سعد العجمي

نرفض جملة وتفصيلاً طريقة تعاطي وتعامل بعض كتابنا مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي، لكن وصفهم بـ'الصهاينة' أمر لا يمكن أن نقبل بأن نطلقه نحن عليهم، فما بالك وقد جاء هذا التوصيف من سفير لدولة نشعر بحساسية مفرطة تجاهه هو وبلاده؟!

منذ أن باشر أعماله كسفير لبلاده في الكويت، كان علي جنتي أحد أكثر السفراء إثارة للجدل بدءاً بلقاءاته مع بعض المرشحين الكويتيين عند كل انتخابات لمجلس الأمة، مروراً بتصريحاته الغريبة تعليقا على الأحداث الإقليمية، وانتهاء بقضية خلية التجسس التي تم اكتشافها أخيرا من قبل الأجهزة الأمنية الكويتية.

جنتي الذي انتهت فترة تعيينه سفيراً لطهران، أبى أن يغادرنا قبل أن يعود إلى ممارسة تصريحاته 'الشاذة' التي تفتقد إلى الحد الأدنى من اللباقة، عندما وصف بعض الكتاب الكويتيين بأنهم 'صهاينة'، في تصرف 'فج' ينم عن أن هذا السفير أبعد ما يكون عن الدبلوماسية!

نرفض جملة وتفصيلاً طريقة تعاطي وتعامل بعض كتابنا مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي، لكن وصفهم بـ'الصهاينة' أمر لا يمكن أن نقبل بأن نطلقه نحن عليهم، فما بالك وقد جاء هذا التوصيف من سفير لدولة نشعر بحساسية مفرطة تجاهه هو وبلاده؟!

وقبل يومين وخلال كلمة ألقاها في مقر السفارة الإيرانية بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لرحيل الخميني دعا جنتي القادة العرب 'للاستفاقة من سباتهم والانتباه للمؤامرات والانصياع لرغبات الشعوب من أجل تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة'، مؤكداً أن السلام مع إسرائيل وصل إلى طريق مسدود، وأن تل أبيب لا تفهم إلا لغة القوة، وكأن قادة طهران هم من شنوا ثلاث حروب على إسرائيل وليس العرب.

هنا أسأل جنتي: كم رصاصة أطلقتها إيران على الصهاينة منذ احتلالهم لفلسطين؟ وكم عدد الإيرانيين الذين استشهدوا لتحرير التراب الفلسطيني؟ وماذا فعلت إيران على أرض الواقع للدفاع عن الفلسطينين غير الأعمال الإرهابية والتفجيرات في عواصم غربية تحت ذريعة دعم القضية الفلسطينية! حتى في هذه الأيام يلعب الإيرانيون على المتناقضات والخلاقات الفلسطينية-الفلسطينية في تعاملهم مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي.

القضية الفلسطينية بالنسبة لإيران كانت ومازالت شعاراً يرفع من قبل طهران، إما للتغطية على أزمة داخلية، وإما لإحراج بعض الأطراف العربية، فهي قضية سياسية من الدرجة الأولى تستخدمها إيران كورقة ضغط في إدارة ملفاتها الإقليمية والدولية وحتى في مشاكلها الداخلية.

كنا نتمنى من جنتي قبل أن يلعب دور المنظّر السياسي أن يكون قد مارس دوره الدبلوماسي على أكمل وجه خلال مهام عمله التي قضاها في الكويت، وحاول أن يكشف عن مصير الكويتي حسين الفضالة المفقود في إيران منذ حوالي عامين، وأن يجد لنا تفسيراً للاعتداء على أحد دبلوماسيي السفارة الكويتية في طهران، وقبل أن يعطينا دروساً في القومية العربية كان عليه أن يعطي نفسه درسا في مهام ودور السفير عندما يمثل بلاده في دولة لها سيادة واستقلال.

على كل يبدو أن حظنا في الكويت سيئ مع الدبلوماسيين الإيرانيين، فجنتي الذي انتهت فترة عمله في الكويت، سيخلفه محمد جلال فيروزنيا، وهو سفير سابق لطهران عمل في اليمن الذي ثبت دعم إيران للانفصاليين الحوثيين فيه، وعمل في البحرين أيضا التي تقول المنامه إن لإيران دوراً في تغذية الاضطرابات وأعمال العنف الداخلية التي تحدث هناك بين فترة وأخرى.