| بيروت - من وسام أبو حرفوش |

إذا كانت laquo;الجمعةraquo; في سورية لـ laquo;التحديraquo;، وفي اليمن laquo;وفاء للجنوبraquo;، وفي ليبيا كـ laquo;كل ايام الاسبوعraquo;، فأي laquo;جمعةraquo; كانت في لبنان؟
انها جمعة laquo;الأفق المسدودraquo;، في تقرير اوساط واسعة الاطلاع. فالبلاد تتوغل في نفق بلا ضوء. وليس ادل على ذلك من دخول مأزق تشكيل الحكومة شهره الرابع، وسط كلام عن laquo;مهل اضافيةraquo; لتفكيك العقد التي تحول دون تمكين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من الخروج بـ laquo;توليفةraquo; حكومية ترضي laquo;حزب اللهraquo; وسورية من دون ان تغضب laquo;نصف اللبنانيينraquo; والمجتمع الدولي.
وثمة من يعتقد في بيروت ان مأزق تشكيل الحكومة ما هو الا رأس جبل الجليد الصاخب من مأزق اكثر عمقاً وlaquo;ضراوةraquo; يواجه لبنان واطراف الصراع فيه مع laquo;كرة ثلجraquo; الاحتجاجات التي بدأت تحاصر النظام في سورية وتجعله في laquo;عين عاصفة فعلية مع تدحرج العقوبات الاميركية فالاوروبية في اتجاه رموزه وتعاظم الادانات الدولية لسلوكه حيال التعاطي مع حركة التظاهرات في المدن السورية.
ورسمت اوساط واسعة الاطلاع في بيروت لـ laquo;الرايraquo; لوحة من laquo;الاحتمالاتraquo; الصعبة قد يواجهها لبنان في ضوء التحديات المتمادية التي تحاصر النظام في سورية. اول الغيث فيها استمرار المأزق الحكومي بسبب وجود اكثر من مقاربة لهذا الملف، تتجاوز في مجملها ما يشاع عن تأخير ناجم عن الخلاف حول laquo;الهوية السياسيةraquo; لوزارة الداخلية وبعض الوزارات الاخرى.
وفي تقدير هذه الاوساط ان laquo;حزب اللهraquo; وسورية يريدان حكومة تنتمي الى عصر ما قبل laquo;الثورات العربيةraquo; وبلوغها laquo;عرين الاسدraquo; في دمشق، الامر الذي لا يجد laquo;النصاب السياسيraquo; الكافي في بيروت لامراره، وهو الامر الذي يفسر الـ laquo;مئة يومraquo; من المراوحة في البحث عن صيغ تسووية لم تر النور.
وذهبت هذه الاوساط الى حد القول ان انشغال الرئيس السوري بـ laquo;الهزةraquo; التي تصيب اوضاعه الداخلية كان من شأنه تخفيف الضغط من ثلاثة مكونات الحكومة laquo;الموعودةraquo; على الاقل، فرئيس الجمهورية ميشال سليمان لم يسلم laquo;توقيعهraquo;، والرئيس ميقاتي laquo;فرملraquo; تنازلاته، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط laquo;يتمايزraquo; مستعيداً laquo;وسطيتهraquo;.
وترجمة هذا laquo;التوصيفraquo; في رأي هذه الاوساط، تعني ان لا حكومة، او اقله لا حكومة لاستكمال ما يوصف في بيروت بـ laquo;الانقلابraquo; السياسي - الدستوري الذي كان قاده laquo;حزب اللهraquo; وسورية واطاح بحكومة laquo;الوحدة الوطنيةraquo; برئاسة سعد الحريري وlaquo;انتزعraquo; اكثرية برلمانية للامساك بالسلطة.
غير ان الاكثر اثارة في كلام تلك الاوساط هو ان laquo;حزب اللهraquo;، صاحب المصلحة الرئيسية في تشكل الحكومة يقارب هذا الملف بـ laquo;حذرraquo; في الوقت الذي تلح سورية على ضرورة قيام حكومة جديدة، حتى لو اضطر الامر تكليف شخصية شبيهة بالنائب العام التمييز السابق القاضي عدنان عضوم.
وفي قراءة لموقف laquo;حزب اللهraquo; واحتمالاته مع التحديات المتزايدة التي يواجهها النظام في سورية. تعتقد الاوساط عينها ان الحزب ربما يكون اكثر براغماتية في تعاطيه مع الداخل اللبناني، على عكس ما يشاع عن انه يتجه الى احكام القبضة على السلطة في البلاد، لاسباب منها:
? معرفة الحزب بان امساكه بالسلطة من شأنه ان يطلق العنان لضربة اسرائيلية مدمرة للحزب وللبنان على حد سواء.
? الاحساس المبكر لدى laquo;حزب اللهraquo; بوطأة الفوضى العارمة والباهظة الاثمان التي بدأت تنفجر بين laquo;يديهraquo;، في اشارة الى التعديات على املاك الدولة في الجنوب والضاحية الجنوبية.
? الخشية من تداعيات الموقف الدولي، الذي بات بـ laquo;المرصادraquo; حيال اي انتهاكات مع الدور المناط بالمحكمة الجنائية الدولية.
لهذه الاسباب وسواها، من غير المستبعد، بحسب الاوساط عينها، ظهور ملامح laquo;تمايزraquo; في الموقفين بين laquo;حزب اللهraquo; والنظام في سورية من القضايا المطروحة في لبنان كلما ازدادت المصاعب امام الرئيس الاسد وحكمه.
ولعل الاهم في هذه المفارقة يكمن في تظهير الابعاد الحقيقية للمأزق الحكومي، رغم الكلام الكثير الذي تلهو به بيروت عن صراع laquo;داحس والغبراءraquo; على حقيبة الداخلية، التي يتم تصويرها كانها laquo;القفل والمفتاحraquo; لولادة الحكومة او عدمها.
وكان ملف تشكيل الحكومة شهد تمديداً لـ laquo;فترة السماحraquo; المعطاة للمفاوضات الصعبة التي تم تجديدها بعد laquo;تجميدraquo; ورقة حكومة laquo;الأمر الواقعraquo; الثلاثينية التي كان الرئيس ميقاتي لوّح باستخدامها لوقف استنزافه ووضع جميع الأفرقاء امام مسؤولياّتهم، وهو الخيار الذي قيل ان laquo;حزب اللهraquo; وزعيم laquo;التيار الوطني الحرraquo; النائب العماد ميشال عون ساهما في طي صفحته عبر رسم laquo;خط أحمرraquo; عريض حوله فيما لم يُبد رئيس البرلمان نبيه بري حماسة له، على عكس ما نقله النائب عقاب صقر (من كتلة الرئيس سعد الحريري) عن رئيس laquo;جبهة النضال الوطنيraquo; النائب وليد جنبلاط من انه زار ميقاتي سراً وlaquo;شجعه على حكومة أمر واقعraquo;.
وجاءت معاودة laquo;ادارة محركاتraquo; الاتصالات بعد تحركات على أكثر من خط كان ابرزها بعد اجتماع ميقاتي برئيس البرلمان اول من امس، استقبال الرئيس المكلف كلاً من النائب جنبلاط ومستشاريْ بري والأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، والنائب السابق ناظم خوري موفداً من رئيس الجمهورية.
وغداة هذا الحِراك، لفت تطوران هما: استقبال الرئيس سليمان قائد الجيش العماد جان قهوجي في اول لقاء بينهما منذ laquo;احتراقraquo; اقتراح قهوجي بتولي العميد بول مطر وزارة الداخلية في اطار laquo;فض المشكلraquo; بين رئيس الجمهورية والعماد عون حول هذه الحقيبة، وهو الاقتراح الذي رفضه سليمان وأثار laquo;نقزتهraquo; من جرّ المؤسسة العسكرية الى اللعبة السياسية، من دون اغفال ان هذا الاقتراح عنى بشكل او بآخر ان زعيم laquo;التيار الحرraquo; هو الذي فاز بـ laquo;الداخليةraquo; بطريقة غير مباشرة باعتبار انه هو وlaquo;حزب اللهraquo; اللذان اقترحا توسيط قائد الجيش، في حين يتمسّك رأس البلاد بان يكون هو مَن يقترح اسماء لهذه الحقيبة على ان يوافق عون على احدها.
كما جاء لقاء سليمان - قهوجي على وقع المعلومات عن ان عون كان سلّم ميقاتي اسمين احدهما وزير حالي مدني والثاني ضابط متقاعد من الجيش اللبناني لتولي الداخلية، في موازاة تقديم رئيس الجمهورية الى الرئيس المكلف عبر موفده ناظم الخوري أفكارا جديدة بشأن هذه الحقيبة لم تُكشف تفاصيلها، علما ان اوساط ميقاتي نقلت عنه ان جهده ينصبّ على البحث عن اسم لشخصية تتولى هذه الوزارة laquo;وتتمتع برضا رئيس الجمهورية والعماد عونraquo;، في حين تحدثت تقارير عن ان البحث يدور حول ثلاثة أسماء يجري التكتّم عليها، لئلا تُحدث انهياراً لـ laquo;الفرصة الأخيرةraquo; ليكون واحد منها وزيراً محايداً للداخلية.
اما التطور الثاني البارز على خط ملف تشكيل الحكومة فتمثّل في استقبال زعيم laquo;التيار الحرraquo; السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي الذي اكتفى بوصف اللقاء بانه laquo;جيدraquo;. واذ لم يفصح علي عن طبيعة الملفات التي بحثها مع عون، فان دوائر مراقبة لم تستبعد ان يكون تشكيل الحكومة ورؤية سورية الى ما يجري في اطار محاولات تأليفها حضر في الاجتماع.
وفي هذه الأثناء، لفت اعلان رئيس مجلس النواب، بعد عبارته الشهيرة laquo;انا بائيس ويائسraquo;، الصوم عن الكلام في الملف الحكومي laquo;سجلوا انني قررت عدم الحديث عن الحكومة، وبالتالي لن تصدر عني أي كلمةraquo;، في حين كشفت معلومات ان بري ابلغ الى العماد عون خلال استقباله اياه يوم الاربعاء ان الوقت لم يعد مفتوحاً أمام حكومة ميقاتي laquo;لان البديل هو عودة سين - سينraquo;، في اشارة الى المبادرة السورية - السعودية حول الوضع اللبناني التي كانت انهارت قبيل اسقاط حكومة الحريري، علماً ان تقارير في صحف قريبة من 8 آذار لم تستبعد ان يكون بري استحضر السين - سين في معرض laquo;تخويفraquo; زعيم laquo;التيار الحرraquo; والضغط عليه بطريقة غير مباشرة على قاعدة ان البديل من افشال ميقاتي قد يكون عودة الحريري الذي يعلم رئيس البرلمان مدى حساسية عون تجاهه.
وفي غمرة هذه الحركة التي لم تستبعد دوائر سياسية ان تبقى laquo;بلا برَكةraquo; في ظل القناعة بان وراء laquo;الأكمةraquo; المحلية جبل تعقيدات اقليمية، لفت اعلان النائب الان عون (من كتلة عون) laquo;ان لا جديد على صعيد تأليف الحكومةraquo;، مشددا على laquo;ان العماد ميشال عون ابدى النية على التوافق من خلال الموافقة على طرح اسم من داخل المؤسسة العسكرية لتولي حقيبة الداخلية، لكن رئيس الجمهورية هو الذي رفضraquo;، ومشدداً على laquo;ان لا بحث جديا حتى الساعة في الحقائب، واذا حلت عقدة حقيبة الداخلية قد تتولد عقد ثانية بذرائع غير حقيقية من اجل اعتبارات قد تكون خارجية اكثر منها داخليةraquo;.