حسن التتان

ليس هنالك من وجه في‮ ‬العصر الحديث أشد صلابة وصلافة من وجه السياسة الأمريكية الراهنة،‮ ‬فهي‮ ‬تملك وجهاً‮ ‬لا‮ ‬يراعي‮ ‬المبادئ ولا‮ ‬يكترث بمصالح الأمم والدول والشعوب‮.‬ مشكلتنا مع الأمريكان في‮ ‬كونهم لا‮ ‬يلتزمون بمعايير واضحة وصريحة في‮ ‬سياستهم وتعاملهم الدولي،‮ ‬سواء معنا نحن في‮ ‬الشرق أو حتى في‮ ‬دول الغرب،‮ ‬فالمصلحة الأمريكية مقدمة على مصلحة الله واليسوع،‮ ‬فشعارهم البيِّن الفاقع هو‮ (‬إلا أمريكا‮)!!. ‬لا نختلف أبداً‮ ‬في‮ ‬كون الحكومات والدول تسعى لتحقيق مصالحها ومصالح شعوبها،‮ ‬فهذه هي‮ ‬السياسة،‮ ‬ومن لا‮ ‬يفقه البراغماتية فهو لا‮ ‬يفهم في‮ ‬السياسة شيئاً،‮ ‬لكن مشكلة أمريكا أنها تجاوزت كل الأعراف الدولية والإنسانية،‮ ‬فأخذت منحى خطيراً‮ ‬للغاية حين قامت بملاحقة مصالحها في‮ ‬كل بقاع الأرض بصورة فجة كريهة،‮ ‬حتى لو كان ذلك على حساب وكرامة الشعوب والأنظمة التي‮ ‬تملك سيادتها على أراضيها‮.‬ المشكلة العظمى في‮ ‬أمريكا العظمى أنها تتعامل بازدواجية قبيحة مع الدول العربية والإسلامية قاطبة،‮ ‬فالدولة العدو للولايات المتحدة تنقلب صديقاً‮ ‬حميماً‮ ‬حين تتغير وجهة المصالح المشتركة،‮ ‬والصديق الحميم‮ ‬ينقلب عدواً‮ ‬لها حين تنتفي‮ ‬المصالح معه،‮ ‬وبهذا ليس هنالك من عدو دائماً‮ ‬لها ولا من صديق باقٍ‮ ‬لديها،‮ ‬وبهذا فكلنا في‮ (‬الهوا سوا‮) ‬مع السيدة أمريكا‮. ‬لا تقل إن إيران أو سوريا أو فنزويلا أو كوبا هي‮ ‬دول عدوة لأمريكا،‮ ‬كلا‮.. ‬فحين تتحقق مصالح واشنطن في‮ ‬إحدى عواصم هذه الدول فإنها ستهرول لهم فاتحة أحضانها وسفاراتها،‮ ‬كما عليك أن لا تتفاءل كثيراً‮ ‬عندما تعتقد أن البحرين والسعودية ومصر والمغرب هي‮ ‬الدول الحليفة والصديقة الدائمة لأمريكا،‮ ‬لأنك سوف تكون‮ (‬غلطان‮)‬،‮ ‬لأن تعارض المصالح بين هذه الدول والسياسة الأمريكية لن‮ ‬يبقي‮ ‬الصداقات كما هي‮ ‬عليه‮. ‬مع أمريكا ليس هنالك من دوام،‮ ‬وليس هنالك من دائم‮ (‬إلا وجه الله تعالى‮)‬،‮ ‬فأمريكا تراقب الربيع العربي‮ ‬الدامي‮ ‬من أجل الربيع الأمريكي‮ ‬الوردي،‮ ‬فكل مواقفها الفعلية التي‮ ‬اتخذتها حيال مصر وتونس وليبيا واليمن وحتى البحرين‮ ‬يمثل موقف الكيان الطامع الجشع،‮ ‬موقف الانتهازي‮ ‬الغدار،‮ ‬وإلا كيف تتحول دول تمثل عمقاً‮ ‬استراتيجياً‮ ‬معها لعدو في‮ ‬لحظة واحدة؟ وكيف‮ ‬يتحول العدو إلى صديق حميم؟‮.‬ نطالب أمريكا أن ترسم سياستها وفق مصالحنا قبل مصالحها،‮ ‬وتحترم سيادة الدول والشعوب وتحترم‮ (‬الملح والعيش‮) ‬الذي‮ ‬كان بينها وبين العرب،‮ ‬وإذا لم‮ ‬يكن للعيش والملح قيمة أو طعم فلتحترم النفط الذي‮ ‬من أجله مدت لنا ذراعيها في‮ ‬الغدو والآصال‮.‬ أمريكا مطالبة اليوم أن تجأر بالصديق قبل العدو،‮ ‬وأن تحدد هوية‮ (‬الأعداء‮) ‬قبل أن تصبح منبوذة لدى الجميع،‮ ‬لأننا كلنا أصبحنا نتوجس من الموقف الأمريكي‮ ‬المتحرك وغير الثابت،‮ ‬ذلك الموقف الذي‮ ‬أضرنا ولم‮ ‬ينفعنا في‮ ‬شيء‮.‬ البحرين حكومة وشعباً‮ ‬تطالب أمريكا أن تحدد مواقفها تجاه ما‮ ‬يحدث في‮ ‬البحرين،‮ ‬لا أن تنتظر ما تتمخض عنه الأحداث السياسية لتبتني‮ ‬موقفها الجاهز بعد ذلك‮.. ‬إنها أصبحت لعبة مكشوفة‮ ‬يا واشنطن،‮ ‬أليس كذلك؟‮.‬ ؟ أمريكا‮..‬ إذا أحببتِ‮ ‬مصلحتك‮ ‬يا أمريكا‮.. ‬فنحن نحب مصلحة البحرين أكثر وأكثر