علي سعد الموسى


يقول الرئيس الإيراني، أحمدي نجاد في خطاب ألقاه منتصف الأسبوع الجاري في محافظة خراسان: إن أمريكا هي العقبة الأساسية أمام عودة الإمام المهدي المنتظر. وأنا مؤمن أن أمريكا بعض عقبة لبعض الوقائع والملموسات ولكن ما هو دخل أمريكا في الغيبيات؟ وإذا كانت هذه هي فلسفة السبب لدى خطاب ديني فلماذا لم يظهر الإمام المهدي قبل عام 1950، قبل نصف قرن، يوم كانت أمريكا على الهوامش أو للتو تدخل سدة (الاستكبار) العالمي؟
مسكينة كل هذه الشعوب المسكونة بتعبئة الثورة. وبدلاً من أن تكون أمريكا هي المسؤولة عن الجوع والجهل والخوف والبطالة، أصبحت مسؤولة عن ساعة الإمام المهدي الغائب. بدلاً من أن تعطى هذه الشعوب حقها الطبيعي في الحرية، تحولت البلدان الثورية إلى أجهزة أمن سرية، وكل جهاز له مهمتان: أن يتجسس على الجهاز المقابل في أجواء انعدام الثقة، وأن يصادر الهواء من أنف المواطن المغلوب بحجة خيانة مبادئ الثورة. وبدلاً من أن نفجر العقول بالإبداع في عصر العلم، صرنا بحجة مقارعة أمريكا نفجر الأجساد في المساجد والمراقد والعتبات.
وبدلاً من أن ننافس ونزاحم في عصر العلم، مرة أخرى، صرنا، برسم أمريكا، مجرد أجسام مشبوهة في المطارات وفي قوائم السفر. صارت أمريكا هي الحجة. هي مسؤولة عن ثلث مليار أمي لا يكتب أو يقرأ في خريطة العالم الإسلامي مثلما هي المسؤولة أيضاً عن ثلث مليار عاطل لا يجد وظيفة. والسؤال: إذا كنا نفتخر بأننا تجاوزنا رقم المليار في حفائظ النفوس وإذا كانت الأرقام تشير إلى أن فرداً واحداً من كل خمسة من هؤلاء يلبس بدلته العسكرية في الصباح، وإذا كنا بهذا الرقم المهول الهائل من طابور الصباح العسكري فلماذا بقيت أمريكا قوة للاستكبار؟ لماذا بقيت أمريكا مسؤولة عن كل ما حولنا من الجوع والجهل والخوف والبطالة وحتى عن حالات الطلاق المتنامية وأخيراً حتى عن تأخر ظهور الإمام المهدي الغائب؟ لماذا يحدث كل هذا بسبب أمريكا رغم أن جيشها الرسمي أقل من سكان أي مدينة ثانوية صغيرة على هذه الخريطة؟ والجواب لأننا تفرغنا للخطاب الناري في المحافظات والنجوع والهجر والأرياف. هم تفرغوا لمعامل الجامعة.