إياد الدليمي
من شاهد جلسة البرلمان العراقي يوم الخميس الماضي يشعر فعلاً أن هؤلاء المتواجدين، ونقول بعضهم وليس كلهم، ما هم إلا كومبارس, وثلة مرتزقة يؤدون الدور المطلوب منهم، حتى يشعر المرء بالغثيان وهو يستمع لخطبهم العصماء دفاعا عن دماء الشعب البحريني التي تراق من قبل القوات الحكومية والسعودية، وترى كيف أنهم يتلونون ويمثلون الدور ويتناوبون عليه، وترتفع يد هذا وتنخفض يد ذاك وهم يتحدثون عن حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
يخيل لمن لا يعرف هؤلاء أنهم نواب البرلمان السويسري أو النرويجي أو النمساوي، تلك الدول التي يعيش في كنفها المواطن آمنا مطمئنا مسالما، مكفولة له كل الحقوق حتى تلك التي يعتقد مواطننا العربي أنها لا تمنح له إلا في الجنة، لا أن يكون الحديث من نواب في برلمان العراق، القابع تحت الاحتلال، والذي تديره حكومة طائفية مقيتة، اتضح أنها تشرف على عشرات السجون السرية، وأن الكثير من رؤوسها متورطة في عمليات اغتيال وتصفية على الهوية، ومعها أحزاب طائفية مارست على مر سنوات من عمر الاحتلال الأميركي ما تعجز كل آلة القتل والدمار حول العالم عن ممارسته.
بل الأكثر من ذلك أن شخصا مثل إبراهيم الجعفري، الذي كان متألما جدا على ما يجري في البحرين، كان رئيسا للوزراء يوم أن كان هناك أكثر من ألفي عراقي قتلوا على الهوية مطلع عام 2006، بمعية وزير الداخلية آنذاك باقر صولاغ الذي كان يدعو حكومة البحرين لوقف laquo;المجزرةraquo; بحق الشعب، هذا النائب والوزير السابق كانت قواته تقتل العراقيين السنة تحديدا على الهوية، وكانت قوات داخليته تفقأ العيون وتثقب الأجساد بـ laquo;الدريلraquo; الكهربائي وغيرها من الجرائم.
وهنيئا لشعب البحرين بعد أن كسب ود النائب صاحب الأيادي النظيفة الطاهرة أحمد الجلبي الذي طالب حكومة العراق بتخصيص 5 ملايين دولار للشعب البحريني المظلوم على حد قوله، أما النائب خضير الخزاعي، وزير التربية السابق، وواحد من أبرز الوجوه الطائفية، فكان يدعو حكومة المالكي إلى قطع العلاقات مع البحرين بسبب laquo;المجزرةraquo; التي ارتكبتها القوات البحرينية بحق الشعب.
وتعالوا نتحدث عن المجزرة البحرينية، مقارنة بمجزرة هؤلاء الذيول بحق الشعب العراقي، فلقد قتل في البحرين طيلة شهر كامل من الاعتصامات والتظاهرات نحو 12 بحرينيا بينهم 7 من رجال الأمن، وأصيب ما يقارب 60 آخرين, بينما قتل هؤلاء الذيول في يوم واحد، وهو الجمعة 25 فبراير يوم التظاهرات التي عمت العراق، نحو 30 شابا عراقيا وأصيب أكثر من 300 آخرين بجروح.
في العراق تمنع حكومة المالكي التي تصف نفسها بالمنتخبة والوطنية، أي تواجد إعلامي قرب ساحات التظاهر، بينما في البحرين كان التلفزيون ينقل على الهواء عملية تفريق المعتصمين في دوار مجلس التعاون، فعلى من يجب أن يتباكى أولئك الطائفيون المتلونون؟
لم نسمع صوت أحدهم يوم أن قمعت قوات المالكي العراقيين خلال التظاهرات وما زالت، بل إن بعضهم كان يشرف على عملية قمع المتظاهرين، بينما وصف آخرون المتظاهرين بأنهم بقايا النظام السابق، في حين كان لآخرين من هؤلاء الذيول مواقف حقد طائفي ضد المحتجين العراقيين.
ولعل العالم كله شاهد كيف قمعت قوات المالكي المتظاهرين بالعراق أيام الجُمع وما زالت، ولعل جمعة المعتقلين أمس كانت واحدة من تلك الأيام التي ستبقى شاهدا على قمعية ودموية هؤلاء الذيول، فلقد استخدمت قوات خاصة العصي الكهربائية ضد أمهات المعتقلين اللاتي خرجن أمس رافعات صور أبنائهن في المعتقلات والسجون السرية، ناهيك عن الرصاص الحي الذي وجه صوب المتظاهرين في الفلوجة لتفريقهم.
عيب على هؤلاء أن يخرجوا ويقولوا إنهم ممثلون للشعب العراقي، كيف لهم أن يتباكوا على حقوق الإنسان في البحرين وينتهكونها في العراق, كيف لهم أن يطالبوا بالتبرع للشعب البحريني وفي العراق يتناسل الجوع والمرض والفقر والجهل بشكل مخيف, كيف لهم أن يدعوا إلى قطع العلاقات وهم بكل طائفيتهم المقيتة ومجازرهم الكريهة كانوا يطالبون العرب بإعادة العلاقات معهم؟
للأسف إنها رائحة الطائفية النتنة التي سعى هؤلاء الذيول في البرلمان العراقي إلى بعثها من جديد ليتنفسها العراقيون، لعلها تكون لهم مخرجا من أتون نيران الشعب التي بدأت توقد لهم.
إنها نيران الحقد الطائفي الأعمى المدفوع من قبل ساسة إيران، الذين قمعوا شعبهم أبشع قمع، وحرموا على العراقيين الخروج في تظاهرات ضد الحكومة الفاسدة المتورطة بالقتل والتدمير، بينما يدافعون عنها في البحرين ويهددون ويتوعدون.
في العراق ردد المتظاهرون شعارات عدة، لعل أكثر شعار رسخ في أذهان المشاهدين العرب هو laquo;كذاب كذاب كذاب نوري المالكي كذابraquo; وعلى ذلك قس.
التعليقات