داود الشريان


أدخلت إيران الدراما في الصراع المذهبي في المنطقة، وهي أنتجت مسلسلاً بعنوان laquo;مختار نامهraquo;، يروي قصة المختار بن يوسف الثقفي الذي انتقم من قتلة الحسين بن علي. المشكلة ليست في تصوير شخصيات إسلامية، كما قيل، القضية أن إيران تعاود صوغ التاريخ العربي الإسلامي بمنطقها المذهبي. تحاول أن تصنع تاريخاً للإسلام بسحنة فارسية، متجاهلة أن الإسلام بني على أخلاق العرب وتقاليدهم.

وإيران تسعى، بالدراما المزيفة، الى أن نشكك في نسبنا لخليفة رسول الله المسمى بعلي وحيدر. وابنيه الحسن والحسين رضي الله عنهم جميعاً. هل يتخيل العربي، مسلماً كان أو مسيحياً، أن أبا الحسن، وابن الهاشميين، ورمز الحكمة والفروسية والزهد، والورع والفقه، ومؤسس البلاغة، صار فارسياً؟ هل نسيت ايران ان الامام علي كان قاضي عمر بن الخطاب ومستشاره في الحرب والسياسة؟ كان الخطاب إذا جلس ونظر في وجه الامام علي يعتريه السرور، كأنه يقول لنفسه: هذا حبيب رسول الله يا عمر، ومفتديه ليلة الهجرة. رشحه الفاروق مع ستة من صحابة رسول الله للخلافة، وبايع الإمام علي عثمان خليفة ووقف معه. وحين وقع الخلاف الشهير صار علي حكيم أمة استبد بها منطق الثأر والعصبية وضيق الأفق. وهو رفض الخور والفتنة. وتمسك ابنه الحسن بعده بهذا النهج الحكيم. واستشهد الحسن والحسين في وحدة المسلمين.

لا شك في أن العرب والمسلمين يختلفون حول روايات تلك المرحلة وتفسير أحداثها. والحكمة تقتضي عدم تفسير التاريخ بمذهبية الحاضر وصراعاته. لكن إيران تسعى الى تسييس تاريخنا على نحو مفزع، وتستغله لمشروعها، على رغم أنها ليست طرفاً في هذا التاريخ ولا ينبغي لها أن تكون. فضلاً عن أن إيران تشوه اليوم صورة الشيعة العرب بالطريقة التي مارستها الحروب الصليبية في تشويه صورة المسيحيين العرب، لكنها فشلت، وظل الغساسنة والمناذرة عرباً رغماً عن الحروب الصليبية... وإيران يجب أن تفشل.

الأكيد أن الدراما هي وسيلة الحرب القادمة في المنطقة، لكن تمسكنا بالعروبة سيحبط هذا الهدف. لسنا معنيين بخلافات التاريخ التي تحاول إيران أن تفرقنا به. علينا أن نصوغ الدراما التاريخية بحزم وجرأة أبي بكر، وعدل عمر، وورع عثمان، وحلم وحكمة وبُعد نظر علي. ومن غير رؤية حضارية واسعة الأفق، فإن إيران ستهزمنا، وتفرق وحدتنا وتزجنا في حروب دينية موحشة.