البياري: قوميون ينعَوْن الشهيد القذافي/ راجح الخوري: دفن صندوق الفضائح

قوميون ينعَوْن laquo;الشهيدraquo; القذافي

معن البياري
الدستور الاردنية
أَنْ نأْنفَ من قتل معمر القذافي بعد الإِمساكِ به بالكيفيّة التي ذاعت، فذلك لأَننا بشرٌ أَولاً، ولأَنَّ الانحيازَ إِلى العدالة هو الأَوجبُ للاقتصاص من كل مجرمٍ من طينةِ القذافي، وليس لأَنَّ تعاطفاً مع المذكور أَلمَّ بنا، أَو لوثةَ إِعجابٍ به أَصابتنا. مناسبةُ التأكيد على هذه البديهيّة، أَنَّ بياناً أَصدرتْه laquo;لائحة التيار القوميraquo;، من دون أَنْ تُعرِّفَ هذه بنفسِها، وإِنْ يُخمن المرءُ أَنها في رابطة الكتّاب الأُردنيين، ينعى laquo;الأَخ القائد العربي الشهيد معمر القذافيraquo;، والذي laquo;استشهدَ في القتال، ووعدَ أَنْ يبقى في ليبيا، وأَنْ يُقاتل حتى النصر أَو الاستشهاد، فوفى بوعدِه حتى صنعَ لنفسِه عرشاً في تاريخ العربraquo;. ويحتاج قارئُ البيان أَرطالاً من الأَعصاب الباردة ليحتمل شغفَ أَصحابِه بالعقيد الليبي الذي ظلَّ فالتاً أَسابيعَ قبل صيدِه، والذي يعدُّ من أَرذل الطغاةِ في تاريخ البشرية. والسؤال، ببساطةٍ، إِلى أَصدقائِنا أَصحاب البيان، عما إِذا كانت قوميتهم العروبية لا تستقيمُ إِلا مع مناصرتهم القذافي وبشار الأَسد وصدام حسين. لماذا لا يقدِرون أَنْ يكونوا، ونكون معهم، قوميين، وفي الوقتِ نفسِه، مع أَشواق الشعوبِ العربية في التحرّر من الاستبدادِ والفساد والتسلط والإجرام والفتك والكذب، على نحو ما كانت عليه مباذلُ القذافي في خطفِه ليبيا، وإِباحتها لشخصه ولأَولاده، فلم تتيسر فيها دولةٌ تتوفّر على نظامٍ مؤسساتي ومقادير معقولةٍ من الاحتكام للقانون.
يزيدُ البيان ويعيدُ في خُرّافية احتلال laquo;الناتوraquo; ليبيا، ويستطيبُ رمي ثوار ليبيا ومجاهديها، ممن انشقّوا عن الدكتاتور وممن تطوعوا لقتال كتائِبِه، بأَنهم laquo;ثوار الناتوraquo;، من دون احترامٍ واجبٍ لدماءِ من قضى من هؤلاء، ومن مدنيين كثيرين، بآلة الفتك لدى القذافي وميليشياتِه. وهذا يُسيء إِلى الشعب الليبي الذي يحتاجُ من أَشقائِه العرب كلَّ عونٍ وغوثٍ وحنو، وإِلى كلٍّ إِسهامٍ لبناءِ بلدِه ونهوضِها، وتمتين مؤسساتها وبِنْيات الحكم والنظام والسلطة والإِدارة فيها. وسيكون غضبُ هذا الشعب كبيراً من رمي ثُوارِه بتلك التسمية المعيبةِ لأَصحابها، فقد قاتل هؤلاء في معارك كرٍّ وفرٍّ صعبةٍ في أَجدابيا والبريقة ومصراتة وبني وليد وغيرها، من دون أَن يكون بينهم جنديٌّ من laquo;الناتوraquo;. وقد أَصابَ ليث شبيلات في رفضِه تخوين ثوار ليبيا للجوئِهم إِلى هذا الحلف، وفي قوله إِنَّ ذلك كان بسبب تخلّي العرب عن نُصرتِهم. ونرجو ممن أَشاعوا البيان أَنْ يكفّوا عن الكلامِ الكبير عن اعتبارِ ما جرى في ليبيا laquo;عدواناً إِمبريالياً على الأُمة العربية والعالم الإسلامي وإِفريقيا والعالم الثالثraquo;، فهذه لغةٌ قذّافيّةٌ تخشبَّت ، وأَنْ يلتفتوا إِلى المستقبل الذي يليقُ بليبيا، لتكونَ في مطرحِها العربي، مستقلةً في قرارِها الوطني، متصلةً بالعالم والحداثةِ وحقوق الإِنسان، فالخوفُ عليها مشروع، ليس فقط من استهدافاتٍ وأَطماعٍ أَجنبية، بل، أَيضاً، من تفشّي الذهنيّةِ التي تتعامى عن أَفراح الليبيين بتخلصِّهم من فظاظةِ حكم عائلةٍ سارقة، ويشتمُ laquo;معتدي الناتو وعملائِهم المحليين الخونةraquo;.
لم نُصادف ولعاً بالقذافي laquo;شهيداً وقائداً عربياًraquo;، لدى غير أَصحابِنا هؤلاء، وهذا محزنٌ، والمأمول أَن لا يتخطّى عدد الحزانى على laquo;الشهيدraquo; بين ظهرانينا أَعضاءِ اللائحة التي صدر البيان عنها، وإِلا نكونُ أَمام حَوَلٍ غيرِ هيِّنِ الإِساءَة لليبيين، كما مثيله الذي يٌسيء لإِخوتنا السوريين، حماهم الله ونصرَهم.
دفن القذافي كصندوق فضائح!
راجح الخوري
النهار اللبناينة
تماماً كما توقعت هذه الزاوية، دفن القذافي في مكان مجهول من الصحراء الليبية. ألقي في قاع الرمل كما القي بن لادن في قاع البحر.
هذه نهاية تغلق كتاب ديكتاتور مهرج ارتكب من الجرائم ما يفوق الوصف، لكنها بداية لا تفتح صفحة بيضاء في ابجدية الثورة التي تصرفت معه وفق الأسلوب القذافي السيئ، في حين كان المنتظر ان تبدأ مرحلة الديموقراطية الموعودة بتأكيد الرغبة في احترام القانون والحرص على إقامة العدالة.
ليس هناك من لا يجد الأعذار للثوار الذين اجهزوا على القذافي، وهو الذي قتل من اهلهم الكثيرين، ولكن الغموض الذي يحيط بمقتله وتناقض الروايات حول هذا الأمر يحرض على طرح اسئلة ضرورية في مقدمها:
هل كان المطلوب الاجهاز على القذافي ودفنه كصندوق من الأسرار، فلا تسبب محاكمته شريطاً من الفضائح يلوث سمعة دول كثيرة وزعماء شاركوا في الحرب ضده؟ وهل كان من الضروري ان يرى العالم حبور الليبيين في استعراض الجثث والتقاط الصور التذكارية للديكتاتور وولده؟ أوَلم يكن من الأفضل لو كان حياً في زنزانة لتمرالجموع من امام ذله اسيراً فيكون عبرة لمن يعتبر؟
ثم هل كان من الضروري ان يعلن المجلس الانتقالي الليبي، اولاً انه اضطر الى ان يدفنه بعدما تحلل الجثمان الى درجة اصبح معها من غير الممكن ان يبقى اكثر، ولكأنه بهذا يأسف على انتهاء الاستعراض، وقد كان في وسعه تحنيط الجثة لاستكمال هذا الاستعراض[!] وثانياً انه دفن الجثة في مكان مجهول من الصحراء كي لا تتحول مقبرته محجة لأبناء قبيلته؟!
يستطيع المراقب ان يجزم بأنه كانت ثمة رغبة دولية في دفن اسرار القذافي معه وكان مطلوباً ان يتم قتله فور الوصول اليه، وفق خطة متفق عليها بين الثوار وبين القوات الأطلسية التي ساعدت على إلحاق الهزيمة به، ربما لأن هناك عواصم كثيرة لم تكن تريد للقذافي ان يقف امام القضاء وان يقول كل ما كان عنده من الوقائع الفاضحة والمعيبة، التي من شأنها ان تدين زعماء كباراً كانوا على لائحة الرشوة عند الديكتاتور المهرج وقد شاهد العالم صورة برلوسكوني وهو يقبل يده!
والفضيحة ان تعلن هيلاري كلينتون يوم الاربعاء من الاسبوع الماضي انها تتمنى قتل القذافي وهي التي تتشدق بالديموقراطية والعدالة، والفضيحة ايضاً ان تعلن بعدما قتل وشبع موتاً، دعمها الكامل لفتح تحقيق في مقتله quot;لأن التحقيق يعد جزءاً من العملية الانتقالية من الديكتاتورية الى الديموقراطيةquot;.