فهمي هويدي
الصحف المصرية أكدت أن الملف الفلسطيني كان موضوع البحث في لقاء الرئيس مبارك مع بنيامين نتنياهو، لكن الصحافة الإسرائيلية أكدت أن موضوع البحث كان الملف الإيراني وليس الفلسطيني. فقد نشرت صحيفة laquo;معاريفraquo; يوم الأحد الماضي laquo;2/5raquo; أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سعى للقاء الرئيس مبارك لكي يطلب منه laquo;تخفيض مستوى السرعةraquo; فيما يتعلق بدعوة مصر إلى إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، وقالت في هذا الصدد إنه يريد إقناع الرئيس المصري بأن إسرائيل ليست المشكلة، وإنما هي تكمن في البرنامج النووي الإيراني، الذي يدعي نتنياهو أنه لا يهدد إسرائيل فحسب، وإنما يهدد مصر أيضا.
اتكأ تقرير laquo;معاريفraquo; على ما نشرته صحيفة laquo;وول ستريت جورنالraquo; يوم السبت laquo;الأول من مايوraquo; بخصوص اتصالات تجريها الولايات المتحدة مع مصر حول الموضوع ذاته. إذ تبدي إدارة الرئيس أوباما اهتماما خاصا بفكرة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي، التي دعت إليها مصر ودول أخرى. وهي في ذلك تسعى إلى عقد صفقة مع مصر تكون إيران فيها مقابل إسرائيل، بمعنى أن تقوم إسرائيل بتفكيك السلاح النووي الذي بحوزتها، إذا ما اتخذت إيران الخطوة ذاتها، وهي محاولة أمريكية شبه أخيرة لوقف البرنامج النووي الإيراني.
وحسب وول ستريت جورنال ثمة انطباع بأن البيت الأبيض بات مستعدا لتبني مواقف غير مسبوقة إزاء الموضوع. ذلك أن الموقف الأمريكي التقليدي كان يغطي على الموقف الإسرائيلي، بالتستر على غموضها النووي، وصد محاولات إلزام إسرائيل بالتوقيع على ميثاق منع الانتشار النووي، بما يسمح بالرقابة على منشآتها النووية ومخزونها من السلاح النووي، لكن موظفين كبارا في القدس عبروا عن خشيتهم من أن يكون الرئيس أوباما بصدد إحداث تغيير في ذلك الموقف التقليدي، علما أنه بعث إلى مصر برسالة بهذا المعنى، إلا أن الصحيفة نقلت عن مصادر أمريكية قولها إنه من غير المتوقع اتخاذ قرار أحادي الجانب لإلزام إسرائيل بتفكيك سلاحها النووي، لأن خطوة من هذا القبيل لن تتم إلا بتوافق الأطراف ذات الصلة، وبعد أن يطرأ تقدم كبير في محادثات السلام والدول العربية. وذكرت أن ثمة اقتراحا إسرائيليا يتبنى موقفا مشابها، بمقتضاه تؤيد إسرائيل إخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي، ولكن فقط بعد عقد اتفاق سلام شامل في المنطقة.
المعلومات التي نشرتها الصحيفتان الإسرائيلية والأمريكية تفسر لماذا حرص نتنياهو على لقاء الرئيس مبارك يوم الاثنين، رغم أن لجنة المتابعة العربية كانت قد استجابت لرغبته في إجراء المفاوضات غير المباشرة قبل الزيارة بأربع وعشرين ساعة، ذلك أنه رغب في أن يوصل تلك الرسالة إلى الرئيس مبارك قبل انعقاد المؤتمر النووي الذي بدأ أعماله في واشنطن هذا الأسبوع، ويشارك فيه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد. ولأن إسرائيل ليست من الدول الموقعة على ميثاق منع الانتشار النووي، مثلها في ذلك مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية، فإن نتنياهو أراد أن يطمئن إلى أن مصر لن تلح في دعوتها إلى إخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي، لكي يطوق المسعى الأمريكي الذي يحاول تحسين صورة واشنطن وتقديمها باعتبارها وسيطا نزيها، يساوي بين البرنامجين الإيراني والإسرائيلي، خصوصا أن الرئيس أوباما يتجه إلى تعيين مبعوث خاص لهذا الغرض.
إذا صحت هذه المعلومات فهي تعني أن صحفنا القومية وإعلامنا الرسمي الذي يعبر عن سياسة الحكومة، جميعهم نائمون في العسل. وهي تعني أيضا أن بعض أخبارنا المهمة أصبحت تنشرها الصحف الإسرائيلية، كما حدث في موضوع الجدار الفولاذي الذي أقيم بين سيناء وقطاع غزة.
التعليقات