خلف الحربي


إيران اليوم ليست إيران الشاه، فهي رغم تمسكها بأحلام التوسع والهيمنة على دول الخليج فإنها تجاوزت الطرق التقليدية للتوسع، خصوصاً بعد ما شاهدت الثمن الباهظ الذي دفعه عدوها اللدود صدام حسين، لذلك نرى ما تخصصه إيران من أموال وجهود لخلخلة الوحدة الوطنية في العديد من دول الخليج وزرع الشبكات التي تكون قادرة على إشغال واشنطن إذا ما دعت الحاجة!

اكتشاف شبكة تخريبية أو تجسسية موالية لإيران لم يعد خبراً مثيراً في أغلب الدول العربية، بل إننا نستطيع وصف الدول التي يتم فيها اكتشاف هذه الشبكات بأنها دول محظوظة جداً، لأن هذه المجموعات مازالت تعمل تحت جنح الظلام ولم تنجح حتى الآن في فرض وجودها الفوضوي على الجميع حتى أصبحت جزءاً من الواقع السياسي للبلاد مثلما حدث في لبنان والعراق واليمن وفلسطين.

إيران ليس لديها وقت للمزاح، فهي ترى أن خلاصها يكمن في تمزيق الدول العربية حتى تكون حلبة مثالية لصراعاتها مع القوى الدولية، فهي رغم كل الكلام الكبير الذي تطلقه في اتجاه إسرائيل والولايات المتحدة لا تفكر إطلاقاً في مواجهة أي منهما، تاريخها يؤكد ذلك... فهي لم تدخل في مواجهة حقيقية مع الولايات المتحدة أو إسرائيل منذ أكثر من 3 عقود هي عمر الثورة الإيرانية، إنها تفضل المناورة عن بعد وتعتمد على أتباعها في العالم العربي الذين يوترون الأجواء في مناطق أخرى كلما أصبحت إيران قريبة من المواجهة.

خطة إيران لاتقاء المواجهة مع إسرائيل تتلخص في تدمير لبنان وتمزيق وحدته كي يكون بإمكان 'حزب الله' خوض الحرب بالنيابة عنها، وهي تعمل جاهدة اليوم لشق صفوف الفلسطينيين لنفس الغرض... وهكذا مادامت الطائرات الإسرائيلية تقصف بيروت وغزة، فإن طهران يمكن أن تنام بسلام!

أما خطتها لاتقاء المواجهة مع الولايات المتحدة فتتمثل في زرع الشبكات التجسسية وإنشاء التنظيمات التخريبية في دول الخليج وبث روح الفرقة الطائفية والعبث بالاستقرار كي تحصل على حالة الشلل السياسي التي صنعتها في لبنان والعراق، أو تحصل على حالة الجيب الفوضوي شبه المستقل الذي صنعته في اليمن وفلسطين، وإذا ما نجحت إيران في تحقيق هذه الحالة أو تلك في إحدى دول الخليج، فإن وباء عدم الاستقرار سوف ينتقل من دولة إلى أخرى، وهكذا ستكون خلاياها الإرهابية وشبكاتها التجسسية قريبة من القواعد الأميركية ومنابع البترول، وما هو أهم من ذلك أن المعركة مهما بلغت من الشراسة، فإنها ستجري خارج الأراضي الإيرانية وسيخوضها رجال غير إيرانيين مهمتهم في الحياة هي أن يدمروا مجتمعاتهم كي يبقى البرنامج النووي الإيراني!

إيران اليوم ليست إيران الشاه، فهي رغم تمسكها بأحلام التوسع والهيمنة على دول الخليج فإنها تجاوزت الطرق التقليدية للتوسع، خصوصاً بعد ما شاهدت الثمن الباهظ الذي دفعه عدوها اللدود صدام حسين بسبب أحلامه التوسعية، لذلك نرى ما تخصصه إيران من أموال وجهود لخلخلة الوحدة الوطنية في العديد من دول الخليج وزرع الشبكات والمجموعات التي تكون قادرة على إشغال الولايات المتحدة متى ما دعت الحاجة إلى ذلك!

المصيبة أن الوسوسة الإيرانية تلقى آذاناً صاغية من بعض أبناء دول الخليج! ومع مرور السنوات لن يكون غريباً لو وجدنا شبكة موالية لإيران في كل بيت... والخوف كل الخوف أنه في قادم الأيام لن تحتاج إيران إلى فرض هيمنتها على الخليج بالقوة العسكرية... بل نحن الذين نذهب إليها بأنفسنا!