شملان يوسف العيسى

نشرت صحيفة quot;الفايننشال تايمزquot; البريطانية خبراً مفاده أن دولاً خليجية طلبت من الولايات المتحدة تزويدها بأسلحة خلال الأعوام الأربعة المقبلة بقيمة 125 مليار دولار، بهدف معادلة كفة التفوق العسكري الإيراني في منطقة الخليج، ووصفت الصحيفة هذه الصفقة بأنها واحدة من أكبر عمليات إعادة التسلح في التاريخ في وقت السلم. وتجدر الإشارة إلى أن معظم المبلغ المذكور خُصص لشراء الطائرات الحربية الحديثة وأنظمة الصواريخ الدفاعية. فما هو الهدف الرئيسي من هذه الصفقة المكلفة؟

قبل الإجابة على هذه التساؤل، علينا استعراض أهم المراحل التي مرت بها دول الخليج في مجال الأمن. لقد بذلت دول الخليج جهوداً كبيرة لتحقيق أمنها ذاتياً بعد رحيل القوات البريطانية من هذه المنطقة في السبعينيات، وكان من الشعارات التي ترددت في الخليج أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، لكن بعد قيام الثورة الإيرانية واندلاع الحرب العراقية الإيرانية طيلة ثماني سنوات، شكلت دول الخليج مجلس التعاون الخليجي... وبعدها تم تشكيل قوة quot;درع الجزيرةquot; التابعة لدول المجلس وقوامها 5000 جندي، وتضم عناصر من كافة دول المجلس، وتعتبر هذه القوة الخطوة الأولى نحو تشكيل قدرة رادعة جماعية. وكانت مشكلة هذه القوة هي أن هدفها الرئيسي الحفاظ على أمن البلدان وتأمين استقرارها الداخلي أكثر من كونها لمجابهة أي اعتداء خارجي محتمل على دول الخليج. وجاءت تجربة احتلال الكويت لتثبت أن قوات درع الجزيرة غير مؤهلة وليست كافية.

بعد تحرير الكويت أعادت دول الخليج النظر في مفهوم الأمن الجماعي من خلال إعلان دمشق الذي يجمع دول المجلس وسوريا ومصر، كما تم الاتفاق على زيادة قوات درع الجزيرة إلى 10.000 جندي... لكن الفكرتين لم تريا النور وتم الاستغناء عنهما. ويشار هنا إلى أن تجربة الغزو العراقي للكويت أعطت الولايات المتحدة فرصة للتدخل لتأمين مصالحها ومصالح حلفائها في الخليج ولم تتردد دول الخليج في عقد معاهدات دفاعية ثنائية مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

الآن، ما هي الإشكاليات التي تواجه دول الخليج بعد إنفاقها هذه المبالغ في شراء أحدث الأسلحة والمعدات العسكرية؟

أهم المشاكل هي التركيبة السكانية، والاعتماد المفرط على النفط كمصدر وحيد للدخل، وضآلة حجم القوة البشرية في القوات المسلحة الخليجية. ويعتبر غياب نظام للخدمة العسكرية أو خدمة العلم الفعالة للمواطنين لتعويض النقص في القوى البشرية، أحد المعوقات الرئيسية في سياسة الردع الخليجية.

إذا وحدت دول الخليج قوتها وطورت منظومتها الدفاعية في مجال الطيران وشبكة الصواريخ، فإنها قادرة على الردع، فالأسلحة الجديدة معظمها طائرات حديثة متطورة وشبكة صواريخ ومنظمة شبكات رادارات... تتطلب كفاءات بشرية عالية من ذوي الاختصاصات العلمية المتميزة والقادرة على التعامل مع الأنظمة الحاسوبية والمعلوماتية. فعنصر الكفاءة والعلم هو مقياس تقدم الجيوش وفعاليتها.