تركي عبدالله السديري

وحدة التفاهم العربي هَمٌ كان يقلق القوى الدولية التي بعضها كان يحتل مواقع هامة من العالم العربي، وبعضها وافد جديد على ساحات مختلفة من العالم مثلما هو ظهور الولايات المتحدة الأمريكية عالمياً والتي لم توفق في أي تدخل، ففيتنام مثلاً التي كانت ضعيفة للغاية استطاعت أن تفرض الهروب الأمريكي من سخونة مقاومتها ومواجهتها، وعندما ابتكر بوش الابن ادعاءات ليست من الواقع في شيء، فإنه وضع واشنطن في وضع يائس داخل العراق الذي لا يعتبر أكثر إحراجاً لها مما هو عليه الحال في أفغانستان..

إن العالم العربي ليس توزعاً جغرافياً بدائياً، ولكنه صاحب إرثٍ حضاري وسيادي مرموق، وبالذات في العصر العباسي، ثم فيما أوجده العثمانيون من انتشار سيادي واسع، وبالذات داخل أوروبا..

إذاً فإن محاصرته وفرض تباعد وجهات نظره بما في ذلك خلق وجود إسرائيلي هو غاية للتقليل من أهميته من ناحية، ثم لشغله محلياً بمشاكل ذاتية من ناحية أخرى.. فقبل أعوام قليلة كان الوضع بين الفلسطينيين وإسرائيل هو الهم الأول، أما الآن فقد أضيفت إلى هذا الهم هموم الصراعات الطائفية وامتدادات التدخل الأجنبي ضمن تلك الصراعات.. ما كان يمكن أن تأخذ إسرائيل وضعاً ثانياً أمام ما استجد من مخاطر جانبية هي أكثر وضوحاً في العراق ولبنان والسودان، لولا تباعد وجهات النظر العربية، وفشل مؤتمرات القمة العربية في تقريب وجهات النظر الوطنية..

نحن الآن نعيش مرحلة تقارب عربية، يبرز فيها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو البعيد في مجتمعه وأهداف دولته عن أي حزبية سياسية عربية أو دولية، واستطاع أن يكون المحاور الايجابي للوصول إلى أهمية حضور شرق أوسطي متقارب قادر على صد التدخلات الأجنبية، وتعزيز بناء الداخل، وكبح طموحات تخلف الطائفية.. أثبت ذلك بوجاهة سلوك وإيجابية جهود تجعلنا جميعاً نأمل أن يكون التوافق السعودي والمصري والسوري والأردني قوة حضور عربي، وبالتالي دعم توحد العراق وإعادة لبنان إلى مركزه المرموق ثقافياً وسياحياً ثم اقتصادياً، وهو الذي كان في واجهة التقدم الحضاري..

لقد تلقينا كمواطنين إيجابيات ردود الفعل الإعلامية والسياسية التي نرجو أن تعزز توجه جميع القادة في هذا الامتداد المهم عربياً وشرق أوسطياً لتأكيد الاستقرار والتقدم.