عبدالعزيز حسين الصويغ

منظر مهين لا يتوافق مع ما يربط البلدين والشعبين الشقيقين السعودية والبحرين من علاقات متميزة. هذا أقل ما يمكن التعليق به على ما شاهدناه على قناة العربية من منظر اعتقال شاب سعودي مكبّل اليدين بـldquo;الكلبشاتrdquo;، وملقى أرضًا داخل مقر وزارة الداخلية البحرينية، بينما يقوم ضابط بحريني وعدد من أفراد الأمن البحريني بالاعتداء عليه، بل لم يكتفِ بهذا، بل وباشر بضربه وهو ملقى أرضًا بالأقدام حتّى لا نقول بالأحذية، ويكسر يده، وضلعين من ضلوعه!!
ولقد سبق وأن تناولت في مقال بعنوان laquo;أشقاء للأبدraquo; (26/07/2010) بعض الحوادث السلبية التي تعرّض لها بعض المواطنين السعوديين في مملكة البحرين، وهي ظاهرة سلبية يمكن أن تلوّث علاقات الأخوة بين البلدين والشعبين الشقيقين. وطالبت بمناقشتها بشكل عقلاني يتناسب مع عمق العلاقات بين الدولتين الشقيقتين، وذلك لإزالة ما قد ينشأ من مظاهر، وإن كان يصعب أن تؤثر على طبيعة العلاقات بين الدولتين، إلاّ أنها بقع سوداء لابد من إزالتها لإبقاء العلاقات بنفس القوة والزخم الذي يتوق له الشعبان الشقيقان.
ولقد ظللت أشكّك دومًا في أن تصل اعتداءات بعض رجال الأمن البحريني إلى الدرجة التي تتناقلها مواقع الشبكة العنكبوتية، وبعض أجهزة الصحافة في البلدين على استحياء. لكن توثيق هذا الحادثة، هذه المرة، بمقطع فيديو صوّره أحد الحقوقيين البحرينيين دون أن يشعر المعتدون به، جعل ما كانت شكوكًا وظنونًا حقائق دامغة تكشف خروجًا من بعض عناصر الأمن البحريني عن ما ينبغي أن يسود العلاقات بين الشعبين من مودة. وإذا كان وزير الداخلية البحريني قد أمر بمحاكمة جميع المتورّطين في الحادثة، وأكد أن الاعتداء بالضرب على مواطن سعودي من قِبل رجال أمن هو أمر غير مقبول، فإننا نأمل عدم الاكتفاء بهذا الإجراء الذي قد ينال جزءًا من الصورة التي أصبحت تشوّه مسار العلاقات الاستثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين. ومجرد التحقيق والحكم والإدانة على شخص أو أشخاص من هذا الطرف أو ذاك، وإن أنصف البعض فإنه لن ينصف أو يقضي على الصورة السلبية التي تأتت من جرّاء هذا الحادث وأمثاله.
لذا أعيد هنا مجددًا التأكيد على ضرورة أن يقود مواطنون سعوديون من الذين لهم علاقات مميّزة مع الأشقاء في البحرين بإطلاق مبادرة من خلال laquo;زيارة محبةraquo; للشعب البحريني الشقيق، يحملون فيها من خلال laquo;جسر المحبةraquo; مبادرة لإنهاء ما قد يشوب العلاقات من مظاهر نودّ أن لا تتكرر مستقبلاً. وأضيف ضرورة تكوين لجنة سعودية ndash; بحرينية مُشتركة رسمية من المختصين في وزارتي الخارجية والداخلية من الدولتين لدراسة هذه الظاهرة، وإيجاد الحلول العملية لعدم تكرارها.
ولابد أخيرًا من الإشادة بتحقيقات صحيفة laquo;اليومraquo; السعودية، ومتابعتها للقضية لشهور طويلة لا من باب الإثارة وتأجيح الرأي العام السعودي، ولكن للحفاظ على كرامة المواطن السعودي أينما كان، طالما التزم بالأنظمة والقوانين، بل وحتّى لو كان المواطن قد ارتكب خطأ، فإن تجاوز السلطات الأمنية أو غيرها في أي دولة من دول العالم تجاه حقوق المواطن عن الإطار القانوني المعروف بالمخالفة للأنظمة والقوانين الدولية يمثل انتهاكًا لحقوق المواطن، وحقوق الإنسان السعودي. فالأخوة والجوار يجب أن لا تثنينا عن الدفاع عن حقوق مواطنينا أينما كانوا. بل إن تشديد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لسفرائه بحفظ حقوق المواطنين، والدفاع عنهم هو دافع لكافة ممثليات خادم الحرمين الشريفين في الخارج لاتّخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على حقوقهم وكرامتهم.. فكرامة الوطن هي من كرامة مواطنيه.