روزانا بومنصف

تعتقد مصادر سياسية في بيروت ان الاعتداءات التي طاولت المسيحيين في العراق ومصر في فترة الاعياد وما قبلها بقليل هي بمثابة انذار اضافي لا يمكن لبنان ان يتجاهله على رغم ان اي تطور سلبي مماثل لم يحصل في لبنان منذ ما بعد مرحلة الاغتيالات التي طاولت شخصيات سياسية مسيحية وغير مسيحية وقد ترافق بعضها مع موجة تفجيرات طاولت مناطق مسيحية على نحو خاص. اذ ان هذه الاعتداءات تضاعف المخاوف لدى المسيحيين في لبنان الذين يخشون ان يكون ما يجري حلقة في سلسلة من التطورات في المنطقة بدأت في فلسطين المحتلة وتستمر بقوة في العراق وتتمدد الى مصر وهي لن تلبث ان تلحق بهم علما ان مخاوفهم سابقة لهذه التطورات. كما تضاعف هذه الاعتداءات المخاوف لدى طوائف اخرى من هذا الامر باعتبار ان لبنان هش بطبيعة التطورات السياسية فيه ولا يمكن لا الدولة اللبنانية ولا سواها ردع عمليات ارهابية من هذا النوع ولا تقديم اي ضمانات في ظل احتمالات يمكن ان ترد في هذا الاطار. اضافة الى ان اي تطور مماثل لما يحدث في العراق ومصر سيكون خطيرا جدا ويمكن ان يتسبب بمضاعفات خطيرة يخشى الا يكون لبنان قادرا على مواجهتها.
وتأمل هذه المصادر ان يضاعف ما حصل في العراق ثم في مصر التعاطي الحذر في شأن اي تطورات على الصعيد اللبناني من نوع تلك التي ذكرتها صحف قبل بعض الوقت كرد فعل على القرار الاتهامي المرتقب في اغتيال الرئيس رفيق الحريري رغم انحسار التهديدات بـ7 ايار جديد او ما شابه والذي غالبا ما quot;هوّلquot; به حتى افرقاء مسيحيون في اطار تعميق تحالفهم السياسي او تعبيرا عن تفاعلهم مع الطوائف الاخرى حتى في الصراعات السياسية المباشرة. اذ ان هذه التطورات المأسوية في بعض الدول العربية تؤكد اكثر فاكثر ان اي انزلاق للوضع اللبناني نحو اي شكل من اشكال عدم الاستقرار يضع لبنان مجددا على طريق فتنة حقيقية يمكن ان ينفذ منها متطرفون من اجل تنفيذ اهدافهم فتطيح أهدافا كثيرة اخرى وتفتح الباب امام انهيار الوضع في لبنان والانتقال الى خارجه ايضا اي الى المنطقة كلها. وتقول هذه المصادر ان دولا عدة حذرت اخيرا من اي مس بالاستقرار وهي تحذيرات تجد ابعادها الحقيقية في ما يحصل حاليا في مخاوف وجدت طريقها الى مواقف الجميع من كل الطوائف في لبنان. الامر الذي يفرض على مسؤولين كثر في لبنان ان يدخلوا تعديلات على خطابهم السياسي كما على طبيعة الحملات التي يقومون بها بعدما دأبوا في الاشهر الاخيرة على توجيه تهديدات او تحذيرات بطابع سياسي انما بمضمون طائفي لان الامر لا يحتمل اللعب السياسي او الاستهانة بطبيعة ما يجري في المنطقة، وهو سيكون شبيها باللعب بالنار التي يمكن ان تحرق الجميع. اذ ان ما يحصل يحتم حصر الصراع السياسي في الشأن السياسي ومحاولة ايجاد حلول له على هذا الصعيد مع ابتعاد كلي وكامل عن الاشارة او التهديد باي فتنة لن يكون سهلا وقفها متى بدأت. فهل يتعظ المسؤولون في لبنان ويعالجون خلافاتهم على نحو يبعد لبنان عن اي تأثيرات من هذا النوع؟
ويثير استهداف المسيحيين في العراق ومصر قلقا كبيرا في الواقع اكثر بكثير مما يعبر عنه لدى عواصم غربية ترى انه مريح ومطمئن ان تصدر مواقف منددة من زعماء الطوائف الاسلامية السياسية والدينية في مصر والعراق كما في لبنان. وترى المصادر نفسها ان القلق هو نتيجة استمرار الاعمال الارهابية من جهة مما يكشف ان كل الجهود والاموال والعمليات التي حصلت تحت عنوان مواجهة الارهاب اظهرت عدم نجاحها فعلا في ذلك، واستهداف طوائف غير اسلامية من جهة اخرى بحيث لن يمكن تهدئة المخاوف لدى المسيحيين في الشرق اذا استمرت مثل هذه الاعمال كما ان المسألة يمكن ان تنعكس بردود فعل مختلفة في دول غربية تسعى الى الموازنة بين المقدار الكبير من المهاجرين المسلمين اليها ورعاياها من الطوائف الاخرى علما ان ما يحصل يحمل الدول الغربية مسؤولية مضاعفة توازي مسؤولية الدول العربية متى كانت هذه الهجمات على المسيحيين هي بمثابة بدل عن ضائع من اجل الانتقام من الغرب المسيحي الذي يخشى في الوقت نفسه ان يساهم في تأزيم الامور من خلال مواقفه. وتاليا فان الامر يتعدى المواقف المنددة الى امور اكثر حزما اذ يتعين وفق هذه المصادر اتخاذ مواقف جماعية صارمة وحازمة على مستوى الدول العربية كلها في اجتماع طارئ للجامعة العربية التي يقع عليها ان تظهر ان الامر يعنيها ايضا لانه لا يتصل بمصر او بالعراق او التدخل في شؤون اي منهما انما بمن تبقى من اقليات مسيحية في دول المنطقة بعد هجرتهم من الاراضي الفلسطينية المحتلة ثم هجرة كثيرين منهم من لبنان ثم من العراق اضافة الى مسؤولية الدول نفسها على هذا الصعيد.