فاطمة الصايغ


في شهر أكتوبر 2009 زار المقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز وكره الأجانب التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، زار دولة الإمارات بدعوة من الحكومة والتقي بعدد من المسؤولين وعدد من شخصيات المجتمع المدني والأكاديميين.

وقبل حوالي شهر نشرت اللجنة تقريرها الخاص بتلك الزيارة متضمنا ملاحظاته على وضع الأجانب في دولة الإمارات وقوانين وتشريعات الدولة بما يخص بهذا الجانب.

التقرير الذي جاء في حوالي 27 صفحة مختوما ببعض التوصيات، نوه في بدايته إلي وضع الأجانب والذين يحظون بالكثير من الاهتمام والرعاية في دولة الإمارات بوصفهم محرك مهم لحركة التنمية والاقتصاد.

كما نوه التقرير بجهود الدولة للقضاء على جميع أشكال التميز وتحقيق المساواة والقضاء على جميع أشكال العنصرية وكره الأجانب كما نوه بجهود الإمارات لمكافحة الاتجار بالبشر وجميع أشكال التمييز والتعصب.

كما تناول التقرير مسائل تتعلق بالهوية الإماراتية ومنح الجنسية وظروف العيش والعمل بالنسبة للعمال الأجانب غير المهرة لاسيما عمال البناء والخدمة المنزلية والسياسة التعليمية والإطار القانوني والمؤسسي لحقوق الإنسان من أجل مكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب.

في بدايته نوه التقرير بدولة الإمارات بوصفها دولة ذات وضع فريد حيث يمثل الأجانب الأغلبية بينما يمثل المواطنين الأقلية بكل ما يحمله هذا الوضع من قلق محلي تجاه اللغة والهوية وقضية اندماج الأجانب والقدرة على الاستيعاب.

سلط التقرير الضوء على مبادرات الدولة والتي اعتبرها تستحق التقدير فيما يتعلق بالتصدي لبعض التحديات الكثيرة ولكنه شدد على أنه لا يزال هناك بعض التغير المطلوب فيما يتعلق بالتشريعات والسياسات وتطبيقها فضلا عن التثقيف في مجال حقوق الإنسان.

القي التقرير الضوء بداية على الهيكل السياسي في دولة الإمارات كدولة اتحادية تمارس سيادتها داخل إطار الإمارات الأعضاء فيها والإسلام هو الدين الرسمي واللغة العربية هي لغته الرسمية.

ثم عرج التقرير على تركيبة الإمارات الديمغرافية حيث قدر عدد سكان الإمارات بحوالي 6 ملايين نسمة يشكل المواطنين فيها حوالي 17% بينما يشكل الأجانب النسبة المتبقية والقادمة من حوالي 180 جنسية متنوعة.

وعلى المستوى الدولي فأن دولة الإمارات تعد طرفا موقعا على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل.

ولكن التقرير نوه إلي أن الإمارات ليست طرفا في الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ولا في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما نوه التقرير بمصادقة الإمارات على عدد من الاتفاقيات الأساسية لمنظمة العمل الدولية والخاصة بحماية العمال وحقوقهم والقضاء على جميع أشكال العنصرية والتمييز. على الرغم من إشادة التقرير بقوانين حقوق الإنسان التي تضمنها دستور الدولة إلا أنه لمح إلي عدم وجود تشريعات تحظر العنصرية والتمييز وكره الأجانب.

كما أشار التقرير إلي قضية laquo;المواطنة laquo; وما تحمله من امتيازات للمواطن واعتبره نوعا من التمييز. وأشار التقرير إلي أنه وعلى الرغم من عدم وجود ما يعرف باسم مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان ألا أن دولة الإمارات تعمل حاليا على العمل بجدية لإنشاء مؤسستها الوطنية وفقا لمبادئ باريس.

لخص التقرير وجهة نظره المتعلقة بالتحديات التي تواجهها الدولة في مجال مناهضة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب، وخلص إلى عدة قضايا يمكنها إذا لم تتم مواجهتها بحكمة إلى ظهور تمييز.

هذه القضايا هي على التوالي: قضية الهوية الوطنية ومنح الجنسية، قضية العمال غير المهرة وخدم المنازل والقضايا المتعلقة بحفظ حقوقهم، وقضية الأشخاص عديمي الجنسية، وقضية الاتجار بالبشر، وقضية التعليم من حيث اعتبارها من أكثر الأدوات فعالية لبناء مجتمع متماسك ومتسامح ينبذ العنف ويحث على عدم التعصب.

وأشار التقرير إلي جهود الدولة لمواجهة التحديات السابقة والتشريعات التي اتخذتها الدولة في مواجهة هذه التحديات.

وخلص التقرير إلي مجموعة من الاستنتاجات التوصيات أهمها أن التوصل إلي تعريف واضح أو صيغة غير مبهمة لمصطلح laquo;الهوية الوطنيةraquo; مهم لتبديد كل التوتر الذي قد يعيق التعايش السلمي بين الجنسيات والأعراق التي تعيش على أرض الدولة. كما أن التثقيف في مجال حقوق الإنسان قضية ضرورية للجميع.

أوصي التقرير كذلك بمواصلة الجهود لتحسين وضع العمال غير المهرة وبمواصلة تثقيفهم بحقوقهم الإنسانية وحمايتهم من جميع أشكال التمييز واستحداث عقود عمل جديدة تحمي حقوقهم وتنظم عملهم وعلاقتهم برب العمل. كما أوصى التقرير بضرورة حل القضايا الأخرى العالقة والمتعلقة بحلول جذرية لقضية عديمي الجنسية وقضية المرأة المواطنة ونقل جنسيتها إلي أطفالها.

وأخيرا أوصي التقرير بفتح أبواب المدارس الحكومية للجميع دون تمييز. في الختام أشار التقرير إلي أن قضية التمييز موجودة في كل المجتمعات الإنسانية ولكن كل الجهود الدولية والفردية يجب أن تعمل معا في سبيل التوصل إلي القضاء على جميع أشكال اللا مساواة في سبيل إنشاء مجتمع إنساني خالي من جميع أشكال التمييز والتعصب.

الإمارات دولة بوضعها الاجتماعي والاقتصادي الحالي مدركة بأن التنوع العرقي الذي يوجد على أرضها هي قضية جوهرية وتاريخية بل وحتمية. فالإمارات كانت على الدوام مجتمعا متنوعا تعيش في جنباته أعراق متنوعة. ولذا فإن الأخذ بهذه التوصيات ليس شيئاً جديداً عليها.