كي لا يخلف وراءه تركة من المواد الخطيرة

سكوت بيترسون - تكريت

يسعى القادة الأميركيون في العراق حالياً لإثبات أنهم يطهِّرون البلاد من عشرات الملايين من الكيلوجرامات من النفايات الخطرة أميركية الصنع، ومن ثم تفنيد ادعاءات تفيد بأنهم سيرحلون ويتركون وراءهم تركة سامة.

في مجمع خاص مغبر بإحدى القواعد الأميركية في تكريت، شمال بغداد، صفت مئات البراميل من كل الأشكال والألوان - براميل مملوءة بأشياء مختلفة من بطاريات الليثيوم القديمة وفلترات الزيوت القديمة، إلى المواد الكيماوية القوية مثل حامض الهايدروكلوريك. وقد قام هذا المجمع ومنشأة أخرى مماثلة حتى الآن بمعالجة 15 مليون كيلوجرام من النفايات، حيث تم تطهير تلك المواد أو سحقها أو تقطيعها، ثم تباع كخردة في العراق، أو يعاد تدويرها قبل أن تُشحن إلى الخارج. ويقول الجنرال ستيفان لانزا، المتحدث باسم الجيش الأميركي، خلال زيارة للموقع شارك فيها مسؤولون بيئيون عراقيون: quot;إننا نتحاشى استعمال كلمة quot;خطرةquot; لأنها تفهم بالعربية على أنها نفايات كيماوية وبيولوجية ونوويةquot;، مضيفاً quot;إن الهدف من وراء كل ما نقوم به هنا، عبر معالجة هذه المواد، هو التأكد من عدم وجود تأثيرات (ضارة) على العراقيين، حتى لا نترك وراءنا أي مواد... وهذا لا يُظهر مراعاتنا فحسب، وإنما (نوعية) علاقاتنا مع الشعب العراقي أيضاًquot;.

الزيارة الرسمية التي تمت هذا الأسبوع تندرج في إطار جهود تروم تبديد تخوفات العراقيين من أي تركة ضارة لسبع سنوات من الاحتلال ووجود القوات الأميركية. غير أن النفايات ضخمة، وقد تراكمت في المئات من القواعد العسكرية التي يتم حالياً تسليمها للعراقيين في وقت يتم فيه خفض عديد القوات الأميركية ليصل إلى 50 ألف جندي بحلول الأول من سبتمبر. وقد تأثر الجيش الأميركي بتقارير صحفية صدرت مؤخراً وتحدثت عن رمي نفايات خطرة في خرق واضح لقوانين البنتاجون، حيث أفادت صحيفة quot;ذا تايمز أوف لندنquot; البريطانية بوجود quot;علب وقنينات مفتوحة لمواد حامضية في متناول الأطفال وبطاريات قديمة مرمية على مقربة من أراض زراعيةquot;.





الصحيفة لم تقدم تفاصيل حول هاتين الحالتين، ولكنها نقلت عن بائع خردة عراقي من الفلوجة يعاني تقرحات جلدية على يديه وساقيه قوله: quot;لقد أُصبت بهذا عندما كنت أعمل على ما كان يفترض أنها خردة معدنية أميركيةquot;. ويضيف التاجر أن طبيباً قال له: quot;إن هذه تأثيرات مواد كيماوية خطيرةquot;.

ويحاول المسؤولون الأميركيون تحديد مثل هذه المواقع، مشددين على أن الجيش نجح إلى حد كبير في تجميع جل المواد الخطرة بـ14 موقعا، مواد تكونت أو وُجدت في الموقع منذ 2003؛ وقد تم تجميع ودمج النفايات أكثر منذ منتصف 2009، بعد إتمام المنشأتين في معسكر سبايكر في تكريت، والذي يقع على بعد 95 كيلومترا إلى الشمال من بغداد؛ وفي قاعدة quot;الأسدquot; التي تبعد بحوالي 160 كيلومتراً إلى الغرب من العاصمة.

ويقول quot;برادلي بانكرquot;، مدير الموقعيْن وهو مقاول من شركة quot;يو آر إسquot;، التي يوجد مقرها في سان فرانسيسكو (كاليفورنيا): quot;إن كل ما نقوم به هنا يتطابق مع المعايير الأميركية، أي مع معايير الوكالة الأميركية لحماية البيئة... وكل ما نقوم به هنا يمكن نقله إلى أميركا من دون الإخلال بالمعايير والقواعد المعمول بها في أميركاquot;.

المسؤولون العراقيون الذين يزورون هذه المحطة الخاصة بمعالجة النفايات لأول مرة قاموا بالتقاط صور للبراميل، والرف الخشبي المستعمل في الشطف، والحوض حيث يتم القضاء على المواد الحمضية، التي تحول إلى ملح، والمحرقة المجاورة التي تبلغ كلفتها 15 مليون دولار والمخصصة لحرق أي شيء من الدهون إلى المذيبات.

وفي فضاءات مفتوحة مجاورة، تقوم أجهزة برش الماء للحفاظ على الميكروبات حية، وهي ميكروبات تأكل ببطء -في دورات من ثلاثة إلى ستة أشهر- المنتجات البترولية في التربة الملوثة التي تم نثرها تحت الشمس. ويقول حكمت جابرييل جورجيس، وهو مهندس مكلف بالتخطيط في وزارة البيئة العراقية: quot;لا يمكن للمرء أن يشعر بالأمان من خلال زيارة واحدة إلى موقع واحد. والواقع أن هذا الموقع الخاص بالتطهير والمعالجة يبعث على الاطمئنان، ولكن ماذا عن بقية المواقع؟quot;.

والجدير بالذكر هنا أنه تم تشكيل لجنتين عراقيتين للتحقيق بشأن حجم المشكلة وطريقة تعاطي الأميركيين مع النفايات الخطرة. وقد اطلعت الوزارة على التقارير الإخبارية حول النفايات الأميركية إذ يقول جورجيس: quot;لقد قرأنا ما كُتب حول الموضوع، ولكننا لم نر شيئا بأم أعينناquot;، مضيفاً quot;هذا أول موقع تزوره فرق وزارة البيئة. نحن لم نشاهد بقية المواقع ولكن (الأميركيين) فتحوا لنا كل الأبواب؛ كما أننا طلبنا منهم السماح لنا بأخذ عينات من التراب ومن المياه الجوفيةquot;.

وفي غضون ذلك، وقف المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية محمد العسكري أمام كاميرات التلفزيون في الموقع وحاول طمأنة العراقيين قائلا: quot;هذه مخلفات الحرب، ونحن نبذل جهودنا للحفاظ عليها في منأى عن الناسquot;.

والواقع أن التقارير حول quot;إلقاء المخلفات في الأريافquot; دفعت الجيش الأميركي أيضا إلى فتح تحقيق في الموضوع - ثم الرد على الادعاءات - كما يقول الجنرال كندل كوكس، القائد الأميركي المكلف بالهندسة في العراق، والذي يضيف: quot;إن الهدف هو التأكد عبر وسائل الإعلام... وهناك فهم واضح لحرصنا على اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية البيئة ومعالجة كل النفايات والمواد على النحو الصحيح. إننا نتبع عملية ممنهجة لاستقبال المواد ومعالجتها والتخلص منها على النحو المناسب... ولم نجد أي مشاكل في عملياتنا، ولكن ما وجدناه هو أن ثمة مقاولين ربما لا يتعاطون مع نفاياتهم على النحو الصحيحquot;.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

laquo;كريستيان ساينس مونيتورraquo;