جاسم حسين


تؤكد الإحصاءات القليلة المتوافرة، أن دول مجلس التعاون الخليجي الست حققت عددا غير قليل من أهداف الألفية، لكن لا مناص من بذل جهود إضافية لنيل الأهداف الأخرى. وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت في عام 2000 مجموعة أهداف على أمل تحقيقها عام 2015.

تتضمن أهداف الألفية أمورا حيوية مثل محاربة الفقر والقضاء على بعض الأمراض الفتاكة، إضافة إلى جعل التعليم الأساسي في متناول الجميع وتمكين المرأة والمحافظة على البيئة وضمان المشاركة الشعبية في صنع الخيارات التنموية.


لا وجود لفقر مدقع

مؤكدا، لا تعاني دول مجلس التعاون الخليجي مشكلة الفقر المدقع والجوع الشديد لأسباب تشمل برامج الضمان الاجتماعي لدى الحكومات، فضلا عن ظاهرة التكافل الاجتماعي عبر الصناديق الخيرية. تتركز معضلة الفقر بشكل أساسي في القارة الإفريقية لأسباب مختلفة، منها التناحر السياسي، والحال نفسه بالنسبة إلى عدم انتشار أمراض فتاكة مثل الإيدز والملاريا. حقيقة القول، تعاملت دول مجلس التعاون بشكل إيجابي مع مشكلة إنفلونزا الخنازير في 2009 حتى أثناء موسم الحج المشهور بالزحام الشديد.

إضافة إلى ذلك، لا توجد مشكلة تذكر فيما يخص بعض المؤشرات الصحية مثل الوفيات بين الأطفال، وذلك بالنظر إلى توافر أفضل أنواع الخدمات الطبية، بل تشتهر دول مجلس التعاون بتخصيص نسب عالية نسبيا من مصروفات الميزانية العامة للخدمات الصحية. على سبيل المثال، خصصت السلطات القطرية نحو 7 في المائة للخدمات الصحية ضمن نفقات السنة المالية 2010 - 2011، التي بدأت مطلع نيسان (أبريل).

بدورها، خصصت السعودية 11 في المائة من نفقات الميزانية العامة لعام 2010 للصرف على الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية. وحديثا فقط، كشفت السلطات السعودية عن الخطة الخمسية التاسعة للفترة ما بين 2010 حتى 2014 التي تتضمن افتتاح وتشغيل 117 مستشفى، من بينها 32 تخصصية، فضلا عن افتتاح وتشغيل 750 مركز رعاية صحية أولية. وخصصت الجهات الرسمية 19 في المائة من نفقات الخطة وقدرها 385 مليار دولار لقطاع التنمية الاجتماعية والصحة.


مسألة الأمية

من جهة أخرى، حتى الآن لم يتم القضاء على معضلة الأمية بشكل كامل في دول مجلس التعاون، فحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2009، الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تبلغ نسبة الأمية في أوساط الأفراد من 15 سنة نحو 5.5 في المائة في الكويت و6.9 في المائة في قطر و10 في المائة في الإمارات و11.2 في المائة في البحرين و15.6 في المائة في عمان، فضلا عن 15 في المائة في السعودية.

مرد هذه المشكلة وجود ترسبات اجتماعية في بعض المناطق النائية التي تحد من حصول الإناث على التعليم الأساسي. وحسب تقرير التنمية البشرية لا تعاني أغلبية الدول الأوروبية، فضلا عن اليابان وأستراليا والولايات المتحدة، مشكلة الأمية جملة وتفصيلا.


تمكين المرأة

أيضا تعاني كل دول مجلس التعاون، بشكل أو بآخر، مسألة تمكين المرأة وسد الفجوة الجندرية، فحسب تقرير التنمية البشرية، تعاني دول مجلس التعاون ضعف تمثيل الإناث في المناصب الوزارية، حيث تبلغ 9 في المائة في عمان و8 في المائة في كل من قطر والإمارات، ونسبا أقل في الدول الأخرى. كما تتمركز المناصب الوزارية للإناث في مجال التنمية الاجتماعية والصحة والتعليم مع بعض الاستثناءات مثل وزيرة للتجارة الخارجية في الإمارات. في المقابل، تشتهر المرأة بتوليها مناصب مختلفة في بعض الدول مثل الدفاع في فرنسا والخارجية في الولايات المتحدة.

وكما هو الحال مع بقية دول العالم، تحصل المرأة في دول الخليج على عوائد مالية أقل من الرجل. وبشكل أكثر تحديدا، تحصل المرأة على 51 في المائة من دخل الرجل في البحرين، حيث تعد هذه النسبة الأفضل على مستوى دول مجلس التعاون. وتراوح النسب المتبقية بين 36 في المائة في الكويت و28 في المائة في قطر و27 في المائة في الإمارات و23 في المائة في عمان و16 في المائة في السعودية.


تطوير التنمية

إضافة إلى ذلك، هناك معضلة المشاركة الشعبية في صنع الخيارات التنموية وتحاشي المفاجآت. وفي هذا الصدد، فوجئ سكان إمارة دبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام في نهاية 2009 حين تم الكشف عن أزمة مديونية دبي، وتطلب الأمر قيام الحكومة المركزية في أبو ظبي بتقديم الدعم المالي لدبي لمساعدتها على التكيف مع أزمة المديونية.

لا شك أن من شأن ضمان الشفافية والمشاركة في صنع القرارات تحقيق هدف آخر، تحديدا عدم الإساءة إلى البيئة. ويلاحظ في هذه الصدد تحجج الاتحاد الأوروبي بضمان احترام البيئة كأحد شروط إبرام اتفاقية للتجارة مع دول مجلس التعاون الخليجي.

ختاما، بمقدور دول مجلس التعاون الخليجي بلوغ أهداف الألفية في الموعد المحدد عبر رسم خطط وبرامج واقعية وفي إطار المشاركة الشعبية في صنع الخيارات والقرارات.