يجادل الصحافي عكيفا الدار في صحيفة هآرتس ان سياسات ائتلاف نتانياهو - ليبرمان - باراك، أضعفت اسرائيل دوليا، ودفعت بالكثير من دول العالم الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما ان هذه السياسات ايقظت اليسار الاسرائيلي من يساره، فبدأ ينظم صفوفه واطلاق حملة لتأييد الحل القائم على الدولتين.
ما الذي تريدونه من بنيامين نتانياهو؟ لقد كان اول رئيس وزراء اسرائيلي يعد (في شهر يوليو الماضي) بالتوصل الى اتفاق اقامة الدولة خلال عام واحد مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. ومنذ ذلك اليوم، حشد اليمين الاسرائيلي قواه للقيام بكل ما يؤدي الى تصعيد التوتر بين الطرفين. ولكن في الواقع، لا يكاد يمرّ يوم واحد دون ان يضع زعماء هذا اليمين المتطرف لبنة جديدة في بنيان الدولة الفلسطينية.
صحيح، ان هذه الدولة لن تقام وفقا للخطة والجدول الزمني اللذين رسمهما المهندس نتانياهو ورفاقه. فالفلسطينيون هم اليوم اقرب من اي وقت مضى الى الحصول على موافقة المجتمع الدولي على قيام دولتهم.
لقد ابلغني احد مساعدي عباس وهو يضحك بصوت عال laquo;يمكننا الآن اغلاق وزارة الخارجية الفلسطينية، فنتانياهو وليبرمان يقومان بما يجب ان نقوم به نيابة عناraquo;. فحين يقوم ممثلون عن الحكومة الاسرائيلية بافتتاح مركز ثقافي في مستوطنة اريئيل، وحين تقر اغلبية اعضاء الكنيست توسيع مستوطنة هارحوما، فمن يصدق ان اسرائيل جادة في التوصل الى سلام على اساس حل الدولتين او تقسيم القدس؟
وحين لا يكلّف رئيس الوزراء نفسه عناء النظر الى الخريطة التي قدمها له عباس والتي تشمل اقتراحات تبادل الاراضي، فلماذا لا تنضم تشيلي الى جيرانها بإعلان الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967؟
وحين يعلن وزير خارجية اسرائيل ان تصريحات رئيس وزرائه حول اتفاق سلام نهائي خلال عام واحد هي مجرد ثرثرة، فلماذا لا تقبل ملكة بريطانيا اوراق اعتماد السفير الفلسطيني؟
وحين تصادر laquo;الادارة المدنيةraquo; في الضفة الغربية اراضي يملكها الفلسطينيون وتخصيصها laquo;لاغراض امنيةraquo; وبناء نقاط تفتيش غير شرعية، فكيف يمكن للسفير الاميركي في الامم المتحدة تبرير اعتراض الرئيس اوباما على قرار يدين الاستيطان؟ وحين لا تكترث إسرائيل للاعتذار عن مقتل إحدى المتظاهرات سلمياً ضد بناء الجدار الفاصل على أرضها، فلن تكون سي إن إن في حاجة إلى صائب عريقات، ليشرح للمشاهد خطر الوضع السائد.
ولا يحتاج الدبلوماسيون الفلسطينيون إلى بذل جهود كبيرة لنزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي، ففي حقبة ما بعد الاستعمار، يجد بائع مفروشات سابق مثل نتانياهو أنه من غير الممكن الدفاع عن شرعية سيطرة شعب على شعب آخر فهو يعترف بنفسه بأن البديل عن حل الدولتين سيكون على حساب الهوية الديموقراطية للدولة العبرية، والحقيقة أنه من أجل حشد التأييد الدولي للدولة الفلسطينية خارج الخط الأخضر، فإن نتانياهو وغيره من رموز اليمين، هم أكثر من يقدم المساعدة للفلسطينيين، بل إنهم على استعداد لإضعاف شرعية إسرائيل ضمن حدود 67.
فالرصيد الأهم الذي ظلت تمتلكه إسرائيل منذ يونيو 67 هو قدرتها على الحفاظ على صورة الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط حتى وهو تحتل أراضي الغير، وتقيم المستوطنات عليها، فالوضع الخاص لإسرائيل كجزيرة ديموقراطية معزولة في محيط معاد، منحها الدعم الدولي، لدرجة أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أبلغ الرئيس المصري، حسني مبارك، أنه سيخفف الضغوط على نتانياهو، لأنه بموجب العملية الديموقراطية في إسرائيل، يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يأخذ في الاعتبار شركاءه في الائتلاف الحكومي.
ومع ذلك، فإن هذا الائتلاف أثبت للعالم أجمع أن إسرائيل لا تستحق معاملة خاصة، وإذا أخذنا في عين الاعتبار قانون الولاء وفتاوى الحاخامات العنصرية ضد العرب والأجانب وقرار الحكومة بناء معسكر اعتقال للمتسللين، وغيرها من سياسات التمييز، تلغي أي مبرر للتميز الإيجابي لمصلحة إسرائيل كدولة ديموقراطية. وليس كافياً بالنسبة لائتلاف نتانياهو - ليبرمان - باراك، تجنيد جحافل المؤيدين للدولة الفلسطينية، فهناك مؤشرات على أن الطريقة التي تعاملوا بها مع منظمات حقوق الإنسان، أيقظت اليسار الإسرائيلي من سباته، فالنشطاء الذين تخلوا عن الكفاح ضد الاحتفال أدركوا الآن أن الاحتلال قد وصل إليهم وإلى منازلهم، فقد وقع المئات منهم أخيراً على عريضة تهنئ الدولة التي أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية. وهكذا، فإن أفعال نتانياهو في النهاية هي التي ستجلب الدولة الفلسطينية.