مصطفى انس العواد

نشأ مفهوم الدولة الحديثة نتيجة لمسيرة quot;عصر التنويرquot; الطويل كعقد اجتماعي مقدس بين الحكام والشعب ، والمواطنة المكانية ، والخضوع لسلطة مركزية ، مناقضا للعصبية القبلية والياتها الرئيسية: الاغارة والسلب والغزو quot;لاحظ سلوك المتظاهرين في كل المسيرات التي تحدث في العالم عندما تخرج عن السيطرة: التكسير السرقة ، النهب ، الانتقام من الاخرين).

لقد اصبح مفهوم الاصلاح السياسي على كل لسان في البلاد خلال الاسبوعين الماضيين ، يلوكه اشخاص من كافة المشارب ، اكثرهم (للاسف) لا يعرف ماذا يعني المفهوم في الحياة quot;السياسية المعاشةquot; او في ادبيات التنمية السياسية.

هذا الالتباس في مقاربة المفهوم أغرقه حتى الاذنين في المعيارين ، فهل هو نفسه لدى الاسلاميين واليساريين والقوميين او الشعبويين؟ لذلك اصبح اكثر مدعية كمن يحمل سيفا بتارا في الظلام (يهوش) به ، ويخبط خبط عشواء والنتيجة انه يؤذي الكثيرين ، لكنه يؤذي نفسه اكثر.

لا يجوز ان يصبح هدف quot;الاصلاح السياسيquot; الاخذ بثارات من الحكومات ، الثأر يطفىء النار والاحقاد والاحتقانات التي في الصدور لكنه يطفئ ويطمس الكثير من النور ايضا في حمأة الاندفاع للثأر.

وتدل وتجمع دراسات التنمية السياسية ، وتجارب الاصلاح السياسي الناجحة في العالم من حولنا على التباين بين نماذج الاصلاح ، مع قاسم مشترك هو وجود قدر من التحضر.

امر اخر يفترضه quot;التحضرquot; كمنتج للتنوير هو الادراك الواعي بان الاصلاح السياسي سيرورة PROCESS وهناك فرق بين ادراك ظاهر هذه السيرورة ووجودها كواقع بذاته ، هذا يعني بان الاصلاح لا يتحصل quot;بكبسة زرquot; ولا بخطة مركزية على النمط الماركسي ولا بواسطة quot;دوغماquot; جبهة العمل الاسلامي التي تفترض ان الاسلام هو الحل.

واقع الامر لدينا في الاردن ان طيفا واسعا (غير متنور) من الاحزاب والتنظيمات ومؤسسات المجتمع المدني اخذ يرى بالوضع الراهن للبلاد فرصة للاغارة - كمنتج لما قبل الدولة - على البلاد نظاما وحكومة وشعبا ، لنهب وتحطيم كل ما انجز بابداع وتضحية خلال قرابة القرن الماضي مستخدمين ادوات وتكتيكات تعود الى عصور ما قبل الدولة يحركهم نفاد الصبر وفقدان البصيرة.