صالح الشيحي

بالإثبات، أعتبر نفسي من القلائل الذين ساندوا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. عند كل فضيحة يتسبب بها أحد أفراد الجهاز.. كنت أجتهد كثيرا في البحث عن المبررات!
لكن لم أكن أتصور يوما أن هذا الجهاز سيصبح عصيا على الأنظمة.. ولم أتخيل أنني أصبحت بحاجة لإقناع نفسي بما يحدث!
بالأمس القريب قرأت حديثاً لأحد كبار العلماء في بلادنا يطالب فيه أفراد الهيئة بعدم quot;التجسسquot; والاكتفاء بتغيير quot;المنكرات الظاهرةquot;.. وكثير من الأصوات تقول ذات الشيء.. قلت: ولماذا أصلا نطالبهم ونتوسل إليهم كي لا يتجسسوا على الناس؟! ألسنا بهذه الطريقة نفاقم من الشعور المتعاظم لدى موظفي الهيئة أنهم فوق النظام؟
ـ أليس هناك نظام لهذا الجهاز يمنع منسوبيه من التجسس؟ أليس هناك نظام يعاقب الفرد المخطئ؟
سألتزم الصمت تماما؛ فقط احضروا لي خبرا يتضمن معاقبة أحد أفراد الهيئة على مدى عشرين عاما مضت!.. هاتوا لي دليلا واحدا على أن الجهاز قام بمعاقبة أفراده المخطئين؟
وسأحضر لكم في المقابل عشرات الإثباتات أن جميع مؤسسات الدولة دون استثناء ـ بما فيها وزارة الداخلية ـ تقوم بمعاقبة المخطئين من موظفيها.. بل إن بعضهم تمت إحالتهم للشرع وتم تنفيذ أحكام الإعدام بهم.. وهناك من يقضون عقوبات السجن وهناك من عوقبوا بالفصل، وهناك شخصيات بارزة جدا تم إعفاؤها من مناصبها، وغير ذلك كثير..
لماذا لم نسمع أن أحدا من موظفي هذا الجهاز الحكومي تمت معاقبته؟!
نحن بذلك زرعنا فجوة هائلة، وجفوة عميقة بين هذه المؤسسة الحكومية وبين المجتمع.. وسنفاجأ بجيل ناقم على هذا الجهاز وأفراده إن لم نتدارك الأمر..
فقط اقرؤوا ردود القراء على قضية اعتداء موظف الهيئة على أحد المواطنين بالسكين التي نشرتها (الوطن) يوم أمس، وستكتشفون حجم الهوة السحيقة التي تشكلت بين الناس وبين الهيئة.. حاولوا أن تجيبوا على السؤال المحيّر: لمصلحة من يحدث هذا؟!