فارس بن حزام

لا أظن وزيراً يملك كارزيما كتلك، التي يملكها وزير العمل الدكتور غازي القصيبي، المثير للجدل دائماً في صحته وسقمه.

فجأة، وفي ظرف شهر واحد، أقيمت ندوة أدبية في الرياض عن الوزير، وتسارعت الصحافة السعودية إلى نشر مقالات عن مسيرته.

لم تنشر الصحافة خبر تواجد الوزير في أميركا للعلاج من مرض عضال- شفاه الله-لكن سباق المقالات على الورق تواصل سريعاً. ومن يطالع المواد المنشورة، سيلحظ تركيزها على مسيرته الأدبية، ويمكن القول إن تجربته الإدارية تم تجاوزها بقصد أو بغيره، رغم حاجة الجمهور إلى معرفة أخبار الوزير أولاً بأول، فهو ليس مجرد وزير كغيره، بل نجم حكومي وثقافي، له أنصاره وله خصومه، وكلا الطرفين يهتم بصحته وبمرضه.

الراثون -من غير عمد- ركزوا على جانبه الأدبي، ربما لتجاوز الخلاف حول التجربة في وزارة العمل، التي خسر خلالها الدكتور غازي أنصاره من الصحافيين وعامة الجمهور، بعد أن كان رمزاً وأنموذجاً وزارياً يحتذى به خلال تجربة وزارة الصحة أو ما سبقها. وربما يذكر الناس الوزير بالخير بعد سنوات، حين يكتمل مشروع توطين الوظائف، فيقال وقتها أنه وضع حجر الأساس لأصعب مشروع وطني.

ما يحدث مع الدكتور غازي هو رثاء فعلاً، وإن لم يقل بذلك الراثون. والأخبار المتواترة من أميركا-حيث يُعالج الوزير- تقول إنه يقرأ ويتواصل مع أصدقائه، رغم الأوجاع، ولابد أنه يطالع ما تعرضه الصحافة من مقالات رثائية، وتغطيتها لبكاء صديقه خلال الندوة الأدبية، في وقت ربما هو أحوج إلى مقالات تشجيعية لمواجهة المرض. وذاك شيء لا أعرفه في شخصية الوزير، هل تسره المقالات المنشورة أم تزعجه؟ هل تدفعه المقالات إلى مزيد من التحدي للمرض أم تثبط من عزيمته؟ مثل هذين السؤالين، ليس من الضرورة الحصول على إجابتهما تحقيقاً للمزيد من الجدل، الذي يضفيه الوزير على حياته ونشاطه.

من ضمن ما يعرفه الناس عن الدكتور غازي، قوته. ومثله يقاوم المرض، ويسخر من أوجاعه، بعد أن أتم السبعين عاماً. وفي كل ما ينشر فرصة للمقاومة، إن أراد ذلك. ومناسبة لإعادة التأكيد على شعبية-وإن اختفت قليلاً- تعود سريعاً. شفاه الله.