ريما الرحباني لـ laquo;النهارraquo;: ما يحصل هو لقاء تضامني جماهيري...!


بيروت - النهار


تخذت قضية الخلاف بين الفنانة القديرة فيروز، وأبناء الفنان الراحل منصور الرحباني منحى تصاعديا، بعد أن وصل الخلاف بينهما الى تحديات وبيانات وصولا الى تبادل الاتهامات، حول التراث الفني للأخوين الرحباني (عاصي ومنصور) الى جانب النواحي المادية، والتي يعتبرها مروان وغدي واسامة الرحباني أبناء منصور حقا لهم، فيما تصر ريما ابنة السيدة فيروز على رفض مجرد ذكر الفكرة، وهو ما أشعل نار الخلافات رغم المحاولات التي بذلها عدد من المقربين، لقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر وانهاء الخلاف بأقل ضرر ممكن، لكن دون جدوى حيث طرحت علامات الاستفهام حول ما قد تصل اليه الأمور، في حال استمر صب الزيت على نار الخلافات الرحبانية.

وفي هذا الاطار، دعت ريما الرحباني الى لقاء تضامني مع السيدة فيروز امام المتحف الوطني في بيروت، وأطلقت عليه عنوان laquo;تضامنا مع فيروزraquo; وقد شارك فيه عدد كبير من المثقفين والاعلاميين، الى جانب محبي فن السيدة فيروز، وعلى هامش اللقاء كان لـ laquo;النهارraquo; لقاء مع ريما، وهنا ما جاء فيه:

الى متى سيستمر هذا الخلاف؟

حاليا نحن نقوم بهذه الخطوة، وهي في مجملها خير تعبير عن التضامن الجماهيري مع فيروز في مثل هذا الخلاف.

ما الكلمة التي توجهينها الى محبي فيروز، وما هدف هذا اللقاء؟

حاليا أفضل عدم التحدث في الموضوع، لأن هدف اللقاء في الاساس هو التضامن مع فيروز، والاستماع لصوتها وهذا يكفي في الوقت الحالي.

أما الهدف فهو كما بات معروفا، أنه يأتي ردا على المشككين بالسيدة فيروز والذين يحاولون النيل منها بشتى الوسائل.

اليست هناك وسائل لتسوية هذا الخلاف الذي يسيء للجميع؟

لم يعد هناك مجال للتصالح، وقد قلنا ما عندنا ونحن هنا لسماع صوت فيروز فقط، وهذا ما جئنا من أجله.

من جهته، اعتبر الفنان الياس الرحباني في اتصال مع laquo;النهارraquo; أن الأمور لم يكن من المفترض أن تصل الى هذا الحد، مؤكدا مواصلة جهوده لاعادة تصويب الأمر قبل فوات الآوان، وخصوصا أن النوايا للوصول الى نتيجة مرضية للجميع ما زالت موجودة.

كما أوضح الفنان الياس الرحباني، أن ما يحصل كان يفترض أن يبقى في اطار الخلاف العائلي الذي يمكن حلّه، لكن التدخلات وبعض المقربين صبّوا الزيت على النار، فازدادت الأمور تعقيدا، ومع ذلك لن يستسلم وسيواصل محاولاته لتذليل العقبات التي تحول دون لقاء، عائلي يعيد المياه الى مجاريها كمرحلة أولى، ومن بعدها يتم بحث الخلاف في العمق وصولا الى تسوية أو حل يرضي الجميع.

واعتبر الفنان القدير أن ما يحصل هو جريمة بحق الفن الرحباني، واساءة لكل انجازات عاصي ومنصور على حد سواء، وهو ما يجب تداركه سريعا قبل الوصول الى الحائط المسدود، وهناك بعض الأمل طالما النوايا صافية.

بيان أبناء منصور الرحباني

وفي الاطار نفسه أصدر أبناء منصور وهم مروان وغدي وأسامة الرحباني البيان التالي: نحن مروان وغدي وأسامة منصور الرحباني، وبعد صمت فرضناه على انفسنا تجاه حملات إعلامية مغرضة تناولتنا أخيراً من بعض الأقلام، وبينها ذوو القربى على خلفية مشاكل عالقة بيننا وبين وريثتي عمنا عاصي وهما أرملته السيدة نهاد حداد وابنتها ريما. وبعدما تيقنا أن كل الذين تحدثوا في الموضوع لا يعرفون ماهية تلك المشاكل ولا اسبابها ولا تفاصيلها ولا ما هي الحقوق والواجبات فيها... وبعد وصول التجني في الاعلام الى درجات الشتم والإهانة وlaquo;السلبطةraquo;، رأينا أن من واجبنا الخروج عن laquo;الصمت الأخلاقيraquo; الذي تعلّمناه من نبل عاصي ومنصور معاً، والدخول في الكلام الواقعي والجدي تبياناً للحقائق.

الخلاف حول تكريم الاخوين رحباني في المناهج المدرسية

غداة غياب منصور الرحباني، وفي لفتة تقدير من وزيرة التربية الوطنية والتعليم العالي آنذاك السيدة بهية الحريري بغية تنشئة الأجيال القادمة على فكر وأدب الأخوين رحباني ومنصور بعد غياب عاصي، أصدرت بتاريخ 12/12/2009 القرار رقم 167/2009 الذي قضى بتشكيل laquo;لجنة لتخليد فن وأدب منصور الرحباني والعائلة الرحبانية عبر إدخالها في المناهج والأنشطة التربويةraquo;. وفي أعقاب نشر هذا القرار في العدد الخاص من المجلة التربوية (آذار 2009) الذي أصدره المركز التربوي للبحوث والإنماء، اعترضت الآنسة ريما الرحباني على تلك العبارة وجاريناها الرأي وتمنينا على معالي الوزيرة التصحيح، فبادرت الى التصحيح بموجب قرار مؤرخ في 19/5/2009 حيث أصبح على الوجه التالي: laquo;تشكل لجنة لتخليد فن وأدب الأخوين الرحباني ومنصور الرحباني بعد غياب عاصي الكبيرraquo;. ورغم ذلك، أصرت الآنسة ريما على الاحتجاج الواهم في الإعلام بالرغم من انتفاء السبب. وعليه لا يمكن اعتبارنا مسؤولين عن صياغة نص القرار الأول ولا عن تغييب عاصي الرحباني.

وحبّذا لو صحّ الاتهام بأنه باستطاعتنا استصدار القرارات الإدارية والقضائية كما نشاء، لكنّا اعدنا بناء منزل laquo;أم عاصيraquo; في انطلياس الذي استملكته الدولة غداة رحيل عاصي ليكون متحفاً للأخوين رحباني، والذي جهد الحاقدون الحاسدون في عرقلة معاملات استملاكه وصولاً الى هدمه، وذلك من ضمن احدى المحاولات اليائسة المتعددة لإلغاء الأخوين من الذاكرة الجماعية، حيث أن الحرب على قرار وزارة التربية اليوم يوازي إلغاء المتحف في الماضي.

محاولة إلغاء منصور الرحباني

وبسياق هذه الحرب العاقر، يتبين لنا يوماً بعد يوم أن هنالك نية مصوبة نحو إلغاء إنتاج وجهد وتأليف كل ما صدر عن منصور الرحباني منفرداً بعد رحيل عاصي، كأنما هنالك من يعتبر نفسه متضرراً من هذا الانتاج الذي استمر طوال 23 سنة، أصدر خلالها 11 مسرحية غنائية وخمسة دواوين شعرية والقداس الماروني الذي قدم في عروض متمادية في لبنان والخارج بنجاح منقطع النظير.

والسؤال الذي يُطرَح لو كان منصور هو الذي غاب عام 1986 وألف عاصي منفرداً هذه الأعمال هل كان ورثة عاصي يقبلون بالتجني على هذا التأليف أو محاولة إلغائه؟

* الخلاف القانوني بين منصور الرحباني ونهاد حداد:

يحاول بعضهم ان يشيّع للرأي العام ان الدعاوى التي أقامها منصور في أواخر أيامه هي من أجل منع فيروز عن الغناء. ان هذا الأمر غير صحيح على الاطلاق حيث ان منصور لم يرفض يوماً طلباً لفيروز بان تؤدي أياً من الأعمال المشتركة للأخوين رحباني. الا ان ما طالب به منصور بالمقابل كان ابسط حقوقه التي تنبع من المبدأ القانوني المكرّس في المادة /6/ من القانون رقم 75/1999 التي تحظر على احد المؤلفين في الاعمال المشتركة ان يمارس بمفرده حقوق المؤلف بدون رضى شركائه، ما لم يكن هناك اتفاق خطي مخالف وما يترتب عليها من حقوق، والتي ما كان منصور لينكرها على فيروز في ما لو رغب في اعادة أحد أعمال الأخوين واستحصل على موافقة أصحاب الحقوق بشأنها.

وهنا تجدر الاشارة الى ان ادارة كازينو لبنان، وبالنظر الى صراحة هذه المادة، لم تقبل التعاقد على تقديم اي مسرحية للأخوين رحباني دون موافقة خطية صريحة ومسبقة من مؤلفي العمل المشترك.

وعلى هذا الأساس أيضاً نشأ خلاف مع فيروز على خلفية تقديمها مسرحية laquo;صح النومraquo; في دمشق والشارقة دون موافقة منصور الخطية والمسبقة، ودون احتساب حقوقه المادية كمؤلف وملحن لهذه المسرحية بالاشتراك مناصفة مع عاصي، خلافاً لما حصل بالنسبة الى عروض البيال والأردن.

ان حقوق المؤلفين والملحنين هي حقوق سامية ومكرسة قانوناً وواجبة الاحترام في دولة تحترم وتحمي النتاج الفكري للانسان، وبالتالي تكون المطالبة بها مشروعة، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال نكرانها أو تسخيفها أو حجبها عن أصحاب الحقوق واعتبار المطالبة بها، بغضّ النظر عن قيمتها، أمراً مادياً بحتاً، علماً بان الامتناع عن تسديدها وعدم الاعتراف بها هو المخالفة والتحقير والتسخيف وهو التصرف المادي بامتياز.

فيكون الخلاف اذاً مبدئياً من جهتنا ومادياً من جهة فيروز التي تقاضت مبالغ طائلة عن تقديم العمل في دمشق والشارقة، ممتنعة عن تسديد حقوق منصور الذي طالب بتطبيق المعايير المعتمدة عالمياً في احتساب الحقوق. فهل ان المطالبة بهذه الحقوق يشكل منعاً لفيروز من الغناء كما يدّعي الغيارى عليها؟ فلو كانوا غيارى على تطبيق القانون، لما حصل أي اشكال، وكانت غنت فيروز للأخوين.

من جهة أخرى، نوضح ان الفنانة فيروز لم تكن يوماً شريكة في انتاج أي من أعمال الأخوين رحباني المسرحية والغنائية، حيث اقتصر دورها على الأداء فقط لقاء أجر مادي منفصل كأي بطل من أبطال تلك الأعمال. فالانتاج كان للأخوين ومعهما أحياناً بعض الجهات الانتاجية، وعليه كانا يتحملان بصفة laquo;الأخوين رحبانيraquo; الارباح والخسائر.

بناء عليه، ان وضع السيدة نهاد حداد اليوم في موضوع الميراث بالتحديد لا يختلف عن وضعنا أبداً، فكلنا متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون... الا اذا كان بعض المدافعين عن فيروز يريدون ان يخرقوا القوانين والنظم الوضعية الحضارية وحتى الالهية المتعلقة بالارث، ويصرون على اهمال حقوق الملكية الفكرية والفنية كرمى لها، تحت شعار laquo;أولاد منصور يريدون ان يمنعوا فيروز من الغناءraquo;... ونحن نسألهم: من الذي منع فيروز من الغناء الا فيروز نفسها فيما يخص أعمال الأخوين رحباني عندما قررت ان منصور، في حياته، لا laquo;يستحقraquo; حقه الفكري والمادي، وأننا كأبنائه، بعد رحيله، غير موجودين والا عندما شجعها بعض المثقفين والكتّاب الهائمين على تشكيل لوبي ضغط، اعتقد المنتمون اليه لوهلة أنهم قادرون على تغيير الوقائع والتواريخ والاسماء والحقوق والقوانين بمناشدات وتحليلات وهجومات وافتراءات واهانات وقدح وذم، قررنا من اللحظة الاولى اعتبارها كأنها لم تكن، لأنها مبنية على laquo;صداقاتraquo; حيناً وlaquo;التزاماتraquo; حيناً آخر، وlaquo;انفعالات عاطفية لا حقوقية دوماً، في وقت كنا نحن مصرّين على ألا نفتح جروحاً أو نرد على جروح فتحها غيرنا. وقد تحملنا ما لا يُطاق من الاساءات المفجعة بحق والدنا وحقنا.

* في التحامل على منصور بنسبة اعمال الاخوين رحباني الى عاصي بمفرده:

لعلّ أدهى وأفظع ما تمّ القيام به ضمن الحرب المستمرة لكسر صورة الأخوين، هو أنه عندما اكتشف بعض اصحاب الاقلام ان قضيتنا محترمة ومعتَبَرة لدى الهيئات المختصة بالفكر والفنون ولدى القضاء اللبناني المنصف، لجأوا الى الدسّ الرخيص في الصحافة والاعلام بالتلميح والتصريح الى ان منصور في تجربة الاخوين كان محدوداً في الحدّ الادنى، وشبه غائب في الحد الاقصى... اي انهم ارادوا محو منصور بالكامل، من أجل القول ان عاصي هو الكل بالكل... وان ورثة عاصي هم الورثة الوحيدون تمهيداً ليكون حق فيروز لا يناقش في اعادة عرض المسرحيات القديمة، غير آبهين بحق منصور ومن بعده أولاده. وهنا يجب الاستفهام الدقيق حول من يريد الغاء مَن؟!

وهنا، يجب التذكير بان الاعمال المسرحية (11) لمنصور الرحباني منفرداً هي علامات قاطعة يمكن ان تدل بعض laquo;الهائمينraquo; على دوره في أعمال الاخوين عاصي ومنصور السابقة، مع التذكير بان المؤسسة الرحبانية التي أسهم الأخوان في أطلاقها قد حملها منصور على كتفيه منذ اصابة عمنا عاصي بانفجار في الدماغ عام 1972، ولسنا هنا لنجاري laquo;التقسيميينraquo; لفن الأخوين... هؤلاء التقسيميون الذين سيجدون الآن متعة عزّ نظيرها في مجموعة ألبومات من قديم الاخوين رحباني، أصدرتها فيروز مؤخراً مع جهة انتاجية حصدت فيها ما تستحقه من الاحترام والملايين... معاً، وفيها أغانٍ يدعون أنها من ألحان عاصي الرحباني في وقت يعلم الجميع ماضياً وحاضراً وتعلم laquo;الساسيمraquo; منذ عشرات السنين أنها من تأليف وتلحين الاخوين رحباني بتوقيعهما المباشر على وثائق التصريح المحفوظة لديها.

* دور شركة المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى - الساسيم

يتبين من الحملات الاعلامية التي تناولت موضوع الحقوق محاولة متلبسة للتذرع بالاكتفاء بدفع الحقوق لشركة المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى (الساسيم) للقول بصحة تقديم أي عمل فني، وخصوصاً عمل مسرحي، دون الحاجة لموافقة مؤلفه. ان هذا الأمر مرفوض قانوناً لان الساسيم هي بمثابة الوكيل للمؤلف بشأن جباية الأموال الناتجة من الأداء العلني للأعمال الغنائية، أما أمر منح الأذونات، وخصوصاً بالنسبة للأعمال والنصوص المسرحية واعادة انتاجها وتقديمها على المسارح فهو من حق وصلاحية المؤلف وحده حصراً كونه شأناً انتاجياً جديداً تتولاه جهات بعينها ولا يخضع لمنطق الاداء العلني أي اذاعة الاغاني. ونقول أكثر: قوانين laquo;الساسيمraquo; تمنع أي شخص من تسجيل أغنية واحدة من دون الرجوع الى المؤلف والملحن أو ورثته. قانونيّو laquo;الساسيمraquo; الكبار في فرنسا ولبنان والعالم يقولون بذلك لا نحن، فهل ينبغي ان تغيّر laquo;الساسيمraquo; قوانينها حسب المصلحة المادية للسيدة نهاد حداد او المدافعين عنها عن جهل... لكنهم من حيث يدرون او لا يدرون يريد غيارى فيروز ان تكون laquo;حماية الملكيةraquo; لها بسمنة، ولنا بزيت! وبنتيجة ما تقدم ان اقحام laquo;الساسيمraquo; بالخلاف لن يجدي نفعاً بتاتاً.

وبالمختصر المفيد: هناك laquo;الساسيمraquo; وقوانينها، وهناك القضاء اللبناني الذي نقدّر، وهناك حقوق الملكية الفكرية والفنية المنصوص عليها في القوانين التي نخضع لها جميعاً بالتساوي مهما علا شأننا، وهناك المنطق والعدل والانصاف والحقوق الارثية. فان كان لنا حق معنوي ومادي عند فيروز، فيجب ان تعترف لنا به، وان كان لها حق مادي ومعنوي عندنا فستأخذه من دون نقصان. فاذا نحن قررنا اعادة عرض اي عمل مسرحي من أعمال الأخوين الرحباني في المستقبل فعلينا أخذ الاذن من نهاد حداد وأولاد عمّنا عاصي زياد وهلي وريما كورثة لعاصي، وأذا ارادت اي جهة اخرى انتاج واعادة مسرحية للاخوين رحباني وجب عليها اخذ موافقة ورثة الأخوين رحباني.

... واتركوا عاصي ومنصور راقدين بسلام في ترابهما، وكلنا الى تراب...