برلين- عبده مباشر


توقف كثيرون وهم يعالجون موقف معظم الدول الأوروبية من النقاب أمام تعارض أي تشريع أو قرار لمنع ارتداء النقاب مع مبدأ الحرية الذي نصت عليه دساتير هذه الدولrlm;.

rlm; وقالوا إن الموقف المعادي للنقاب يتناقض ومبدأ حقوق الإنسانrlm; ومنها حقه في اختيار ملابسهrlm;,rlm; ورأي آخرون أن حرية العقيدة تتسع وتسمح للأنثي المسلمة لتمارس التزامها بالزي الإسلامي باعتباره جزءا من كل أي جزء من حريتها في اختيار عقيدتها الدينيةrlm;.rlm;
وهناك من عالج هذه القضية وغيرها من قضايا ومتاعب الجاليات الإسلامية في أوروباrlm;,rlm; باعتبارها انعكاسا لعداء الأوروبيين التاريخي للإسلام والمسلمينrlm;.rlm;
وكل هذه المعالجات وغيرها صحيحة في معظمهاrlm;,rlm; وإن كانت لا تتطرق إلي النقطة الجوهرية في قضية النقابrlm;,rlm; التي تتمثل في تعارض التمسك بالنقاب مع القوانين المطبقة في الدول الأوروبيةrlm;,rlm; ومع قواعد ومبادئ المجتمع الأوروبي المدني العلماني الذي قام علي أساس الفصل بين الدين والدولةrlm;,rlm; أي الفصل بين الدين والسياسةrlm;,rlm; والدين والنظام الدستوريrlm;.rlm; وقد بدأ هذا الفصل بحركة فكرية وثقافية نشيطة في بداية عصر النهضة الأوروبيةrlm;,rlm; وتحول إلي واقع عامrlm;1789rlm; عندما اندلعت الثورة الفرنسية التي رفعت شعار حريةrlm;,rlm; إخاءrlm;,rlm; مساواةrlm;,rlm; وجاءت الثورة الشيوعية في روسيا عامrlm;1917rlm; التي نفت الدين تماما وأبعدته عن حركة الحياة لكي تدعم هذا التوجه العلمانيrlm;.rlm;
وتحقق الأمر بشكل نهائي بعد الحرب العالمية الثانيةrlm;,rlm; حيث أعلن المجلس الموحد للكنائس في بيان له عامrlm;1948rlm; الالتزام بحرية العقيدة وبالدولة المدنيةrlm;.rlm; وفي بيان الحرية الدينية الذي صدر عن المجمع الكنسي الثاني للفاتيكان الذي صدر عامrlm;1965,rlm; تقرر اعتماد هذا التوجهrlm;.rlm;
والسؤال الرئيسي في أوروبا منذ نهاية القرن العشرين وحتي الآنrlm;,rlm; هل هناك مجال للتوصل إلي نقطة اتفاق بين الأوروبيين والجاليات الإسلامية فيما يتعلق بمفهوم الشريعة الإسلامية والقانون الوضعيrlm;.rlm; وبصفة عامة هناك تناقض رئيسي بين المفهومينrlm;,rlm; فالشريعة بالنسبة للمسلمين مصدرها الله في حين أن الناس في أوروبا هم الذين شرعوا ويشرعون لأنفسهمrlm;,rlm; هذا التناقض الرئيسي بين المقدس أو الإلهي والنسبي أو البشري لا يمكن تجاوزهrlm;,rlm; والأمر الممكن هو البحث عن مفهوم عصري من إنجاز المجتهدين المسلمين المعاصرين للمواءمة بين النص والواقع يسهم في الاقتراب من النسبيrlm;,rlm; وبمعني آخر هل يمكن التوصل إلي قواعد صالحة لممارسة السلطات وإدارة العلاقات بين المؤسسات فيما بينها وبين المؤسسات والقوي المختلفة والناسrlm;,rlm; وبين الناس بعضهم مع البعض الآخر؟
ويري الأوروبيون أنهمrlm;,rlm; وبعد مراحل تاريخية متواصلةrlm;,rlm; قد توصلوا بصورة عامة إلي مفهوم موحد للقانون وإلي مبادئ حاكمة يحترمها الجميع ويتمسكون بهاrlm;,rlm; كما تمكنوا من صياغة أساليب لتطبيق القوانين تحظي بقبول عامrlm;,rlm; في حين أنهم علي بينة من وجود تصورات متباينة ونظرات متعددة للشريعة الإسلاميةrlm;,rlm; سواء بين السنة والشيعة أو بين المذاهب المختلفة داخل الفريقينrlm;.rlm; مثل هذا التباين وما يؤدي إليه من إحتراب في كثير من الأحيان بين المختلفين إن لم يكن بالسلاح فبالكلماتrlm;,rlm; يتصور معظم المفكرين الأوروبيين أنه يجعل التوصل إلي توافقrlm;,rlm; وقواعد عامة مقبولة بين الطرفين أمرا صعباrlm;.rlm;
وقبل الحديث عن الشريعةrlm;,rlm; فإننا نوضح أنها تعني لغة ما شرعه الله لعباده من العقائد والأحكامrlm;,rlm; كما تعني مورد الماء الذي يستقي منهrlm;,rlm; وتعني الطريقةrlm;,rlm; وتعني أيضا الطريق الذي يؤدي إلي مصدر للماء في الصحراءrlm;,rlm; والمعني الأعم بالنسبة للمسلمين هي الدليل الذي يقود الإنسان إلي اللهrlm;.rlm;
ويري فريق من المفكرين الأوروبيين المنصفين أن الشريعة تحمل معها وعدا بقيام مجتمع إسلامي حقيقي لا يخضع للتأثيرات الغربيةrlm;,rlm; كما تحمل وعدا بمجتمع خال من المظالمrlm;.rlm; ويري آخرون أنها تصور مثالي للقانون الإلهيrlm;,rlm; وأنها تنظم كل جوانب الحياةrlm;,rlm; وتتضمن القيم والقوانين المقدسة والأخلاقية والاجتماعية التي وردت في كل من القرآن والسنةrlm;.rlm;
وهناك آخرون ينظرون إليها باعتبارها طريقا للسيادة الدينية والسيطرة والسطوة والطغيان والعنف خاصة بعد عملياتrlm;11rlm; سبتمبرrlm;2001rlm; الإرهابية وما يتبع ذلك من عمليات إرهابية في قارات العالمrlm;.rlm;
وبما أن الشريعة تنتمي إلي عالم الوحيrlm;,rlm; وبما أن الوحي توقف بوفاة الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلمrlm;,rlm; فإن تطبيقها الدنيوي أصبح معقودا للبشرrlm;.rlm; ولكن أي بشر؟ فالكل يري أنه الأحق بتحمل مسئولية الإشراف علي التطبيق والأهم فرض القواعد المنظمة لمناحي الحياة المختلفةrlm;.rlm; وكل هؤلاء لا يطرحون حلولاrlm;,rlm; بل يختبئون دائما وراء تصورات لأوضاع مثالية لم تكن موجودة قط عبر التاريخ الإسلامي سوي في فترة حكم الرسول المصطفي والخلفاء الراشدينrlm;.rlm;
هذا التصور الأوروبي للشريعة يأخذ بمناحي السلوك في مواجهة النقاب وغير ذلك من قضاياrlm;,rlm; والقضية هنا ليست الزي بل رفض الاندماج في المجتمعات الأوروبيةrlm;,rlm; ومحاولة فرض سلوك يتناقض وعلمانية ومدنية المجتمع وقوانينهrlm;,rlm; ويتمادي كثيرونrlm;,rlm; ويرون في الأمر محاولة لأسلمة أوروباrlm;,rlm; أي محاولة لتغيير ما استقرت عليه المجتمعات الأوروبية من قوانين وقواعدrlm;.rlm; وترتبط بالنقاب قضايا الحجاب وذبح الأضحياتrlm;,rlm; فهذا السلوك الذي يراه المسلمون عادياrlm;,rlm; وممارسة لشعائر دينهمrlm;,rlm; يرفضه الأوروبيونrlm;.rlm; وقد بدأوا في إصدار القوانين وسن التشريعات للحفاظ علي مدنية وعلمانية المجتمعrlm;,rlm; وإن أعلنوا حرصهم علي مبادئ الحرية وحقوق الإنسان وحرية الاعتقادrlm;.rlm;
وقد أوضح الأوروبيون في أدبياتهم طوال السنوات الأخيرة احترامهم الإسلام والمسلمينrlm;,rlm; ولكن علي المسلمين الذين يختارون الإقامة في أوروبا احترام قواعد وأساليب حياة الأوروبيين وأن يعملوا للاندماج مع الآخرينrlm;,rlm; لأنه من غير المقبول الحياة في حالة عزلةrlm;,rlm; أو الاصطدام المعلن أو غير المعلن بالحضارة الأوروبيةrlm;.rlm;
وقد بدأ التركيز علي أن الخطاب التشريعي يتعارض مع مبادئ تحظي باعتراف وقبول عام داخل القارة منذ سنواتrlm;.rlm;
وعند الحديث عن المساواة بين البشرrlm;,rlm; أوضحوا أنه يصعب علي كثير من المسلمين الموافقة علي هذا المبدأrlm;,rlm; حيث لا يقبل معظم المسلمين مبدأ المساواة بينهم وبين أهل الديانات الأخري في الحقوق والواجبات استنادا إلي مبدأ المواطنةrlm;,rlm; ناهيك عن هؤلاء الذين لا ينتمون لأي دين أو ملة والذين يعدون كفارا أو مشركين أو وثنيين في نظرهمrlm;.rlm; كما أن المرأة لا تحظي بالمساواةrlm;,rlm; ومازال الطريق أمامها طويلا لكي تنال هذا الحقrlm;.rlm;
وبالنسبة لحرية العقيدةrlm;,rlm; فقد تساءلواrlm;,rlm; هل يحق للمسلم التحول إلي دين آخر؟ أم أنه سيعد مرتدا؟ وهنا لا مجال للحديث عن حرية العقيدةrlm;,rlm; خاصة أن المرتد إن لم يقتلrlm;,rlm; فإنه يفقد حقه في الميراثrlm;,rlm; ويعد زواجه باطلاrlm;.rlm;
وإلي أن يدرك المسلمون الذين اختاروا الدول الأوروبية مستقرا أن للقانون مكانة سامية في أوروباrlm;,rlm; وأن الأوروبيين يرون في سيادته مبدأ عقلانيا يصلح لمواجهة كل الظروف وأنه من المرونة بحيث يمكن إدخال التعديلات التي تجعله دائم الصلاحيةrlm;,rlm; وإلي أن يتبينوا أن الاصطدام بالقانون لن يجدي ولن يجعل حياتهم أفضلrlm;,rlm; فإن قضيتهم ستظل في حالة التهابrlm;,rlm; أما الجانب الأوروبي فسيتحرك بالتشريع لحماية قوانين وعلمانية ومدنية دوله ومجتمعاتهrlm;.rlm;