنا ليس حكم الحزب الأوحد... اننا نفرط بصدقية الكلمة في سبيل ثبات السلطة.

أخونا أيمن ليس أي قارئ، فهو صحافي مثقف وقارئ مواظب يتابع ما أكتب يومياً لذلك، ومن باب العشم، أحتج اليه عليه فكلماته الأخيرة ليست موقفي أبداً، وقد قلت مرة بعد مرة بعد مئة مرة، ولا بد أنه قرأ لي رأيي ان الدول العربية غير ديموقراطية ومن دون حكم قانون مستقل، أو حرية كلمة، أو محاسبة أو شفافية، أو حقوق امرأة.

من باب العشم أيضاً أحتج على الأخ أبو اسماعيل، فهو من أكثر القراء ثقافة ومعرفة بالعالم الخارجي، إلا أنه اسلامي محافظ (ولن أقول متطرف أو متشدد حتى لا أخسره) وبالتالي يهب الى الدفاع عن الاخوان المسلمين، أو لنقض أفكاري ذات العلاقة، وهذا حقه لولا انه يتجاهل ما لا يناسبه من كلامي، فهو في تعليقات عدة على ما كتبت عن مصر تجاهل قولي في المقالين موضوع البحث أن في مصر فساداً وأن فوائد الاقتصاد لم ترشح بعد الى الفقراء. وبما انني رشحت معارضين للرئاسة فإن أبو اسماعيل اعتبر ذلك مجرد لغو أو حشو، ليركز على الأخ جمال مبارك.

الدكتور عامر شطا طبيب أرحّب بنشر رأيه ثم أرفضه، لأنه ينسب إليّ ما لم أقل حيناً، ويجاوز حديثي عن الفساد والفقراء حيناً آخر. ويغيظه الى درجة ان يسجل في رسالتين انني أجتمع مع يسرى وعايدة رياض، مع ان علاقتي بيسرى سياسة خالصة، وقد أجرت لي مقابلة تلفزيونية تحت المطر في لندن بثت مرات عدة. وطبعاً فأنا أجريت من المقابلات الخاصة للرئيس حسني مبارك ما يفوق أي مقابلات أجراها صحافي غير مصري، ومثله الأمين العام لجامعة الدول العربية الأخ عمرو موسى وعندي اتصال مباشر مع وزراء الخارجية والاقتصاد والتجارة والثقافة والصحافيين، ومعلوماتي من أعلى المصادر المصرية، حتى ان بعضها لا أسجل اسمه لموقعه الأمني. غير ان الدكتور شطا لا يرى من كل هذا سوى الحسان.

بالمناسبة، أنا كتبت قبل ظهور نتائج الانتخابات، ولم أتوقع أبداً ألا يفوز الاخوان المسلمون بأية مقاعد، وأتمنى لو أن الرئيس يحل المجلس الجديد في الوقت المناسب، ويأمر بإجراء انتخابات جديدة، وبما انني أعرفه فإنني أقول انه لن يفعل شيئاً تحت الضغط، وإن الحملات على البرلمان الجديد تعطي عكس هدفها.

وأختتم بالمرأة العربية، وما كتبت عن أنها تقدمت رغم الرجل العربي لا بفضله، وقد احتج قراء محافظون، وعادوا بي الى الحجاب، وهل هو عادة أو عبادة، والانحلال الغربي.

الجدل هذا مفيد، وقد تحدثت تحديداً عن ملحق جريدة كانت مقالاته عن نساء العالم ايجابية ومقالاته عن نسائنا تلخيصاً لمشاكلهن ومعاناتهن.

هذا لا يعني انني لا أعرف ان المرأة العربية تقدمت في الجيلين الأخيرين، فقد كتبت، كما يعرف أخي أيمن وأخي أبو اسماعيل تحديداً، ان نساء الخليج تعلمن في بلادهن وكمبتعثات، وأن أربع نساء رأسن جامعات الكويت وقطر والبحرين والخليج، وهو ما لم يحدث في لبنان أو مصر.

للقارئ عليّ أن تكون معلوماتي صحيحة، وأنا لم أسحب اطلاقاً شيئاً كتبته، أما الرأي ضمن نطاق القانون فحق له كما هو حق لي.