ناصر العبدلي


بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 تحولت الدول التي ولدت بعد تفككه الى دول ديموقراطية على النسق الغربي، يجري فيها تداول السلطة بين الأحزاب المختلفة، وان تعثر بعضها قليلاً مثل بعض دول آسيا الوسطى، الا أن الأمور سارت بشكل عام على هوى شعوب تلك المنطقة وصارت أوضاعهم أفضل بكثير مما كانت أيام الدولة المركزية، لكن أجواء تلك التغييرات الجذرية توقفت عند حدود تلك الدول فهل هناك من خطط لذلك؟
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تحولت قضية الديموقراطية وحقوق الانسان الى ملف رئيسي على أجندة الادارات الأميركية المختلفة سواء أكانت تلك الادارة ديموقراطية أو جمهورية، حتى أن بعض تلك الادارات حملت بعض الأنظمة العربية، ومن بينها الدول الخليجية، مسؤولية ما جرى بشكل أو بآخر لكونها لم تنضم حتى الآن للنادي الديموقراطي، وعندها استبشر ليبراليو الخليج خيراً بإمكان أن تقوم العمة أميركا بقيادة تغييرات جذرية على الصعيد الديموقراطي كما جرى في دول الاتحاد السوفيتي السابق، لكن شيئاً من هذا لم يحصل.
في عام 2003 قامت الولايات المتحدة الأميركية بإسقاط الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وتداعت التصريحات الأميركية بعد ذلك، على لسان أكثر من مسؤول، بأن العراق سيكون نموذجاً يحتذى في كل دول المنطقة على صعيد الديموقراطية وحقوق الانسان، ومع ذلك ها هي تسحب قواتها من العراق من بلد ممزق، وكل ما يجري الحديث عنه اليوم هو احتمال حدوث انقلاب عسكري يجري الترتيب له وفق ما تشير التسريبات من داخل الولايات المتحدة الأميركية نفسها، ومثل هذه الأجواء خيبة أمل جديدة لليبراليي الخليج.
بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري دارت العجلة قليلاً ضمن وعود عن تغيير حال المنطقة من دول ذات طبيعة مركزية الى نظام جديد بين الديموقراطية والمركزية يسمى المشاركة في اتخاذ القرار، وقد وردت تلك الوعود على لسان أكثر من مسؤول أميركي في ذلك الوقت، لكن شيئاً لم يحصل أيضاً رغم تراجع الطموحات، وظلت الأمور كما هي مجرد تصريحات، وأصيب ليبراليو الخليج بخيبة أمل ثالثة لكنها أشد قسوة من سابقاتها، حتى أن بعضهم أصبح كمن laquo;بلع الموسraquo; بعدما كان يروج للمشروع الأميركي في المنطقة.
تعب الليبراليون في الخليج وهم ينتظرون من العمة أميركا تنفيذ تعهداتها، كما وعدت أكثر من مرة على لسان مسؤوليها، بإشاعة الديموقراطية وحقوق الانسان بين دول المنطقة لكنها ما زالت تدير ظهرها لتلك التعهدات والوعود ولم يبق ما يستر ليبراليي الخليج سوى ورقة التوت بعدما بشرونا بالعصر الأميركي الجديد، فهل تنزعها العمة أميركا وتتركهم عرايا؟!