أحمد الجارالله

نسأل هؤلاء المفتوحة شهيتهم على الاعتصامات والتظاهرات, وهم على يقين ان ذلك متاح لهم قانونا ولا اعتراض عليه, ماذا يريدون?
هؤلاء الذين يستقوون ببضع عشرات من المصابين بعدوى التجمع والهتاف والشعارات الرنانة, رغم معرفتهم ان نصفهم رجال مباحث وأمن دولة يتابعون تحركهم في الشارع او الدواوين, عليهم ان يعرفوا ايضا ان هناك مئات الآلاف من الكويتيين الحريصين على الاستقرار, وعلى البلاد بحكومة ورئيس يمكنهم ايضا النزول الى الشارع للتعبير عن موقفهم, وإعلان ارادتهم بكويت آمنة مستقرة.
هل يريد تجار الاعتصامات والتظاهرات ان يحدث في الكويت ما حدث في تونس ومصر او ما يجري في اليمن, حيث عشرات الآلاف هناك تتظاهر ضد الرئيس علي عبدالله صالح, بينما الملايين تتظاهر تأييدا له, او هل يريدون ان يحصل في الكويت ما يحصل في البحرين التي خرج فيها بضع مئات من الشيعة الى الاعتصام في دوار اللؤلؤة, وقابلهم مئات الآلاف من السنة مؤيدين للحكومة والنظام والملك?
حرية الرأي المكفولة قانونا لهؤلاء جعلتهم وتجعلهم يقولون ما لم يقله مالك في الخمر, لكن لا بد من الحذر وعدم الانسياق في مغامرتهم عمياء البصيرة هذه الى منزلق الندم, فينطبق عليهم مثل الثور الابيض الذي تآمر عليه شقيقه الثور الاسود ومهّد للأسد كي يأكله, إلا ان الاخير لم يكتف بالثور الابيض وأكل الاسود ايضا, فقال مقولته الشهيرةquot; ما أكلت الا يوم ما أكل أخي الثور الابيضquot;, ولذلك ما على المهووسين بالتظاهر الا النظر الى الفراغ الامني والدستوري الذي تعيشه كل من مصر وتونس وليبيا حتى يدركوا اذا ما تمادوا في مغامرتهم, الى أين يأخذون الكويت التي حتما لن ترضى غالبية شعبها الانزلاق الى هذا الدرك المؤسف, او ان تكون صومالا ثانيا, فالشعوب تتعلم من دروس الأمم الاخرى, وما عضُّ شعوب تلك الدول أصابع الندم من الفوضى الا خير دليل.
الى أين يسير هؤلاء? يطلبون الحرية ويمارسون اكثر منها الى حد السباب والشتم ورمي الاتهامات جزافا, وتوزيع صكوك الوطنية, وكأنهم وحدهم في هذا الوطن الاتقياء الانقياء من كل دنس, يرفضون تفسير الدستور تحت شعار الحفاظ عليه وعدم تنقيحه, ويطالبون بتعديله في الوقت نفسه ليتوافق مع طموحاتهم الشخصية.
نتمنى ان تعرف هذه القلة ان الدستور هو للكويت كلها, وليس ملكا لفئة دون أخرى, والحبل ليس متروكا على غارب رغباتها, لأن قطار التأييد الشعبي فاتها, ولذلك فليصرخوا كما يشاؤون, فلن يضر سمو رئيس مجلس الوزراء المطالبة بإسقاطه لأن هناك شعبا بغالبيته يحمي الدولة ومؤسساتها ورئيس حكومتها, فما ضر بريطانيا يوما quot;هايد باركquot;ولن تضر الكويتquot;ساحة الارادةquot; ولن يضر البحرين دوار اللؤلؤة, لان المعتصمين هنا أو هناك سيختنقون بروائح شعاراتهم الزائفة, فالشعب البحريني قال كلمته, وقبله قالها الشعب الكويتي وسيقولها دائما.
لا بد لهؤلاء من إدراك ان الغالبية الشعبية عندما تريد إسقاط رئيس مجلس الوزراء فلن تكفيها لا ساحة الارادة ولا ساحة الصفاة ولا حتى شوارع الكويت كلها, لكن هذه الغالبية التي عبرت عن نفسها في مجلس الأمة, وعبر مؤسسات المجتمع المدني على اختلاف أطيافها, قالت لا للفوضى, ولا لإثارة الفتن, ولا للشعارات الجوفاء وتدبيج الترهات على المواقع الالكترونية, ولم تعد تنطلي عليها الخطب الطنانة فالناس يريدون عنبا لا قتل النواطير, وعنب الكويت في مواسمه الخيرة, خصوصا هذه الايام... والعبرة لمن يعتبر!