أثارت الزيارة التي قامت بها السفيرة الأميركية لدى لبنان مورا كونيللي إلى النائب نقولا فتوش في مدينة زحلة (البقاع) أمس إستياء أوساط رسمية وسياسية حيث وصفتها بـ quot;التدخل السافرquot; في شؤون لبنان الداخلية.


بيروت: أثارت الزيارة التي قامت بها السفيرة الأميركية لدى لبنان مورا كونيللي إلى النائب نقولا فتوش في مدينة زحلة (البقاع) أمس إستياء أوساط رسمية وسياسية حيث وصفتها بـ quot;التدخل السافرquot; في شؤون لبنان الداخلية، واستدعت تحركاً من وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي، خصوصاً أنها أتت عشية بدء الإستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة في لبنان بعد إعتبار حكومة الرئيس سعد الحريري مستقيلة.

ونظراً لما يشكله موقف فتوش من أهمية على صعيد ترجيح كفة مرشح قوى 14 آذار أو 8 آذار لتشكيل الحكومة العتيدة، بعد أن أظهرت الإحصاءات تعادل الإثنين حتى الساعة، وحاجة كل منهما إلى صوت من هنا وهناك في ظل الغموض الذي يكتنف توجه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بهذا الخصوص.
أكثر المعبرين عن الإنزعاج من حركة السفيرة كونيللي كان رئيس البرلمان نبيه بري الذي وصف زيارتها لفتوش بـquot;الفضيحة المدويةquot; وقال في تصريح له:quot;يقولون لا يوجد تدخل أميركي في شؤون لبنان والمنطقة، على العكس هم يتدخلون في كل شيء من جنوب السودان إلى زحلةquot;. وتساءل quot;ماذا يفعل جون كيري في السودان وتدخله في استفتاء الجنوب، وهذا البلد الذي يتجه نحو الإنفصال والتقسيم؟quot;، وأضاف: quot;إن زيارة كونيللي لفتوش هي الفضيحة المدوية لا بل فضيحة الفضائح. هذه السفيرة تثبت بالقول والفعل أنها تتدخل في الإستشارات النيابية في هذا الشكل السافر والنافرquot;.

وفي حين أمل الرئيس بري من النائب فتوش الذي سبق أن أعلن إنفصاله عن قوى 14 آذار وعدم إلتحاقه بفريق الثامن من آذار، ألا يتخلى بسهولة عن إقتناعاته الوطنية والعودة الى ضميره السياسي والوطني، أخذ قيادي في المعارضة على نائب زحلة سماحه للسفيرة الأميركية بالتحدث معه في موضوع تشكيل الحكومة، وقال لـquot;إيلافquot; إنه كاد الأجدى بالنائب الزحلاوي الذي عرف عنه التمسك بالسيادة والإستقلال والقرار الحر أن ينهر زائرته لتدخلها في شأن داخلي محض، لا أن يعلن في بيانه الذي تلاه بعد إنصراف زائرته من أنه quot;أطلعها على أنه ما زال يجري المشاروات مع أهله وأبناء منطقته من أجل التوصل إلى القرار المناسب الذي يخدم مصلحة لبنان العليا ومصلحة هذه المنطقة تحديداًquot;.

وقد حاولت quot;إيلافquot; الإتصال بفتوش للوقوف على رأيه في ما قاله عنه القيادي المعارض، إلا أنها لم توفق في ذلك حيث أبلغنا بعدم رغبته بالتحدث إلى الإعلام في الوقت الراهن.

وزير الخارجية يستدعي السفيرة

في هذا الاطار استدعى وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي السفيرة كونيللي أمس الى قصر بسترس (مقر وزارة الخارجية)، حيث أبلغها احتجاج لبنان الرسمي على ما قامت به في زحلة وغيرها، مذكراً إياها بمخالفة أصول العمل الديبلوماسي الواردة في إتفاقية فيينا التي تؤكد على تحديد واجبات المبعوثين الديبلوماسيين وعلى مهامهم، وبالتالي في ما يتعلق بأي تصريح سيصدر عن ديبلوماسي أو إتصال هذا المبعوث بأي جهة رسمية يجب أن تكون وزارة الخارجية على علم مسبق به.

وأثارت حركة السفيرة كونيللي التي التقت رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري مساء أمس قضية إعادة ضبط quot;الفلتانquot; السائد في حركة السفراء المعتمدين لدى لبنان خلافاً لما يجري في سائر الدول الاخرى. وقد إقترحت أوساط وزارية ونيابية العودة الى التعميم quot;الصارمquot; الصادر عن وزير الخارجية والمغتربين الأسبق السفير محمود حمود في عهد حكومة الرئيس عمر كرامي الاخيرة في العام 2005 الذي يمنع بموجبه السفراء من الإدلاء بأي تصريح خصوصاً عند زيارتهم إحدى المؤسسات الرسمية والحكومية ما لم يحصلوا على إذن مسبق بذلك.
وتروي مراجع ديبلوماسية في هذا المجال واقعة حصلت في عهد كرامي حيث زاره السفير الفرنسي مهنئاً بتشكيله الحكومة وفوزه بثقة مجلس النواب، إلا أنه وقبيل مغادرته السرايا الحكومية إستأذنه بالتحدث إلى الإعلاميين لافتاً في الوقت نفسه إلى انه سيتناول في كلامه مواضيع اجتماعية تخص المساعدات الفرنسية للبنان فكان له ما أراد. وقد استهل السفير حديثه الى الاعلاميين يومها بالقول quot;أريد أن أوضح بداية أن الرئيس كرامي سمح لي بمخاطبتكم..quot;.

تبقى الاشارة الى ان المعارضة كانت قد اتفقت على تسمية الرئيس كرامي لتشكيل الحكومة في مواجهة الرئيس سعد الحريري مرشح قوى 14 آذار وذلك قبل ارجاء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة والتي كانت مقررة ان تبدأ اليوم الى الاسبوع المقبل.