عبد الوهاب بدرخان
كان مفاجئا الى حد ما ان يطلق رئيس المجلس النيابي نبيه بري مناشدة للعاهل السعودي كي يقدم على مبادرة في الشأن السوري، إذ يعتقد أنه لا تزال له حظوة في الرياض أو أن كلمته مسموعة فيها، لكن الجميع فهم انه يتمنى مبادرة تكون في مصلحة النظام، علما بأن الملك عبدالله بن عبد العزيز أعلن قبل أربعة شهور موقفا هو نفسه الذي تحاول الجامعة العربية حاليا تفعيله، إذ طالب بوقف آلة القتل. لكن المستغرب أن تصدر مناشدة مماثلة من جانب العماد ميشال عون، وللسعودية تحديدا، وهو الذي طالما تفاخر بالعداء لها. لا يمكن الاعتقاد أنه توارد أفكار عفوي بين الرجلين، بل ان هناك من وضعهما على الخط ولم يكن موفقا باختيار عون حتى لو استند الى زعامته المسيحية، أما بري فلا يزال يعتبر نفسه فارس الـquot;سين ndash; سينquot; بلا منازع، رغم ان هذا كان ولم يعد، لأنه شارك حليفيه في قتل الـquot;سين ndash; سينquot;.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يأت الايحاء السوري بمناشدة الملك عبدالله الى رئيس الحكومة، فنجيب ميقاتي كان ليتمنى تبنيها على سبيل التخلص من الاحراج العربي ndash; والدولي ndash; الذي حصده من التصويت اللبناني ضد القرار العربي. وهو قرار اتخذ بتشاور خاص بين وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل وأعضاء اللجنة الوزارية العربية. وحاول الوزير السوري وليد المعلم، في مؤتمره الصحافي يوم الاحد، النأي بنفسه عن مناشدتي بري وعون، لكنه عاد فأضاف ما يشي بأنه يتمنى تحركا سعوديا. لكن المشكلة لا تزال هي نفسها، كما كانت منذ مبادرة الملك عبدالله خلال قمة الكويت في 2009 والمحادثات التي تلتها، ثم منذ مبادرته بالزيارة الثنائية مع الرئيس السوري لبيروت في تموز 2010. المشكلة أن بشار الاسد يستخدم هذه المبادرات ليبرهن ان ما يعتقده هو الصواب، وإلا لما كان الملك هو من جاء اليه في المرتين، وأن الافضل للسعودية أن تلبي محاولاته لاستقطابها الى خطه.
لو كان الامر يتعلق بوساطة مطلوبة بين بلدين عربيين لربما تجاوبت السعودية وسعت، رغم ان تجريب المجرب ليس حكيما، أما التحرك من أجل نظام يبحث عمن يدعمه في قتل شعبه فهذا يعني ببساطة مشاركته في القتل والغلو في العنف، تماما كما يفعل تصويت لبنان في الجامعة العربية، أو روسيا والصين في مجلس الامن. ثم ان من يعتمد الى هذا الحد على دعم ايران، للصمود داخل سوريا، أو للهيمنة على لبنان ودولته واستقراره، لا يحتاج الى مبادرة، لا من السعودية ولا من سواها، فهو اختار مساره ومصيره خارج الاطار العربي. أكثر من ذلك، باسم من وماذا صدرت مناشدتا بري وعون؟ باسم انجازات 7 أيار، أم باسم الوعيد بتكرار 7 أيار في حال انهيار النظام السوري، أم باسم الاغتيالات التي لا يراد للمحكمة الدولية ان تكشف حقيقتها؟ كان الاحرى بمن يدعو الى نجدة هذا النظام أن يكون تجرأ ولو مرة واحدة على أن يناشد الاسد وشبيحته ان يكفوا عن الاجرام في حق الشعب السوري، كي يعاد تأهيلهم ليصبح الحديث معهم ممكنا من دون أن يكون شبهة.
التعليقات