الرياض - ياسر الشاذلي

حوارات مبارك السابقة مع laquo; العربيةraquo; كانت ديموقراطية


ساعدت مديرة مكتب قناة laquo;العربيةraquo; في القاهرة الإعلامية رندا أبوالعزم، في القفز بالقناة، نحو المقدمة، وسط قنوات عربية وأجنبية شهدت صراعاً فضائياً شرساً، أثناء تغطيتها أحداث مصر الأخيرة، ونجحت كذلك في تحقيق أكثر من سبق أثناء التغطية، أبرزها إجراؤها حواراً مع رجل الأعمال والسياسي السابق أحمد عز، في وقت تعذر على البقية القيام بذلك، وأخيراً اختيار الرئيس السابق محمد حسني مبارك، لـlaquo;العربيةraquo; لبث كلمته الأخيرة إلى الشعب المصري بشكل حصري، ما طرح عديداً من الأسئلة، عن دور مكتب القناة في القاهرة ودور مديرته في الأحداث التي تمر بها مصر، وهو ما تكشف عنه في حوارها مع laquo;الحياةraquo; ... فإلى التفاصيل.

gt; بحكم تخصصك الأكاديمي laquo;اقتصاد وعلوم سياسيةraquo; والمهني باعتبارك laquo;إعلاميةraquo;، كيف يمكنك قراءة المشهد الإعلامي في مصر الآن؟

- المشهد الإعلامي مرتبك بشدة، ونحن نأسف لقيام صحف قومية عريقة بنشر أخبار لا ترتقي للدقة والصدقية المطلوبة والمتوقعة منها، ونأسف أكثر لأن كثيراً من المذيعين والمذيعات الآن، يقحمون آراءهم الشخصية في كثير من الموضوعات التي يتناولونها، وهو أمر معيب مهنياً، خصوصاً إذا كان هؤلاء يعملون ويظهرون على شاشات التلفزيون الرسمي للدولة، باختصار يمكنني القول إن المعايير المهنية ضاعت الآن وليست واضحة، والصحف القومية المصرية تلونت وتغيرت بين يوم وليلة، وجميعنا يعاني الآن معاناة شديدة، خصوصاً مع غياب المصدر الحقيقي، وبطريقة أو بأخرى لا يمكننا إغفال أننا مثلاً نقرأ 10 أخبار في الصحيفة نفسها من مصادر مختلفة وجميعها متناقضة.

gt; هل تنقل laquo;العربيةraquo; كل أصوات الشارع المصري، أم أن هناك تعمداً لتغييب بعض هذه الأصوات مثل laquo;السلفيينraquo; وlaquo;الإخوان المسلمينraquo;؟

- إطلاقاً الكل ممثل على الشاشة، ونحن استضفنا أكثر من مرة أحد رموز الإخوان المسلمين عصام العريان، ولم يحدث أن منعناهم من الظهور لا قبل الثورة ولا بعدها، كما أن الشيخ محمد حسان كان موجوداً أيضاً في القناة في أول أيام الثورة، فالجميع ممثَّل، وهذه سياسة laquo;العربيةraquo; وهي سياسة أكسبتها الصدقية عند المشاهد المصري الذي لو شعر بانحياز القناة للحظات فسيبتعد عنها سريعاً، لذلك ما زال الخبر المصري على رأس أولويات المشاهد، حتى بعد حدوث ثورات أو أحداث مهمة في أماكن عربية أخرى مثل ليبيا واليمن والبحرين وسورية، وغيرها، لكن الخبر المصري ما زال حتى اللحظة مميزاً ويحتل الصدارة في القناة، لمصداقيتنا في نقله.

gt; ما التغيير الذي تلمسته في التحول بالحراك الإعلامي المصري بعد الثورة، أم أن الأمر ما زال كما كان عليه في السابق؟

- بعض الصحف المصرية المستقلة مثل laquo;الشروقraquo; وlaquo;المصري اليومraquo;، ما زالت محتفظة بخطها التحريري الثابت، وهو خط واضح، أما الصحف القومية laquo;الأهرامraquo; وlaquo;الأخبارraquo; وlaquo;الجمهوريةraquo; فقد ارتبكت وبعضها غير قادر على تناول الشأن المحلي بالصورة المطلوبة، والبعض الآخر تحسن أداؤه، لكن إجمالاً وكما أشرت سابقاً ما زال هناك نوع من عدم الاستقرار في مؤسسات كبيرة في الدولة، أثر في كثير من الأمور ومن بينها الصحافة.

gt; حركة التغيير التي طاولت رؤساء تحرير كثير من الصحف المصرية القومية أخيراً... هل طاولت أدوات هذه الصحف المهنية أم أن التغيير طاول الأسماء فقط؟

- أولاً لا بد من الإشارة هنا إلى أن تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية، له أوجه كثيرة، أهمها أن القارئ لم يكن سيتقبل انتقاداً للنظام السابق، من رئيس تحرير كان يمتدح هذا النظام، وبالتالي فإن عملية التغيير حتمية، حفاظاً على مصداقية هذه الصحف، ثانياً كانت هناك مطالب بالتغيير من داخل المؤسسة ذاتها، وللأمانة فإن كثيراً ممن هم الآن في رئاسة تحرير هذه الصحف يتمتعون بمهنية عالية، أما مسألة تغيير أدوات الصحيفة، وآلية نقلها للخبر فهذا الأمر لم يحدث بعد، لأن خط الصحيفة لا يتغير مباشرة بتغير رئيس التحرير، فالعملية تحتاج إلى بناء كوادر جديدة، وهي مسألة تأخذ وقتاً أطول، لكن المعيار الأهم هو المهنية والكفاءة وهو الأصل في انتقاء هذه الأسماء.

gt; يشهد الإعلام الفضائي المصري الآن كمّاً هائلاً من البرامج الحوارية والخبرية والكل يزعم أنه يمتلك الحقيقة... هل تحولت هذه البرامج إلى ظاهرة، وهل ترين أنها صحية في حضورها أم أن لها مخاطر على المجتمع المصري؟

- البرامج الحوارية كانت كثيفة حتى من قبل قيام الثورة، والمشاهد المصري متعطش لها، لارتفاع نسبة الأمية، بمعنى أن الناس تشاهد أكثر ممّا تقرأ، لذلك أصبحت هذه البرامج هي المصدر الخبري الأول لهم، إضافة إلى أن النظام السابق تلمس تأثيرها في المواطنين فمنحها بعض الحرية، أما اليوم فالبرامج الحوارية والخبرية تأخذ منحى آخر، البعض يتوخى فيه المهنية، والبعض الآخر مع الموجة فقط، وهو أمر يراه البعض أمراً طبيعياً ومطلوباً، لكن في النهاية إذا كانت هناك 10 برامج على سبيل المثال، فلن يبقى منها سوى عدد قليل فقط، وما يسري عليها هو ما يسرى على مصر عموماً.

gt; هل وظفت رندا أبوالعزم نفوذها لإجراء لقاء مطول مع رجل الأعمال والسياسي أحمد عز؟ وهل كانت هناك محاولات لعدم بثه، خصوصاً أن الفترة بين تسجيله وإذاعته شهدت تغييرات مهمة؟

- أولاً ترويج أن لي نفوذاً في القاهرة أمر غير صحيح، لكن يمكن القول إن هناك مثابرة وإصراراً، وهو ما يفرق بين شخص وآخر، وللعلم فقط فإن لقاء أحمد عز كان ضمن 15 شخصية أخرى كنت حريصة على الالتقاء بها، من بينها نائب الرئيس السابق عمر سليمان، وقد طلبت منه اللقاء أكثر من مرة، وفي كل مرة كان يرفض، حتى وافق أخيراً يوم حريق مقار الحزب الوطني الحاكم في كثير من أنحاء مصر، أما كواليس اللقاء فقد اكتشفت من اللحظة الأولى كم هو مرعوب ومذعور ومصدوم، وطلب مني وهذه المعلومة أذكرها للمرة الأولى، ألا أشير إلى مكان اللقاء، قائلاً: laquo;الناس تريد محاكمة أحمد عز وليس قتلهraquo; وقد تجاوبت إنسانياً مع مطلبه، عدا ذلك كان اللقاء صراعاً ذهنياً مجهداً، وكنت في وضع صعب، خوفاً من أن يقود هو الحوار نحو ما يريد، وقد احتديت على مستشارته الإعلامية أثناء التسجيل، وانسحبت، وبعد تشاور طلبت عدم التدخل، ولأن الحوار كان قبل تنحي الرئيس السابق، فبعد خطاب التنحي اتصل بي عز بإلحاح طالباً عدم إذاعة اللقاء، فأخبرته أن الحوار ملك للقناة، والمسؤولون فيها هم الذين يقررون، وقد منحته القناة الوقت الكافي للتعليق والرد، قبل أن يتم تحويله للمحاكمة، بعد إذاعة اللقاء بيومين.

gt; هل كلمة الرئيس السابق مبارك عبر laquo;العربيةraquo; مرت من خلال مكتبكم في القاهرة؟

- لا أعرف عنها شيئاً، ومثلها مثل كلمة أيمن الظواهري التي أذيعت قبل أيام، قد يكون إيصالهما للقناة تم عن طريق وسائل تكنولوجية مختلفة، وللأمانة لم أحاول أن أعرف كيف وصلتا إلى القناة.