لندن ـ خالد الشامي
'لسنوات طويلة كانت تحصل بطريقتها على جائزة او شهادة تقدير محلية او دولية كل اسبوع تقريبا. حتى نلسون مانديلا في قمة مجده لم يحظ بكل هذا التقدير. كانت تشعر انها ملكة مصر بلا منازع، وبالفعل 'اصدرت بوستر قبل فترة بصورتها تتوسط صور الملكات نفرتيتي وحتشبسوت وشجرة الدر' قال مصدر مقرب من سوزان ثابت صالح، زوجة الرئيس السابق حسني مبارك التي تواجه اتهامات خطيرة تتعلق بالاستيلاء على اموال تابعة لمكتبة الاسكندرية، و'اقتناء' قلادة من مجوهرات اسرة محمد علي 'اهداها اليها' وزير الثقافة الاسبق فاروق حسني ووزير الاثار السابق زاهي حواس كما قال بلاغ تحقق فيه النيابة المصرية حاليا.
وقالت انباء ان نيابة الأموال العامة بالاسكندرية استمعت الى إفادات بشأن حصول سوزان على قطعة أثرية مرصعة بالأحجار الكريمة تخص الأميرة سميحة توفيق من الأسرة المالكة السابقة.
وزعم بلاغ للنيابة ان سوزان مبارك كانت تتحكم في نحو مائة وخمسة واربعين مليون دولار تابعة لمكتبة الاسكندرية، التي لا يعلم مديرها شيئا عن هذه الاموال. ونفى بيان صادر عن اسرة الرئيس صحة هذه الاتهامات واكد ان تلك الحسابات كانت تخضع لاشراف العاملين في رئاسة الجمهورية (..).
وكانت سوزان تعتبر المكتبة مشروعها الشخصي منذ نجحت قبل ربع قرن للمرة الاولى في الحصول على اول تمويل لها، وقدره عشرون مليون دولار، من الرئيس السابق لدولة الامارات الشيخ زايد آل نهيان اثناء اجتماع في الاسكندرية لاطلاق المشروع، حضره مبارك والرئيس السابق فرانسوا ميتران الذي اكتفى بالتبرع بعدد من الكتب.
ويبدو ان السيدة الاولى السابقة قد تواجه المزيد من الاتهامات مع تزايد المطالبات بالتحقيق في دورها فيما اصبح يعرف بـ'بيزنس الجمعيات الخيرية'، فقد بعث امس الاول انور عصمت السادات مؤسس حزب الاصلاح ونجل شقيق الرئيس السابق انور السادات برسالة الى المجلس الاعلى للقوات المسلحة قال فيها:
'بعد اكتشافنا مؤخراً فضيحة وجود حساب مالي ورصيد خاص لمكتبة الإسكندرية بإسم السيدة / سوزان مبارك بمبلغ 145 مليون دولار دون علم إدارة المكتبة، أرجو التكرم بإصدار تعليماتكم على وجه السرعة بتعيين لجنة مالية وإدارية للإشراف وحصر الأرصدة المالية والأصول الخاصة ب 1- جمعية جيل المستقبل والتي يرأسها جمال مبارك2- جمعية الرعاية المتكاملة3- جمعية مصر الجديدة 4- حركة سوزان مبارك للسلام، المسجلة بجنيف وسويسرا والحاصلة على موافقة وزارة التضامن الاجتماعي وذلك لحين انتخاب مجلس إدارة جديد لكل من هذه المؤسسات، لنتمكن من معرفة حقيقة وحجم التبرعات الواردة إليهم والجهات المتبرعة وأيضاً بنود المصاريف، وذلك لأنه لم يكن يحدث لأي من هذه المؤسسات أي نوع من أنواع التفتيش المالي والرقابي قبل ذلك، فضلاً عن طائفة المتبرعين المستفيدين من رجال الأعمال العرب والأجانب المتمتعين بمميزات عديدة، الذين اتخذوا التبرع والعمل الخيرى طريقة للاستثمار والتمتع بمزايا عديدة بطرق غير مباشرة'.
والى جانب المنظمات المذكورة فان سوزان هي ايضا رئيسة المجلس القومي للمرأة الذي تم انشاؤه في فبراير 2000، نائبة رئيس الكومست،COMEST ورئيسة الجمعية المصرية للهلال الاحمر، ورئيسة القسم المصري للمجلس الدولي لكتب الشباب، ورئيسة اللجنة المصرية القومية للمرأة ورئيسة المؤتمر القومي الأول والثاني للمرأة في يونيو 1994، وأبريل 1996 ورئيسة مؤسسة متحف التاريخ الطبيعى للأطفال في مصر، والعديد من المنظات الاخرى.
يذكر ان عددا من الصحافيين التحق بـ'حركة سوزان الدولية من اجل ثقافة السلام' التي كانت تعقد اجتماعاتها في دول اوروبية (..) بتكاليف باهظة، وكانوا يحصلون في المقابل على اموال كبيرة، وبين هؤلاء صحافي اصبح له برنامج في التلفزيون مكافأة له على مشاركته فيها.
ويعتقد كثيرون ان السيدة الاولى السابقة كانت تشارك زوجها الحكم عمليا منذ اواخر الثمانينات، عندما جعلته يقيل احدى حكومات رئيس الوزراء الاسبق عاطف صدقي خصيصا لتتمكن من تعيين فاروق حسني وزيرا للثقافة محل احمد هيكل، ومنذ ذلك الحين كان ذلك الوزير خطا احمر رغم ما شهده عهده من كوارث غير مسبوقة في تاريخ الثقافة المصرية.
وحسب رئيس الوزراء الاسبق احمد نظيف فان مبارك قال له عند تكليفه تشكيل الوزارة في العام 2004 'اترك فاروق حسني في مكانه، وباقي الوزراء نتشاور فيهم'.
وكانت وزارة الثقافة ساحة هامة لانشطة سوزان مبارك بدءا من مكتبة الاسكندرية التي كانت صاحبة مشروع اعادة بنائها منذ تدميرها قبل نحو سبعة عشر قرنا، الى مشروع القراءة للجميع، وبناء المكتبات الشعبية، وغيرها من المشاريع التي ضمنت لها ظهورا اعلاميا طاغيا الى جانب تقدير دولي كثيرا ما بدا مصطنعا او ملفقا، لارضاء ولعها بصورتها كسيدة دولة من الطراز العالمي، وربما للحصول على ترشيح من جهة ما لجائزة نوبل للسلام، ناهيك عن تأمين المساعدات المادية السخية خاصة من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي التي كانت تصب في حساباتها الشخصية حسب البلاغات محل التحقيق.
ولا يساور الشك احدا في ان سوزان بمشاركة زكريا عزمي امين رئاسة الجمهورية وجمال عبد العزيز مدير مكتب الرئيس كان الثلاثي الذي عزل مبارك، وقاد جوقة التوريث من وراء ستار طوال السنوات الماضية، بعد ان نجحوا في اقصاء شخصيات ذات مصداقية كانت غير راضية عما يدور في الكواليس. وانها كانت وراء عودة جمال مبارك من لندن حيث كان يدير شركة 'ميدانفست' الى مصر في العام الفين، وبدء مشروع التوريث بدخوله الحزب الوطني، وابتكار منصب امين السياسات ليتولاه.
وفي غضون ذلك بدأت تقارير في الحديث حول شخصية سوزان مبارك من حيث ولعها بصورتها التي تغيرت تماما منذ اصبحت السيدة الاولى قبل ثلاثين عاما، فاصبحت تبدو وهي في السبعين اصغر سنا من صورتها وهي في الاربعين (..)، بعد عدد من عمليات التجميل الواضحة، الى جانب شغفها الكبير بجمع المجوهرات خاصة اثناء زيارتها لدول الخليج واوروبا، وحبها للببغاوات فلديها 3 ببغاوات من النوع الناطق وينادونها باسم 'سوزي ...سوزي' وما زالوا موجودين معها حتى الان.
وحسب قائمة رسمية نشرتها هيئة الاستعلامات الحكومية فان سوزان حصلت على عشرات الجوائز المحلية والدولية خلال السنوات العشر الماضية، ما قد يؤهلها لدخول كتاب غينيس، وهذه عينة منها: حصلت على ميدالية الدرجة الأولى الفخرية للجامعة الألمانية في القاهرة في مارس 2008، ووسام الصليب للجماعة العنقاء، وأعلى وسام يوناني يونيو 2007 ، وجائزة الشيخ راشد للشخصية الإنسانية لسنة 2006، ووسام الدكتور راينر هيلدبراندت سام لحقوق الإنسان في حفل أقيم في برلين في 2006 ، وجائزة أورانج للبذور من الجمعية العامة للجنة الدائمة للشراكة الأورومتوسطية للسلطات المحلية والإقليمية في ايطاليا 2006، وجائزة السيدة العربية الأولى للتنمية مارس 2005، وتكريم من معهد غوته في أكتوبر 2004، وجامعة شتوتغارت آب أغسطس 2004 والأمم المتحدة تموز/ يوليو 2004، وشهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة السوربون يونيو 2004، وجائزة من جامعة جونز هوبكنز يناير 2004، ومفتاح مدينة أثينا، وشهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الامريكية في اسبانيا في فبراير 2000، وجائزة الرابطة الايطالية البحر الأبيض المتوسط في أيلول/سبتمبر 2003.
وتواجه سوزان اتهامات بأن بعض هذه الجوائز كان جزءا من صفقة للبيزنس تشمل تسهيلات للعمل في مصر، او كرد على تبرعات دفعت باسمها من قبل احد رجال الاعمال، كما حدث في لندن قبل عامين عندما تبرع احدهم بمبلغ كبير الى الجمعية الملكية البريطانية، فكان ان اهدتها جائزة عرفانا لها.
فما المصير القانوني تلك الجوائز وما صاحبها من اموال؟ وهل سيشملها التحقيق؟ سؤال قد لا يجد اجابة قريبا.
واذا كان مبارك اخر الفراعنة فان سوزان قد تكون اخر سيدة اولى، تتقمص دور ملكة مصر في حالة 'بارانويا' واضحة، ولا بد انها لا تستطيع معها ان تصدق ما آل اليه حالها وعائلتها الآن.
التعليقات