علي حماده

لم يَحُلْ توقيع النظام في سوريا بروتوكول المراقبين العرب مع الجامعة العربية دون تكثيفه عمليات القتل الواسعة في انحاء عدة من سوريا الثائرة. فسياسة القتل المنظم مستمرة، ودخول المراقبين سوريا ابتداء من اليوم لن يوقف القتل بل انه سيحرف مساره قليلا. فالنظام لا يبتغي الحوار حول التغيير الشامل ودفن quot;جمهورية حافظ الاسدquot;، كما لا يسعى الى نقاش حقيقي يفضي الى تنحي بشار الاسد عن السلطة ورحيل البطانة المحيطة به بما يفتح آفاقا جديدة لسوريا حرة وديموقراطية. انه نظام لا يختلف كثيرا عن نظام كيم ايل سونغ في كوريا الشمالية الذي اورث ابنه كيم جونغ ايل القيادة، وبوفاة الاخير قبل يومين ورثها الحفيد كيم جونع اون ابن الثمانية والعشرين لتكون الجمهورية الاشتراكية او آخر الكيانات الستالينية وأشدها التزاما للوراثة الذرية. وحدها بخلاف كوريا الشمالية نظمت الجمهورية العربية السورية quot;الاشتراكيةquot; النهج وراثة الابن لابيه، فعين بشار الاسد خلفا لحافظ الاسد رئيسا وقائدا.
في كوريا الشمالية المغلقة على العالم الخارجي، صارت الجمهورية سجنا كبيرا، وبلغ حد الخناق الامني ان جرى تجويع ملايين الكوريين حتى الموت في السنوات الاولى من القرن الحالي في سبيل تمويل البرنامج النووي الركن الذي يعقد من المساعي لإسقاط هذه الجمهورية الظلامية الواقعة على تخوم العالم. اما في سوريا التي وصفها اول الشهداء كمال جنبلاط بالسجن الكبير، فيقتل الآلاف، وبينهم مئات الاطفال كي يستتب ارث حافظ الاسد بين يدي ابنه، وكي يأتي يوم يرث فيه حافظ الحفيد بدوره سوريا! ومع ذلك، فإن جمهوريتي كيم ايل سونغ وحافظ الاسد النموذجين الوحيدين في العالم للجمهوريات الوراثية تتقاسمان سمات الموت. فإلى اي مدى تحاكي جمهوريتا كيم ايل سونغ وحافظ الاسد سمات العصر الحالي؟
في اي حال، وبالعودة الى توقيع برتوكول المراقبين العرب، نقول ان العالم لا يحمل اوهاماً حول نيات النظام، فالمجازر التي ترتكب منذ شهور عدة، والتي تفاقمت في الايام الاخيرة تشي بحقيقة النظام وطبيعته. فالكلام عن اعادة تأهيله ضرب من الخيال، والكلام عن حوار جدي معه يضع سوريا على سكة الحل وهم كبير. وتصوير بشار الاسد على انه جزء من الحل نقيض للواقع المحسوس.
ان الثورة في سوريا حقيقة دامغة. والعودة الى ما قبل 15 آذار غير ممكنة. وبعد ما حصل في الشهور التسعة الماضية من قتل منظم، وثورة عارمة على الظلم، فإن بقاء النظام نفسه صار مستحيلا. وكما قلنا في اكثر من مناسبة، فإن بشار الاسد لن يكون جزءا من مستقبل سوريا ولو بلغ الشهداء المئة الف. من هنا اهمية استمرار الثورة على وتيرتها العالية، من عمل داخلي واسع، الى حراك خارجي هادف، فمقاومة على الارض حماية لسلمية الثورة.
جل ما نعرفه هو ان سوريا لن تكون بعد اليوم الطبعة العربية لكوريا كيم ايل سونغ وذريته.