سلمان الدوسري
فعلا.. لم يكن اسما على مسمى، فوزير الخارجية السوري وليد المعلم، فاشل في تزوير الحقائق منذ بدأت الثورة السورية قبل تسعة أشهر تقريبا، فمن فضيحة تزويره للجغرافيا بنسيان أوروبا من الخريطة، إلى ترديده المرة تلو الأخرى كذبة أن السلفيين هم مَن يقفون خلف الثورة في بلاده، ناهيك عن قائمة الإصلاحات الموعودة للشعب السوري التي كررها ألف مرة ولم ينفذ منها حرفا واحدا، وغير ذلك من خرافات المعلم وليد المعلم، لكن هذه المرة وقع في شر أعماله، بل فُضح من شر أعماله.
هذه المرة أمعن الوزير السوري كثيرا في التزوير، فهكذا هم المزورون ينسون سريعا، ويكذبون الكذبة ويتأقلمون معها وكأنهم وحدهم في هذا العالم، فما عرضه المعلم من صور لجرائم قال إنها من فعل العصابات، كشفت تزويره بسرعة لم يتوقعها هو ذاته، بعد أن ظهر أن هذه الصور لجرائم لم تحدث في سورية، بل حدثت في لبنان قبل سنوات عدة، وبقية القصة الحقيقية معروفة لدى الجميع، إلا النظام السوري.
وكم كان مضحكا للعالم بأسره الذي تابع كذب المعلم على الهواء مباشرة، في المؤتمر الصحافي الفضيحة ذاته، قول الوزير السوري إنه منذ بدء الثورة في بلاده ''لم يستخدم مدفع دبابة واحدة''! على الرغم من أن موقع اليوتيوب يبث يوميا مشاهد بالصوت والصورة، لكيفية تكرار قصف الدبابات السورية لمنازل المواطنين العزّل، وهل ينسى أحد قصف الدبابات لمآذن المساجد؟ لكنه كذب النظام السوري الذي لا شفاء منه أبدا.
ولا يمكن لنا أن نستذكر مسلسل الكذب والتزوير الذي استمرأه النظام السوري، دون أن نترحم على صحاف العراق الشهير، فالنظام العراقي السابق كان لديه صحاف واحد، كما كان للنظام الليبي السابق قذافي واحد، في المقابل كان هناك مسؤولون عراقيون وليبيون يبدون وكأنهم عقلاء، أما مسؤولو النظام السوري، فكلهم قذافي وكلهم صحاف.
ولأن كذب وتزوير النظام السوري لا يتوقف، وليس له حد، فإن أصدقاء دمشق، الإيرانيين، أيضا يشاركون بقوة في هذا المسلسل السخيف، فيوم أمس بثت وكالة مهر الإيرانية، خبرا مفاده أن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان بأن الدوحة مستعدة لدفع تكاليف الحرب على سورية، وتمضي الوكالة الإيرانية في كذبها إلى القول إن كل دول الخليج على علم بهذا اللقاء والتفاصيل وإنها تدعم هذا التوجه. غني عن القول أن هذه السيناريوهات الخيالية هي جزء من اللعبة السورية، لكن التنفيذ إيراني، فكلهم في الكذب سواء.
مخطئ مَن يظن أن النظام السوري سيُحرج من هذه الفضيحة المدوية، فمن اعتاد الكذب والتزوير لا يمكن له أن يتأثر ولو قيد أنملة، انتظروا اليوم أو غدا واسمعوا كذبة جديدة، وتبريرا مضحكا، فهم مستمرون في طغيانهم، والهدف معروف، وهو كسب مزيد من الوقت حتى يتسنى لهم قمع الثورة، لكنهم نسوا أن الهروب عبر مطار دمشق الدولي سيكون عصيا عليهم قريبا جدا.
التعليقات