ماضي الخميس

أثار مسلسل laquo;الجماعةraquo; الكثير من اللغط، ومازال، خاصة وأنه يستعرض لحياة مؤسس أهم وأقوى جماعة دينية وسياسية في العالم حالياً وهي laquo;الإخوان المسلمينraquo; من خلال سيرة مؤسسها حسن البنا المولود في 1906 والذي بدأ بتكوين جماعته في عام 1928، وقضى فيها 21 عاما حتى اغتيل في العام 1949، أي أنه خلال 21 عاماً فقط استطاع أن يخلق كياناً سياسياً امتد في أرجاء الأرض كافة.
وlaquo;جماعة الإخوان المسلمينraquo; التي مرت بفترات سياسية متغيرة في مسيرتها لها ما لها، وعليها ما عليها، لكنها بالتأكيد حالياً هي الأقوى والأكثر تنظيماً وانتشاراً، وفي الخليج العربي ساعد البطش الذي كان يمارسه جمال عبدالناصر إلى نزوح العديد من الشخصيات الدينية من laquo;الإخوانraquo; إلى دول الخليج والاستقرار فيها وخلق جذور للجماعة في تلك الدول، وكانت الكويت بالتحديد أكثر دول الخليج استقطاباً لتلك الشخصيات الدينية، وأكثرها تساهلاً لها في ممارسة عملها الدعوي والديني، وتمكن أولئك من اقناع بعض الأفاضل من أهل الكويت لانشاء فرع للجماعة في الكويت، وكانت laquo;جمعية الإصلاح الاجتماعيraquo; هي الواجهة المحلية لـ laquo;الإخوان المسلمينraquo;، واستطاع laquo;الإخوانraquo; في فترات قصيرة أن ينتشروا ويكونوا قواعد شبابية كبيرة اخترقوا فيها معظم الكيانات الأخرى، ونجحوا أول ما نجحوا في جامعة الكويت واستطاعت الاتلافية اكتساح القوائم الانتخابية والسيطرة على اتحاد الطلبة لأكثر من خمسة وعشرين عاماً، وتحولت الجماعة من الدعوة الدينية الى العمل السياسي المنظم.
وظلت laquo;جماعة الإخوان المسلمينraquo; تمارس عملها في الكويت بكل حرية بل وأحيانا بدعم ومساندة من الدولة، حتى جاء الغزو، وخاب ظن الكويتيين بالموقف الدولي لـ laquo;الجماعةraquo; في مصر، التي لم تعلن تأييدها الكامل والواضح لحق الكويت، الأمر الذي أثار تساؤلات، حتى ان laquo;الجماعةraquo; في الكويت بعد التحرير أعلنت انفصالها عن الجماعة الدولية، في سبيل تهدئة الحملة الشرسة التي كانت تتعرض لها من قبل الكويتيين، كما تم ابتكار اسم جديد للجماعة في الكويت laquo;الحركة الدستوريةraquo; وظلت تعمل بشكل منفصل عن جماعة مصر، وإن حافظت على ذات المسار والأهداف والأسلوب، واستطاعت الحركة أن تتجاوز عثرات laquo;الجماعةraquo; وتعيد بريقها على الساحة الكويتية، ولكنها وكأي كيان سياسي يوم لك ويوم عليك، هي الآن تسعى لالتقاط أنفاسها واستعادة مكانتها بعد خيبة الأمل في الانتخابات الأخيرة.
لقد لاقت laquo;جماعة الإخوان المسلمينraquo; في الكويت مصير التيارات السياسية الأخرى ذاته التي تغلغلت الى الكويت في عز الطفرة النفطية والنهضة الحضارية في الستينات والسبعينات، وكانت الكويت ساحة غناء لتلك التيارات وصارت لها أفرع هنا وأنشطة هناك وكوادر في كل ميدان ومجال، وانقسم الشارع السياسي الكويتي ما بين القوميين واليسار والشيوعيين والناصريين وlaquo;الإخوان المسلمينraquo;، حتى جاءت صدمة الغزو، وسقطت الأقنعة، وتفككت تلك التيارات جميعها، وقامت كوادرها بتغيير واجهاتهم الى تيارات سياسية محلية، تضخمت أخيرا، وصار لكل منطقة في الكويت تجمع وتيار وكيان، وكان الله بالسر عليم، ودمتم سالمين.
*
رحم الله نجود بودي وغفر لها وأسكنها فسيح جناته، كانت مليئة بالطموح والابداع والابتكار، ومليئة بالحماس والأفكار، استطاعت أن تصنع لنفسها كياناً خاصاً ومنفرداً لا يشبهه أحد، استبدلها الله بما هو خير، وكانت نموذجاً للفتاة الكويتية المشرقة، المليئة بالأمل والتفاؤل، رحمها الله وغفر لها.