ندى سليمان المطوع


تلتقي وفود دول مجلس التعاون الخليجي باجتماعات دورية استجابة للمتغيرات الدولية والإقليمية تارة، وإعادة لتنظيم الأجندة الخليجية تارة أخرى, وفي جميع الأحوال يتم اللقاء تحت مظلة العلاقات الخليجية المتميزة, وتستمر حتى يومنا هذا محاولاتها وجهاز الأمانة العامة لتفعيل مفاهيم التخطيط الاستراتيجي لدول الخليج في مجالات عدة أمنية واقتصادية واجتماعية وسياسية... في إطار الرغبة المشتركة التي تجمعها في تحقيق تنظيم سياساتها المالية والنقدية والتجارية, وتحقيق الرؤية التي بدأت منذ عام1981.

ومن خلال متابعتنا للدور الكويتي نلاحظ النشاط الملحوظ في منظومة دول مجلس التعاون منذ تأسيسها, ولعل أهم دليل هو حرصنا كدولة صاحبة فكرة تأسيس المنظومة على تقديم 'ورقة كويتية' بين الحين والآخر, كان أولها خلال اللقاء الأول لقادة دول مجلس التعاون في أبوظبي في مايو عام 1981، وكانت حول البعد الاقتصادي لمسارات المجلس المستقبلية, حيث سميت الورقة بـ'الوثيقة الاقتصادية الجامعة' وتضمنت آنذاك حيثيات سياسية وفكرية لمسببات قيام المجلس والتحديات المستقبلية... بعدها اتخذ المسار الدبلوماسي طريقه على الساحة الخليجية عبر لجان ثنائية مشتركة.

وأذكر أيضاً 'وثيقة الكويت' المطروحة عام 2006, التي مثلت الخطوط العريضة لاستراتيجية التحرك المستقبلي وطرح مرئيات المنظومة الخليجية على المدى الطويل، والتي قدمتها دولة الكويت في القمة التشاورية في الرياض بتاريخ 6 مايو 2006، وتناولت خطة العمل المقترحة لمواجهة التحديات الراهنة- آنذاك- في الشق السياسي منها دعم الجهود بشأن دعوة دول المجلس إلى التمسك بالحوار، وصياغة موقف سياسي مشترك كوسيلة لنزع فتيل الأزمات بأنواعها، والاستعداد لضمان تدفق النفط إلى الأسواق العالمية إذا تعرض 'لا قدر الله' بعض المنافذ للإغلاق.

بالإضافة إلى السعي لتحصين دول المجلس من أي انعكاسات طائفية قد تنجم عن ذلك، والتعاطي المباشر مع القضية الفلسطينية عن طريق دعوة الأطراف الدولية الفاعلة والراعية لعملية السلام، وحث حركة 'حماس' باعتبارها الحكومة الشرعية على إبداء حسن النوايا، واعتماد المنهج السلمي للعمل السياسي وتطوير سياسة إعلامية لمواجهة الإرهاب.

أما في ما يخص البعد الاقتصادي فتناولت الوثيقة حث دول المجلس على ضرورة استغلال جزء من الفوائض النفطية لتعزيز هياكل الإنتاج وخلق فرص العمل لأبناء دول المجلس استمراراً للنهج الاقتصادي الذي تعزز من خلال فترة الرئاسة الدورية لدولة الكويت التي تسلمتها عام 2003، والتي حرصت الكويت خلالها على دعم الموقف التفاوضي لدول المجلس أمام التكتلات الاقتصادية المختلفة، وأصبح إدراج موضوع إقامة مناطق تجارة حرة في سلم أولويات أجندة دول المجلس والكويت معاً.

واليوم في ظل رئاسة الكويت لمنظومة الرئاسة الدورية مرة أخرى، أصبح من المتوقع منها استكمال الدور الذي ابتدأته برؤية اقتصادية تنموية، وذلك تماشياً مع سعي دول الخليج كافة إلى تنفيذ خططها التنموية واستعادة جاذبيتها الاقتصادية, فقد آن الأوان أن يصبح 'المواطن الخليجي' محور اهتمامها، لذا فعليها الحرص على توفير الخدمات التعليمية والصحية ذات الجودة العالية وبمعايير دولية عبر إزالة القيود المعرقلة للمشاريع التعليمية الخاصة، وإزالة القيود المعرفية عبر دعم مبادرة توفير خدمات الإنترنت لجميع مواطني دول التعاون، وتسهيل الفرص التجارية أمام المواطن الخليجي، واستحداث معايير للمشاريع الجيدة ودعمها, وتعزيز حرية الرأي عبر الوسائل الإعلامية بأنواعها، وتشجيع مساهمة المرأة في المؤسسات التشريعية, وإشراك المواطن الخليجي في الخطط التنموية... وللحديث بقية!