علي إبراهيم

‬ في‮ ‬ذروة ما‮ ‬يجري‮ ‬من أحداث سياسية منذ الرابع عشر من فبراير والبحرين في‮ ‬عصف مأكول،‮ ‬فإذا أردت توصيف ما‮ ‬يجري‮ ‬على الساحة اليوم؛ فإنني‮ ‬لن أجد صورة أبكى وأحزن من أن أعيد ذاكرتي‮ ‬عشر سنوات إلى الوراء لأجد أن الحال الآن ليست بأفضل مما كانت عليه قبل خمسة عشر عاماً،‮ ‬فمن أحداث التسعينات إلى أحداث الألفينية وصولاً‮ ‬لعام‮ (‬الفيل‮) ‬هذا،‮ ‬وما تمر به البحرين من أزمة سياسية نسأل الله أن تفرج‮! ‬ كواحد من جيل التسعينات عايشت تلك الفترة والتي‮ ‬استمرت لسنوات طويلة مظلمة وما رافقها من اعتقالات وسقوط شهداء وضحايا،‮ ‬لكن ورغم الوضع الصعب في‮ ‬تلك الحقبة وفي‮ ‬ظل القبضة الأمنية لأمن الدولة فإن الأمور لم تصل للفتنة أو لحدود التصارع والتقاتل والتخوين والتكفير والازدراء وإلغاء الآخر‮!! ‬ إن ما تعيشه الساحة الآن وبحسب أفضل معارفي‮ ‬وأقربهم،‮ ‬فإن هذا التأزيم المفرط لم‮ ‬يُتوقع أن‮ ‬يتحول إلى عاصفة طائفية‮ ‬يتقاتل فيها المجتمع البحريني‮ ‬بمختلف أطيافه وتركيبته الأيديلوجية والثقافية وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة منها في‮ ‬سابقة دخيلة ومؤشر خطير على أن الفتنة لعنها الله إن لم‮ ‬يتم وأدها،‮ ‬ستكبر الفجوة وسيتحول المجتمع المتسامح المتعايش إلى‮ ‬غابة‮ ‬يقتل فيها القوي‮ ‬الضعيف‮. ‬ أقولها بفم مليان وأضع خلف السؤال مليون علامة تعجب‮: ‬إلى أين نفر ونذهب في‮ ‬ذروة استمرار الأوضاع على ما هي‮ ‬عليه؟ وإلى أين نتوجه بمعارفنا وأحبتنا ونحن نتهم بالطائفية في‮ ‬ظل اختلال علاقتنا؟ إلى أي‮ ‬اتجاه وعلى أي‮ ‬مرسى سيحط بنا هذا المركب؟ لنا من الأصدقاء السنة‮ -‬وليعذرني‮ ‬الأخوة على استخدام هذه المفردة‮- ‬ما‮ ‬يربو على العشرات فهل نلغي‮ ‬قوائم أحبتنا ونشّيد فيما بيننا جداراً‮ ‬أطول من‮ ''‬برج المؤيد‮'' ‬في‮ ‬صورة‮ ‬غير معهودة لنرضي‮ ‬هذا الطرف أو ذاك على حساب أخوتنا وصداقاتنا واستمرارية هذا التعايش؟‮!‬ هذا المجتمع المتحاب لم‮ ‬يألف هذه التوصيفات والتسميات من قبل ولن نسمح لأحد أن‮ ‬يرفع شعارات مناوئة تهدف للتفرقة وللطائفية بأي‮ ‬شكل من الأشكال،‮ ‬فالبحرين لم تكن أبداً‮ ‬لطائفة دون أخرى ولم تكن لمذهب دون آخر،‮ ‬وإنما هذا الوطن الصغير‮ ‬يسع الجميع حتى مع من نختلف معهم في‮ ‬الدين واللون والعرق،‮ ‬لا نميز بين آسيوي‮ ‬أو عربي‮ ‬أو هندوسي،‮ ‬إذ إن هذا هو تاريخ البحرين وما نعرفه جيداً،‮ ‬وذلك منذ مئات السنين في‮ ‬ظل التعايش والتقارب بيننا وبين الآخر،‮ ‬وهذه الصورة التي‮ ‬أخذت عن البحرين وشعبها في‮ ‬كل أنحاء العالم،‮ ‬فلا تبتاعوا الوطن ومن فيه في‮ ‬سوق السياسة،‮ ‬لأننا ندرك من هو المستفيد الأول والأخير من وراء هذا الاحتقان،‮ ‬وما تمر به البلاد من أزمات ولمن‮ ‬يحسب ارتفاع معدل الطائفية ولصالح من أن‮ ‬يظل الوضع على ما هو عليه؟‮.‬