يوسف الكويليت

الرابط بين دول الخليج العربي جاء من مجلس التعاون، وقد قيل الكثير عن تماثل الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ورسمت خطوط لم تبلغ الاستراتيجيات بحيث يحدث تكامل منطقي يلغي المسائل الجغرافية والسكانية، وأن الأكبر سيبتلع الأصغر، أو يلغي هويته ودوره والدليل أن المطامع أتت من خارج دول المجلس، لكن الريبة وعدم الثقة ببعضنا، ووهم الحماية الأجنبية أعاقت نشوء قوة موازية للقوى الإقليمية أو العربية غير المستقرة، وإلى هذه اللحظة ظل الاعتقاد بأننا الأكثر استقراراً بسبب عوامل مادية، لكن أحداث احتلال الكويت ومطامع إيران التي تطلّ في كل لحظة، وتغير موازين القوى العالمية، كل هذا يفرض أن نفكر بجدية أن المتغيرات زحفت على البحرين وعُمان، وأن المؤثرات التي حدثت في الدول العربية تطل برأسها على كل دولة..

عُمان والبحرين عضوان في المجلس، وهذه العضوية يجب أن لا تبقى فخرية أو رمزية لمناسبات متعددة، إذ إن البلدين هما الأحوج للدعم المباشر والسريع وسط الاحتجاجات القائمة الآن، والأمر لا يتعلق بصدقة أو حلول وقتية، بل تتعداها لنظرة أكثر عمقاً في موضوع الأمن؛ لأن ترك البلدين يغرقان في أوضاعهما سوف ينعكس، بشكل مباشر، على الدول الخليجية الأخرى، ولذلك لابد من قمة تضع الخطوط العريضة لمشروع تنمية طويل لهما، وليس فقط إعطاء منحة ما، وإنما فهم طبيعة الحالة الاقتصادية لهما وشح الموارد، ثم وضع خطة خمسية أو عشرية لسد النقص في مشاريعهما العاجزة عن التنفيذ من وظائف ومساكن وبنى تحتية شاملة..

وعلينا الاقتداء بأوروبا الغربية التي أقامت صناديق ومشاريع كبرى في أوروبا الشرقية وقبلت دولها أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهي نظرة لم تكن عاطفية أو تعويضاً عن مرحلة الاتحاد السوفياتي، بل اعتبرتها واجباً أساسياً، حتى إن ضم ألمانيا الشرقية للغربية كلف اقتصاد الأخيرة مئات البلايين، بينما البحرين وعُمان ليستا عبئاً يوازي تلك الدول. بل إن احتياجاتهما لن تضر بثروات الدول النفطية الأخرى قياساً لثرواتها ونمو مداخيلها..

لقد قلنا الكثير عن مجلس التعاون وقد حانت الساعة التي يؤدي فيها واجباً فرضياً، وأن نرى الفعل يسبق الأماني والأفكار المعطلة، وبصرف النظر عن بعض الخلافات على حدود أو غيرها، فمسار المجلس وأمنه، تحديداً، مسارٌ واحد، وأي جزء يتعطل سوف يعرض الجسد الأكبر لقلة المناعة سواء أمنياً أو اقتصادياً، ومن غير المنطقي أن نطلّ على حالة البلدين من سقف أعلى بينما الواقع والمصير الواحد يفرضان أن نكون على مستوى المسؤولية، وأن ما يجري الآن هو تعبير شعبي تلقائي وعلينا المسارعة بإنشاء صندوق يعتمد ميزانية تدفعها الدول الخليجية الغنية لسد احتياجات البلدين، وهي خطوة تعزز مفهوم الأمن والتلاحم بين هذه الدول، وعندما تتضح زمن الشدة، نثبت لمواطنينا والعالم من حولنا أننا لسنا تجمعاً بلا أهداف، أو أننا حزمة قابلة للتفكك وهو ما يجب أن يحدث قبل أن يغرقنا الطوفان..